مبادرة مصرية للتقارب بين السنة والشيعة تصطدم بممارسات إيران
أثار إعلان أحمد كريمة أستاذ الشريعة بجامعة الأزهر الشريف قبل أيام، حصوله على موافقة جهات رسمية مصرية لتأسيس منتدى “ائتلاف الوعي الإسلامي للتقريب بين المذاهب”، جدلا وانقساما بين مؤيد ومعارض للمشروع.
يرى المؤيدون وفقا للعرب اللندنية، أن مبدأ التقارب بين المذاهب أمر إيجابي في ظل القواسم المشتركة بين الشيعة والسنة, وترابطهما ضروري لمواجهة المحاولات التي ترمي إلى تأجيج الصراع، كما أنه من الممكن أن يقطع الطريق على المحاولات الإيرانية لاستغلال الشيعة لمصالحها السياسية في المنطقة العربية.
وفي المقابل توقع المعارضون الفشل، لأن الأوضاع الإقليمية اليوم لا تشجع على إنجاح مشروع تقارب فكري بين المذهبين، وأن ممارسات إيران وتهديدها للأمن القومي الخليجي والعربي عموما يحولان دون التوصل إلى التوافق المطلوب، مؤكدين أنها مبادرة فردية ولن تكون مؤسسية، لأنها قد تهيء التربة لتوغل الفكر الشيعي (الإيراني) في عقول المسلمين.
وذكرت مصادر، أن المنتدى ستنطلق أعماله عقب عيد الفطر وهو مدني مستقل عن الأزهر والأوقاف، وتابع لمؤسسة “التفاؤل” الخاضعة لإشراف وزارة التضامن الاجتماعي، وسيتم عقد جلسة تشاورية في نهاية رمضان لرموز سنية، وأخرى شيعية، يشارك فيها مواطنون من لبنان والعراق وطوائف من الزيدية في اليمن والأباضية في سلطنة عمان، لإزالة الاحتقان الطائفي.
وأشار أحمد كريمة إلى أن مبادرته ليست فردية، وتنطلق وفقا للوائح الدولة المصرية، ومن المتوقع أن يناقش وضع ميثاق شرف بين السنة والشيعة لعدم التصدير المذهبي، فلا تشييع في بلاد السنة، ولا تسنن في بيئات الشيعة أو الأباضية، بالإضافة إلى عدم المساس بآل البيت أو الصحابة الكرام.
وأضاف أستاذ الفقه المقارن في تصريح لـ“العرب” أنه ومعه كثيرون يؤرخون لملف كامل للتقريب بين السنة والشيعة من أوائل القرن الماضي. وتهدف المبادرة إلى التقريب بين المذاهب وتحقيق التعايش بينها ووقف سفك الدماء والقتال لاعتبارات طائفية في العديد من الدول العربية،
بدأت دعوة التقريب بين السنة والشيعة (الإثني عشرية) على وجه الخصوص في مصر عام 1946، ولم يكن من أهداف تلك الدعوة أن يترك أي من السني أو الشيعي مذهبه، بل يتحد الجميع حول الأصول المتفق عليها. وتعد المبادرة الجديدة إحياء لتلك الدعوات الشكلية، لذلك توقع مراقبون أن تلقى مصير المحاولات السابقة التي تبناها الأزهر وفشلت بسبب تصرفات إيران. واكتشف كبار علماء الأزهر أن طهران تستغل عنوان التقريب بين المذاهب لاختراق السنة والترويج ونشر المذهب الشيعي في أوساطها، ولم ينفذ علماء الشيعة ما كانت تقره لجنة التقريب.
تحفظ البعض من علماء الأزهر على أن تتم المبادرة بشكل فردي وطالبوا بأن تكون عبر مؤسسة الأزهر باعتباره المرجعية الدينية للعالم الإسلامي, ورؤوا أن تبني مؤسسة الأزهر لجهود التقارب يعطيها مصداقية ومنهجية ويضمن لها الاستمرارية والنجاح.
اعتبر محمد الشحات الجندي أستاذ الشريعة بالأزهر وعضو مجمع البحوث الإسلامية, أن هناك توافقا بين السنة والشيعة في الأمور الفقهية، والتعارض يكمن في الأمور العقائدية. وأوضح لـ“العرب” أن الطرفين يستطيعان التعايش مع بعضهما في حالة تخلي الشيعة عن الدعوة إلى التشيع، وعدم المساس بالأمن القومي للدول العربية، أو بمعنى أدق عدم توظيف القضية لأغراض سياسية.
لكن علماء دين أكدوا على صعوبة تطبيق دعوة كريمة، ونوه عبد المنعم فؤاد عميد كلية الدراسات الإسلامية، إلى صعوبة التقريب بين الشيعة والسنة في الوقت الحالي، وقال إن من يريد التقرب للشيعة يقول تفاهما وليس تقاربا كالوصول إلى تفاهم للعيش المشترك ومنع الصدام مع احتفاظ كل طرف بمعتقداته.