استقطاب وسجال بين "بو تفليقة" وجهاز الاستخبارات

عربي ودولي

الرئيس الجزائري -
الرئيس الجزائري - أرشيفية


أخذ التعديل الوزاري الرابع، الذي أجراه الرئيس بوتفليقة على حكومة رئيس الوزراء عبدالمالك سلال، بعدا اقتصاديا محضا، ينم عن تحسس السلطة لفشل بعض الوزراء، في تحريك قطاعاتهم لمواجهة تداعيات الأزمة الاقتصادية، بينما لم يتعرض التعديل للأزمة السياسية التي تتخبط فيها البلاد، كما لم يحسم في الخيارات المراد الوصول إليها من أجل خلافة بوتفليقة في قصر المرادية، حيث تستمر حالة الاستقطاب بين أجنحة السلطة من جهة، وبين السلطة ذاتها والمعارضة السياسية من جهة ثانية.

ووفقا للعرب اللندنية، أجرى الرئيس عبدالعزيز بوتفليقة تعديلا حكوميا، أبقى من خلاله على عبدالمالك سلال في منصب رئيس الوزراء، وأطاح بخمسة وزراء اضطلعوا منذ تنصيبهم في حكومة ما بعد العهدة الرئاسية الرابعة، بقطاعات اقتصادية حساسة، على غرار وزير الطاقة صالح خبري، وعمار غول وزير السياحة، ووزير المالية عبدالرحمن بن خالفة، ووزير الفلاحة سيد أحمد فروخي، وهي القطاعات المعول عليها لإيجاد بدائل اقتصادية لثروة النفط، إلى جانب وزير العلاقات مع البرلمان طاهر خاوة.

واللافت في التعديل المعلن عنه من طرف رئاسة الجمهورية السبت، أن بقاء الرجل الأول في حزب جبهة التحرير الوطني الحاكم عمار سعداني، قد غطى على الرؤوس التي أسقطت، حيث سبق للرجل، أن وجه اتهامات صريحة لقطاعات الفلاحة والمالية والبرلمان والطاقة وحتى بنك الجزائر، وجاءت إقالة مدير البنك محمد لكساسي خلال اجتماع مجلس الوزراء المنعقد في بحر الأسبوع الماضي، وتعويضه بمدير بنك الجزائر الخارجي محمد لوكال، ثم الوزراء الخمسة في التعديل الأخير، ليؤكد اليد الطولى لعمار سعداني في سلطة القرار المركزي، ونفوذه القوي داخل مؤسسة الرئاسة، رغم ما يثار حوله من حين إلى آخر.

وكانت الطبقة السياسية تتطلع إلى تغيير حكومي سياسي، من أجل احتواء حالة الانسداد السياسي وشلل مؤسسة الرئاسة، خاصة بعد تعديل الدستور في شهر أغسطس الماضي، ووضع معالم مرحلة انتقالية للمرور إلى شرعية جديدة للمؤسسات، لا سيما في ظل ما تراه بعض الأحزاب والشخصيات المستقلة من حالة الشغور في مؤسسة الرئاسة، وأن الأزمة السياسية والاقتصادية صارت وجهين لعملة واحدة، تتطلب انفتاحا من السلطة على المعارضة، من أجل تحقيق انتقال ديمقراطي سلس وآمن في البلاد.

ويرى مراقبون أن الظروف الاقتصادية وتبعات الأزمة الخانقة، هي التي أجبرت بوتفليقة، على ضخ دماء جديدة في طاقمه الحكومي، بغية إيجاد بدائل تسمح بحلحلة الأزمة، وتجاوز انهيار أسعار النفط وتقلص مداخيل البلاد من العملة الصعبة.

وذكرت مصادر مطلعة لـ”العرب”، أن تأخر التغيير العميق، منذ تعديل الدستور إلى غاية الآن، يعود إلى تمسك العسكر بمواقعه، رغم إزاحة جهاز الاستخبارات وإقالة ضباطه المناوئين للرئيس بوتفليقة، فمنصب وزير الدفاع ببزة وشخصية مدنية، لا يزال محل تجاذب، ففيما يرجح فريق الرئاسة إسداءه للجنرال قايد صالح بعد تخليه عن منصب قيادة أركان الجيش، وتعويضه بجنرال جديد في المنصب، يتمسك قايد صالح بمنصبه في هيئة الأركان، ويتحفظ على الاقتراح المقدم له من طرف جناح الرئاسة.

وتضمن التغيير الحكومي خروج الوزير المخضرم عمار غول من الطاقم الحكومي بعد أكثر من 15 عاما من الخدمة، تنقل خلالها بين عدة قطاعات، وظل طيلة الفترة مواليا للرئيس بوتفليقة، وعوضه وزير الموارد المائية عبدالوهاب نوري، كما عوضت النائبة البرلمانية عن جبهة التحرير الوطني، والمقربة من عمار سعداني، غنية عدالية، طاهر خاوة، في منصب وزير العلاقات مع البرلمان، بعد خلافات جلية بينه وبين عمار سعداني، وصلت إلى حد تأليب الكتلة النيابية لمنعه من دخول البرلمان.

وخلف وزير المالية عبدالرحمان بن خالفة، حاجي بابا عمي في المنصب، وعوض مدير شركة “سونالغاز” الحكومية للكهرباء نور الدين بوطرفة، صالح خبري في وزارة الطاقة، في حين عين شلغم عبدالسلام على رأس وزارة الفلاحة خلفا لسيد أحمد فروخي، وعين بوضياف معتصم وزيرا منتدبا لدى وزير المالية مكلفا بالاقتصاد الرقمي وهو منصب مستحدث في الحكومة.

وفي سياق متصل تم تعيين بوعلام بسايح، وزيرا للدولة مستشارا خاصا وممثلا شخصيا لرئيس الجمهورية، وهو المنصب الذي سبق وأن شغله الأمين العام للحزب الحاكم السابق عبدالعزيز بلخادم، ويبلغ الرجل 86 عاما، مما يطرح أسئلة قوية تتعلق بعامل السن، حول خيارات السلطة في تعيين كوادرها، كما تم دمج وزارتي النقل والأشغال العمومية في حقيبة واحدة، تماشيا مع مخطط التقشف الاقتصادي، ويديرها الوزير بوجمعة طلعي.