السر وراء اختيار "السيسي" تقديم كشف حسابه خلال برنامج تلفزيوني

أخبار مصر

عبدالفتاح السيسي..
عبدالفتاح السيسي.. أرشيفية


قالت صحيفة العرب اللندنية، تضخم أزمة جزيرتي تيران وصنافير ومصرع الشاب الإيطالي جوليو ريجيني والتعامل مع حادث الطائرة الروسية، جاء غالبا بسبب الخلل في طريقة الإدارة، وتعمّد إخفاء بعض الجوانب، وظهر كثيرا في ارتباك عام في دولاب الدولة.

وتابعت الصحيفة خلال تقريرا لها تحت عنوان :" معضلة السير في الاتجاه الخطأ بعد عامين من حكم السيسي"، وشكلت مثلا قضية الجزيرتين تغيرا كبيرا في العلاقة بين الشعب والرئيس المصري، وهو أمر تنبه إليه السيسي جيدا وأفصح عنه بتأكيده على أنه يخشى أن تؤثر كثرة الضغوط على مواقف المصريين، وأصبح لديه هاجس لأي خروج محتمل للجماهير حال تفاقم المشكلات الحالية.

وزادت تلك القضية من الفجوة بين قطاع كبير من الشباب والسيسي، والتي بدأت قبل أن يتولى المسؤولية حينما تم إقرار قانون التظاهر، الذي بموجبه جرى اعتقال العشرات من الشباب، بحجة تظاهرهم دون تصريح رسمي، لكن السياسات اللاحقة أفضت إلى زيادة الفجوة بدلا من ردمها، وتحولت إلى ما يشبه الانفصال، وبدت السلطة في واد والشباب في واد آخر مقابل تقريبا.

يدرك السيسي أن الأمر يحتاج إلى وقفة للمراجعة بشأن العلاقة بين القيادة والشباب لردم المخاطر المترتبة عن الانفصال الكامل بين الطرفين، لكن حتى الآن لم يصل إلى صيغة واضحة للتعامل مع هذا الملف، ربما لأنه لا يعترف بخطورته، ويحاول التقليل منها، ملمحا دوما إلى أن الشباب يقف إلى جواره وهو يؤمن بأهمية دوره، حتى أنه أطلق على العام الجاري (2016) وصف “عام الشباب” كمحاولة لتحويل تصوراته النظرية إلى أرض الواقع.

ويرى محمد السعدني، أستاذ القانون بجامعة الإسكندرية لـ”العرب”، أن الرئيس السيسي يواجه العديد من المشكلات في إدارة الدولة المصرية، بعد أن وجد أمامه تحديات لم يكن يضعها في حسبانه، أهمها الركود الاقتصادي الكبير حاليا، والتعقيد الشديد في القضايا الاجتماعية، والتداخلات الكبيرة في القضايا الأمنية والسياسية، بين الداخل والخارج.

ومع ذلك يمكن القول إن الرئيس المصري يحاول دائما أن يكون هادئا، ما يكشف السر وراء اختياره تقديم كشف حسابه خلال برنامج حواري تلفزيوني أذيع الجمعة الماضي على غالبية القنوات الفضائية، ليعزز ثقته في نفسه وفي شعبه والمستقبل.

وقد علّق سعيد صادق، أستاذ علم الاجتماع السياسي، على هذا الحوار قائلا إنه من الطبيعي بعد فترة زمنية معقولة أن يقدم أي مسؤول كشف حساب بالإنجازات وتبرير الأخطاء أو تجاهلها وشرح التحديات، أي أنه أمر بروتوكولي عادي من أي مسؤول في موقعه. الرئيس الأميركي مثلا يقدم خطاب حالة الاتحاد للكونغرس والأمة يشرح الأوضاع وأجندته التشريعية وأولوياته في العام الجديد وهذا ليس منه بل وفق المادة الثانية من الدستور الأميركي، القسم الثالث وهو تقليد وإلزام ينفذان منذ 1790.

اهتمام وتركيز الرئيس المصري على البنية الأساسية، إحدى العلامات التي قللت من تنفيذ هذه الوعود سريعا، لأنها تنطوي على مشروعات بعيدة الأجل

وأضاف صادق أن الرئيس السيسي جاء بعد ثورتين ووعد وتطوع دون إلزام دستوري عليه بكشف حساب بعد سنتين وهي فترة زمنية كافية للتقييم الموضوعي، وبدلا من خطاب للأمة مكتوب قرر تقديم العرض عبر حوار تلفزيوني هادئ مسجل، وهذا جيد.