في ذكرى رحيل "الشيخ إمام".. حكاية مطرب الثورات (بروفايل)

تقارير وحوارات

الشيخ إمام - أرشيفية
الشيخ إمام - أرشيفية



نسج من عوده تاريخ وطن وحكايات شعب من خلال ألحانه التي تحكي قصة صمود في وجه عدوان 67، وحرية وطن، بل كانت مقطوعاته سببًا في شقائه وسجنه عندما اعترض على الأحكام التي برأت المسؤولين عن هزيمة 67، بالرغم من إصابته في عامه الأول بالرمد؛ ليتسبب الجهل والفقر الذي ساد المجتمع آنذاك بأن يصبح الشيخ إمام محمد عيسي كفيفًا.

نشأته
ولد الشيخ إمام في 2 يوليو عام 1918، في قرية "أبو النمرس" بالجيزة لأسرة فقيرة، أرادته أن يصبح شيخًا من شيوخ الأزهر، لكن الشيخ الصغير أراد لنفسه مستقبلا آخر بسبب ولعه بالغناء والإنشاد الديني والاستماع إلى الإذاعة، ذلك الأمر الذي تسبب في فصله من الجمعية الشرعية، ليقوم والده بعدها بطرده من القرية بأكملها، ليجد إمام الطريق أمامه ليحقق حلمه.

العود رفيق الدرب
بدأ مشواره مع الشيخ درويش الحريري، الذي عكف على تعليمه الموسيقى، ليلتقي في منتصف الثلاثينيات بالشيخ زكريا أحمد، ويقضي معه بعض الوقت ليتعلم من فنه ويكتسب من خبرته، ثم التقى بكامل الحمصاني الذي علمه العزف على العود، تلك الآلة التي أصبحت رفيق دربه طوال حياته.

بداية الحياة السياسية
بدأت مشاركة إمام في الحياة السياسة قبل ثورة يوليو 52، وقتما زاد فساد الملك فاروق والطبقة المسيطرة، فبدأ يغني للناس ضد الجوع والاحتلال والاعتقالات التي تحدث ضد المعارضين، إلا أن نقطة التحول الكبيرة فى حياة الشيخ إمام عام 1962 عندما تعرف على الشاعر أحمد فؤاد نجم، ليعملان سويًا على الاهتمام بالقضايا السياسية التي تشغل بال الشارع المصري.

غضب الرئيس جمال عبد الناصر
غنى الشيخ إمام أغنية "الحمد لله" بعد نكسة يونيو، التي اشتهرت كثيرًا وقتها، لتعبر عن الاحباط واليأس الذي شعر به المصريين في تلك الفترة، بعدما كانت تؤكد وسائل الإعلام التابعة للدولة تقدم قوات الجيش المصري واقترابها من السيطرة على تل أبيب، الأغنية التي أثارت غضب عبد الناصر، فحكم عليه بالسجن المؤبد وتوسط القائد الفلسطيني نايف حواتمة عند عبدالناصر للإفراج عنهما، لكن عبد الناصر رفض ونقل أنه قال له "متتعبش نفسك دول بالذات مش حيطلعوا من المعتقل طالما أنا عايش".

وعقب مرور أقل من عام على خروج إمام بدأت الانتفاضة الطلابية في عام 1972، وكان على علاقة وثيقة بالحركة الطلابية آنذاك، فبدأ بالتضامن معهم، من خلال أغنية الشيخ إمام "رجعوا التلامذة".


عقب استقبال السادات لنيكسون
وفي عام 1974 قرر الرئيس الأمريكي ريتشارد نيكسون زيارة مصر بعد قطع علاقاتها نهائيًا مع الاتحاد السوفيتى، واعتبر الكثير من السياسيين هذه الزيارة اعلانًا لدخول مصر عصر الانفتاح، وأعد الرئيس السادات حينها استقبالاً شعبيًا لنيكسون، حيث قام الألاف من المصريين بالتصفيق لنيكسون والهتاف له، مما أثار غضب إمام فقرر أن يسجل اعتراضه فى أغنية باسم "شرفت يا نيكسون بابا".


اعتقاله مره أخرى
ومع بداية مرحلة الانفتاح الاقتصادي مصر في عام 1976، بدأ فى انتاج الكثير من الأعمال الفنية التي تهاجم سياسات الانفتاح التي عانى منها الشعب المصري، وعلى رأس تلك الأعمال "هما مين واحنا مين"، و"الفول واللحمة، و"شعبان البقال"، الأمر الذي تسبب في اعتقاله من جديد إلا أن الاعتقال لم يستمر سوى عام واحد فقط.

ومع اندلاع الشرارة الأولى لمظاهرات 1977، شارك الشيخ إمام ثورة المتظاهرين من خلال عدد من الأغاني مثل "الجدع جدع"، وأغنية "البشاير"، و"صباح الخير على الورد"، التي مازال تردد مقاطع منها في ميادين مصر حتى يومنا هذا.

منعه من السفر
ظل الشيخ إمام ممنوع من السفر حتى عام 1984، حيث سمحت له السلطات بالسفر إلى الخارج في هذا العام، فقام بإحياء عدة حفلات في باريس، ثم في بيروت حيث شاركًا في احتفالات الحزب الشيوعي اللبنانى، وبعدها شاركا في المؤتمر العالمي للشبيبة في موسكو.

وفاته
توفي الشيخ إمام في هدوء في مثل هذا اليوم الموافق 7 يونيو من عام 1995 تاركاً وراءه أعمالاً فنية نادرة، ظل الجميع يرددها ويحييها حتى الآن.