"إحنا صايمين غطي شعرك".. روايات غير المحجبات عن معاناتهن في نهار رمضان

تحت شعار "الغاية تبرر الوسيلة... إن لم تستر نفسها.. نفضحها"، بهذه الكلمات حلل بعض الأشخاص لأنفسهم الوصايا على المرأة الغير محجبة بل انتهاك حريتها أمام أعين الجميع في نهار شهر رمضان دون خجل، مُعللين ذلك بإفساد صيامهم، وهو ما راءته بعض الفتيات أنه مرضًا نفسيًا يتوجب العلاج.

وبالرغم من أن الإسلام أمر بغض البصر، ولكن ما زال هناك تحرش لفظي بالنساء الغير محجبات بالرغم من هذه التحذيرات دون أي رادع وخشية من غضب الله.

واستمعت "الفجر"، لروايات بعض الفتيات الغير محجبات، ومعاناتهم بالشارع المصري لما تتعرضن له من انتهاك لحرياتهم في شهر رمضان الكريم، من قبيل بعض المسيئين لهم.

"روحي ربنا ينتقم منك غطي شعرك.. احنا في صيام"، كلمات قالها أحد المارة أمام أحد المساجد خلال الأيام الأولى من شهر رمضان، المفترض أنه كان يتوجه لأداء صلاة العشاء لكنه قرر قبل أن يذهب لصلاته أن يلقي هذه الكلمات على "م. ن" أملاً في استفزازها، عقابًا لها لعدم ارتدائها الحجاب.

وبنظرة مليئة بالحزن والخزي من رجال يسيطرون على الشارع بكل حرية دون النظر لحرية الغير تروي "م.ن": " كنت راجعة من عملي الساعة 3 العصر وقت الأذان وقابلني رجل في العقد الرابع من عمره بدء يقول لي حرام عليكم غطوا شعركم على الأقل واحترموا الناس الصايمه"، هذا بخلاف بعض النظرات المستفزة. 

وأضافت أنه عند الاقتراب منها بدأ يردد الاستغفار بشكل هيستري ولو كأنه رأى شيطانًا، مشيرة إلى أن كل ما فعلته هو النظر له باستغراب لكنه لم يبالي لها واستكمل طريقه.

وتستكمل حديثها عقب تعليقاته: "شعرت كأنه رآني ارتكب فاحشة عظيمة في الشارع، في حين لو أراد النصيحة والإرشاد هيكون بالحسنى، لأن الدين يُسر، وليس بهذا الشكل"، لافتة إلى أنها من حقها السير في الشارع بكامل حريتها مثله تماما طالما لا تتعدى على حريته، ومن الممكن أن يغض بصره، معبرة عن أسفها من أن يرى البعض في مجتمعنا المصري المرأة الغير محجبة دائما بشكل غير صحيح وكأنهم ملائكة.

وبسؤالها هل من الممكن ارتداء الحجاب في رمضان بسبب المضايقات التي تتعرض لها بالشارع ولعدم التعرض لتحرش لفظي، قالت بكل ثقة: "قراري بارتداء الحجاب هيكون نابع من داخلي لربي فقط، وليس لبعض السطحيين، وهذا حقي الذي حلله الله لي، وهؤلاء ما هم إلا أشخاص مريضة نفسيًا".

وأفصحت "س. أ"، عن تعرضها لمضايقات من بعض المُلتحين عند مرورها أمام أحد المحال التجارية الخاصة بهم: " اتقى الله احنا في رمضان.. مش عارفة تلمي نفسك الشهر ده"، ناهيك عن "النفخ" ونظراته المسمومة التي كادت تخترق كل جزء في جسدها، وكأنه بهذا التصرف دعاها للطريق السليم بحسب وجهة نظره.

 وعندما وقفت للحديث معه والتعقيب على حديثه الموجه لها، صاح بصوت عالي:" وكمان عندك دم تتكلمي وتوقفي تردي عليا"، متطاولا عليها بيده؛ ولكنها مسكت بها وخلعت حذائها ورفعته عليه إلى أن تجمع بعض المواطنين وانقذه من بين يديها.

واعتبرت "س.أ"، أن ما تتعرض له هي وكل الفتيات الغير محجبات "عنف بّين"، ولابد من قانون رادع له، لاسيما وأن حالات التحرش اللفظي باتت منتشرة بشكل عام، ورؤية الرجل للمرأة الغير مُحجبة يتسبب لكثير من البنات في مشاكل نفسية كثيرة، يكفي الشعور بالعجز أننا نعيش بمجتمع ذكوري بحت له الحق في كل شيء، والمرأة وخاصة الغير محجبة وباء لابد القضاء عليه_ بحسب وصفها.

وتطالب "س. أ"، شيوخ الأوقاف بالتركيز على الدروس الدينية خلال شهر رمضان في المساجد ولو جزء من كل خطبة أثناء قضاء صلاة التراويح، لكي يعوا أن للمرأة حقوق، وأن يوضحوا للجميع أن الدين يُسر وأن نشر الدعوة للحجاب ليست بهذه الطريقة القاسية.

أما "ص. م"، استهلت قصتها بأنها أثناء ذهابها إلى الكلية لأداء امتحانها، في نهار رمضان،  كانت الزحمة تسيطر على عربات مترو الأنفاق، فاضطرت أن تلحق بعربة الرجال وخلال وجودها في عربة الرجال كان يوجد شاب في العقد الثالث من عمره، يتطلع لها بشكل غريب مرددًا بينه وبين نفسه كلمات موجهة لها بشكل غير مسموع، إلى أن وجه حديثه مباشرًا لها، قائلًا:  "احنا في رمضان عاوزين تفطرونا.. وبعدين دي عربة الرجال ايه جايبك هنا.. وكمان ماشية بشعرك، احترموا نفسكم بقى"، مما أثار استفزازها إلى أن بدأت تنظر له بشكل مهان ولكنه لم ينهي  تحرشه اللفظي.

وتستكمل: "الموضوع كبر وبدأ البعض يتفق معه في اللوم والكلمات الجارحة، متهمييني أنني أفسد صيامهم، وبدأوا في نصحي بشكل مهين وعاملوني على أنني شيطان على الأرض، وما عليه سوى أن نظرت لهم نظرات شفقة لتفكيرهم السطحي، ولبعدهم عن الدين الإسلامي".

وكان رد فعلهم هو ارتفاع  نبرات أصواتهم، إلى أن تركت العربة في أول محطة، نظرا لأن هؤلاء لا يفهموا سوى لغة الجهل والنقاش معهم لا فائدة منه، معبرة عن استيائها من التفكير السطحي من قبيل البعض لدى الفتاة الغير محجبة، قائلة: " امتى هنفهم إن كل بني آدم حر"، مشيرة بأصابع الاتهام إلى ضعف التشريع القانوني الذي يعاقب المتحرش.