أصوات اليهود المتعصبين في "غزوة فلوريدا" قد يحسم سباق الرئاسة الأمريكية

عربي ودولي


الطريق إلى البيت الابيض في واشنطن، في الشمال الشرقي، يمر بالساحل في أقصى جنوب شرقي الولايات المتحدة، فهناك تقع ولاية يدللها الامريكيون باسم ولاية الشمس المشرقة.

والمؤشرات كثيرة. منها أن فلوريدا، كما تقول مؤسسة ويسلين ميديا بروجكت Wesleyan Media Project المتخصصة في متابعة دعايات الحملات الانتخابية، هي واحدة من أكبر الولايات الأمريكية التي تستهدفها حملتا مرشحي الرئاسة الديمقراطي باراك أوباما والجمهوري ميت رومني.

ووفقا لبي بي سي العربية, شعار الولاية الرسمي هو في الله نثق ( وهو الشعار المطبوع على الدولار الأمريكي). ويسعى اوباما ورومني إلى كسب ثقة ناخبيها، البالغ عددهم 12 مليون ناخب من اصل عدد سكانها وهو 19 مليون شخص.

حوالي ستة في المائة من هؤلاء يهود، ما يجعلهم ثالث أكبر تجمع يهودي في أمريكا بعد نيويورك وكاليفورنيا.

إيران والصديق الإسرائيلي

وهذا هو أحد أهم الاسباب الرئيسة لاهتمام المرشحين بالولاية، رابعة أكبر الولايات الامريكية من حيث عدد السكان، والتي لها 29 صوتا في المجمع الانتخابي تمثل حوالي 11 في المائة من الـ 270 صوتا المطلوبة للفوز بالرئاسة.

في شمال شرقي ميامي الجنوبية، كبرى مدن فلوريدا والجنوب الشرق الامريكي، تعلق الجالية اليهودية لافتة كبيرة على أحد المباني كتب عليها عبارة لن يسمح الأصدقاء بأن يضرب اصدقاؤهم بالأسلحة النووية ، ومعها صورة لصاروخ إيراني مفترض وهو يضرب الصديقة إسرائيل.

هناك انطباع بين اليهود في فلوريدا بأن الرئيس أوباما ليس متحمسا بما فيه الكفاية لحماية اسرائيل ويشيرون إلى ما يعتبرونه ليونة في التعامل مع إيران وبرنامجها النووي ، يقول البروفيسور آيرا شيسكين، المتخصص في التاريخ والشؤون اليهودية في جامعة ميامي.

في انتخابات عام 2008 صوت أكثر من 74 في المائة من اليهود، كما قال شيسكين لبي بي سي، لصالح أوباما، ويشير إلى أن هوى اليهود في فلوريدا هو مع الديمقراطيين منذ عام 1916.

لغة الدعاية.

غير أن الاتجاهات تغيرت في انتخابات الكونغرس التي جرت عام 2010، أي بعد مرور عامين على فترة رئاسة اوباما الأولى.

فالجمهوريون يسعون لتغيير موقف اليهود، وهو ما انعكس في لغة الحملة الدعاية لرومني من اسرائيل.

وتقول صحيفة لوس انجليس تايمز الجمهوريون يسعون لجذب اصوات الجالية اليهودية الضخمة في جنوب فلوريدا بالهجوم على سياسات اوباما تجاه اسرائيل .

وحققت حملة رومني بعض النجاح، ما سبب قلقا لدى حملة أوباما، الذي فاز بأصوات فلوريدا عام 2008 بفارق 2,8 في المائة عن منافسه جون ماكين.

من المؤكد انه سوف يحصل بعض التحول في أصوات اليهود لصالح الجمهوريين في انتخابات الرئاسة عام 2012 ، حسب اعتقاد البروفيسور شيسكن.

ورغم الحملة الاعلامية التي يشنها تحالف اليهود الجمهوريون على تـأييد أوباما لمطلب العرب بعودة اسرائيل لحدود 1967، فإن استطلاعات الرأي تكشف عن تأخر إسرائيل في قائمة أولويات الناخب اليهودي في فلوريدا.

يقول شيسكن الصوت اليهودي في فلوريدا يهتم باسرائيل، لكن اليهود في هذه الانتخابات مهمومون أكثر بالعدالة الضريبية والرعاية الصحية والقضايا الاحتماعية والتعليم وهذا ما يجلعهم يميلون إلى أوباما .

غير أن شيخوخة الجالية تصب في مصلحة رومني الذي اتهم اوباما بـ التضحية إسرائيل بعد اتخاذه موقفا أكثر صرامة من إيران.

فخمسين في المائة من الجالية فوق سن الخامسة والستين، وهذه الفئة، كما يقول شيسكن، معروفة بتمسكها الراسخ بحماية إسرائيل.

وهذا ما يفسر نجاح الجمهوريين، مثلا، في تعزيز مواقفهم في كونغرس الولاية وفي انتزاعهم منصب حاكم الولاية، وخطف اربعة مقاعد من الديمقراطيين في انتخابات التجديد للكونغرس الامريكي.

وهذا مؤشر واضح على إدراك الجمهوريين لأهمية نجاحهم في غزو أوباما في فلوريدا، أحد معاقله القوية.

ويتوقع شيسكين أنه لو تمكن رومني من جذب بعض أصوات اليهود كبار السن، فإن ذلك قد يحسم الانتخابات .

وهذا ما يعمل عليه تحالف اليهود الجمهوريين الذي أتصل هاتفيا، كما أعلن رسميا ،بـ 450 ألف يهودي وزار أكثر من 100 الف اسرة يهودية في مناطق مختلفة في أرجاء فلوريدا لاقناعهم بالتصويت لرومني.

ويقول مات بروكس، المدير التنفيذي للتحالف تحقيق تحول بنسبة واحد في المائة فقط لرومني في هذه المناطق يمكن أن يكفي للتأثير في النتائج النهائية في هذه الولاية الحاسمة .

ويؤكد قادة التحالف أن تقدم رومني الطفيف، في استطلاعات الرأي، في فلوريدا يمكن ان يتعزز بفعل الصوت اليهودي.

ولتحقيق هذا الهدف يبث التحالف بكثافة إعلانا تلفزيونيا تشارك فيه رينا فرانكلين، الرئيسة السابقة لمجلس الديمقراطيين المؤيدين لاسرائيل.

وتقول رينا، البالغة من العمر 80 عاما، في الاعلان أنها تشعر بقلق على دعم أمريكا لاسرائيل في ظل رئاسة اوباما.

وبصوت متهدج تعبر رينا عن حزنها لأن أوباما زار مصر ولم يزر إسرائيل بعد توليه الرئاسة ، وهذا يعني لها ولمؤيدي اسرائيل في الولايات المتحدة عموما أن العلاقات الاستراتيجية بين أمريكا وإسرائيل لم تعد موجودة .

وتوجه كلامها لكبار السن اليهود قائلة رسالتي إلى اليهود الامريكيين هي أن انضموا الي وغيروا الطرف الذي تؤيدونه وصوتوا لميت رومني كي يفوز بالرئاسة .

في مواجهة هذه الحملة، بثت حملة أوباما إعلانا تلفزيونا يصوره في لقاء مع وزير الدفاع الاسرائيلي ايهود باراك ودينيس روس، مبعوث أمريكا السابق للشرق الاوسط، ويشيد بدعم ادارة أوباما لامن إسرائيل.

غير أن الاستطلاعات تشير إلى أن فريق أوباما لم يستطع المواجهة، فاستطلاعات الرأي تقول إن رومني متوفق عليه بفارق واحد في المائة في فلوريدا.

ويقول شيسكين لن أفاجأ بحدوث تحول قد يصل إلى 5 في المائة من أصوات اليهود من اوباما إلى رومني .

ولعل هذا يفسر سعي الديمقراطيين لتنويع مصادر قوة أوباما، الذي تقول حملته إنها نجحت في انشاء منظمة هائلة استهدفت تشجيع الناخبين على التسجيل وتحميس الناخبين، خاصة من الاقليات.

وهذا ما جعل آشلي وولكر، مديرة حملة أوباما الانتخابية في فلوريدا، تقول باطمئنان لقد غيرنا تركيبة هيئة الناخبين .

يقول سجل فلوريدا الانتخابي إنه منذ 16 عاما، لم تصوت هذه الولاية لمرشح إلا وفاز في برئاسة الولايات المتحدة، وربما لهذا جعلها أوباما ورومني ضمن آخريات الولايات التي يتجولان فيها قبل حلول يوم الحسم بساعات.