الإمام "البوصيري".. مادح الرسول الأشهر (فيديو وصور)

محافظات

بوابة الفجر


عندما تخطو بقدميك داخل ساحة مسجد "الإمام البوصيري" بمحافظة الإسكندرية، تسمع أصواتًا صوفية تنشد قصيدة بردة المديح المكتوبة منذ عدة قرون، حيث تحرص الطريقة الصوفية الخاصة بالمسجد على ترديد أجزاء منها في كل يوم جمعة عقب صلاة الظهر مباشرة، وسط تجمع العشرات من الأهالي والمحبين لمدح الرسول الكريم محمد "صلى الله عليه وسلم"، وخاصة لما في قصيدة البردة من مكانة خاصة في نفوس المسلمين والصوفيين بشكل خاص، وذلك بسبب تكملة الرسول أحد أبياتها لإمامهم الصوفي شرف الدين البوصيري.

فمسجد الإمام البوصيري الكائن بميدان المساجد بمنطقة الجمرك بجوار مسجدي المرسي أبو العباس، وسيدي ياقوت العرش، يعد من أحد أهم وأبهى مساجد المحافظة التاريخية والذي يعود بناءه على الطراز العثماني إلى عام 1274ه- 1858م، كما أن طرازه يعبر عن روعة المعمار الإسلامي.

وقد ارتبط قصة المسجد بحياة الإمام شرف الدين أبي عبد الله البوصيري، الذي عاش في الفترة من 1213م - 1295م، وتوفي بمحافظة الإسكندرية، والذي كان شديد المحبة للرسول الكريم، وقد مدحه كثيراً في العديد من القصائد أشهرها "بردة المديح".

ولم يشتهر أحد في المدح النبوي، مثلما اشتهر الإمام البوصيري بالشعر الصوفي في حب رسول الله ومدحه، وقال الشيخ جابر قاسم- وكيل المشيخة العامة للطرق الصوفية بالإسكندرية لـ"الفجر"- اسمه بالكامل سيدي شرف الدين أبو عبد الله محمد بن سعيد بن حماد بن عبد الله بن الصنهاج، ولد 608 هجرياً في الصعيد، ووالده قد كان من بوصير إحدى قرى صعيد مصر، ولذا لقب باسم "البوصيري"، هو ارتبط اسمه بمحافظة الإسكندرية، وقد كان أحد تلاميذ الشيخ أبي العباس المرسي، وقد كان يتميز بالشعر، وكان يقول شعر في مدح النبي، وقد كان أشهر أشعاره البردة واسمها الكواكب الدرية في مدح خير البرية، وأنه من المفارقات الطيبة أنه في أحد الليالي توقف عند أحد الأبيات ولم يكمله ونام، وحلم بالرسول صلى الله عليه وسلم.

وقد قام الرسول بتكملة له بيت الشعر مضيفًا له البيت الشهير "وأنه خير الخلق كله"، وهذا مرتبط بمدحنا عندما نقول، مولانا صلي وسلم دائماً أبدا على خير الخلق كله، كبيت شعر يتم ترديده مع كل الأبيات"، وأضاف: "سيدنا البوصيري كان مصاب بشلل نصفي، فقام الرسول عليه الصلاة والسلام بالمسح على جسده، ثم رجع إلى حالته الطبيعية، وألبسه بردته أو عباءته، لذلك سميت بردة المديح".

وأكمل أن هناك طريقة صوفية خاصة بمسجد"البوصيري" اسمها "القادرية القاسمية"تقوم كل جمعة عقب صلاة الظهر مباشرة بترديد شعر أبيات البردة، كما أن لها كُتيب منتشر، قائلاً: "المسجد كان في الأساس خلوة الأمام البوصيري، وقد كان يتعبد في هذا المكان ويقام فيه الصلاة، وكان يبات في مسطح المسجد، وكتبت على جدران المسجد أبيات شعر البردة على نهج التراث الإسلامي"، منوهاً: "هناك المئات يأتون إلى زيارة ضريح الإمام البوصيري وقراءة الفاتحة وآيات الكرسي والإخلاص، وذلك بهدف التقرب إلى الله وليس لصاحب المقام".

وأشار وكيل مشيخة الطرق الصوفية، إلى أنه لا يوجد أي طريقة صوفية إلا  ارتبطت ببردة البوصيري وأبيات مدح الرسول، وقد كان البوصيري موظف في الجبانات الشرقية بالصعيد، ثم بدأ اعتزال الوظائف والتقرب من الله سبحانه وتعالى، واتربي على أيدي الإمام أبي العباس المرسي، وقد قام بمدحه في قصائده، وقد كان من الفقراء، وكان يدعى الرسول "عليه الصلاة والسلام"- "اللهم أحيني مسكيناً، وأمتني مسكيناً، واحشرني في زمرة المساكين"، وقد كان فقهياً في الدين، وأن هناك العديد من أبناء الطرق الصوفية من المحافظات المختلفة والوفود الماليزية يأتون إلى زيارة المسجد، بصفة دورية.

وتخليداً لبردة المديح للرسول الكريم، فعند دخولك ساحة المسجد، تجد أن الحوائط قد ازدانت بكلمات البردة المكتوبة بالخط الكوفي البارز، كما أنها كتبت على حوائط غرفة الضريح، وقد قُسمت القصيدة إلى 10فصول، والذي لا يخلو مجالس المدح والإنشاد الديني والموالد، كمولد النبي إلا بذكرها، وجاءت في "الغزل وشكوى الغرام"، "التحذير من هوى النفس"، "في مدح النبي صلى الله عليه وسلم"، "في مولده عليه الصلاة والسلام"، "في معجزاته صلى الله عليه وسلم"، "في شرف القرآن ومدحه"، "في إسرائه ومعراجه عليه الصلاة والسلام"، "في جهاد النبي صلى الله عليه وسلم"، "في التوسل برسول الله صلى الله عليه وسلم"، "في المناجاة وعرض الحاجات"، كما ضمت القصيدة المصرية في الصلاة على خير البرية، القصيدة المحمدية.

وقد جاءت أبيات لها: "يارب صل على المختار من مصر.. والأنبياء وجميع الرسل ما ذكروا، وصل رب على الهادي وشيعته.. وصحبه من لطى الدين قد نشروا، وجاهدوا معه في الله واجتهدوا.. وهاجروا وله آووه وقد نصروا، وبينوا الفرض والمسنون واعتصبوا.. لله واعتصموا بالله فانتصروا، أزكى صلاة وأنماها وأشرفها.. يُعطر الكون ريا نشرها العطر، معبوقة بعبيق المسك زاكية.. من طيبها أرجُ الرضوان ينتشرُ".