جدل بعد عودة حديث السلفيين عن تأسيس "هيئة الأمر بالمعروف".. ومخاوف من إشعال الفتنة
ظهرت في عهد الإخوان واختفت بعد الإطاحة بهم.. متخصصون في الشأن الإسلامي: هدفها نشر الفتنة.. والزعفراني: غير موجودة أصلًا
من جديد عاد الحديث عما يسمي بـ "هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر" التي أسست في عهد جماعة الإخوان المسلمين على يد عدد من الشباب على الفيس بوك، بزعم "نشر أخلاقيات الإسلام بالشارع المصري".
واستند القائمون على هذه الهيئة التي خلقت جدلًا واسعًا إلى الآية: "ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر وأولئك هم المفلحون" صدق الله العظيم.
وظهرت الهيئة مع بدايات 2011 وأخرجوا بيانًا قالوا فيه: "نعلن نحن شباب الدعوة السلفية بمصر عن البدء في إجراءات إنشاء هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، اقتداء بالأراضي المقدسة، كما نعلن أننا غير تابعين لحزب النور تبعية مباشرة، إلا أننا ولكوننا أعضاء بالحزب، نسير على منهج الحزب لأنه الأقرب إلى شريعة الله عز وجل، وقد قمنا بهذه الخطوة اعتمادا على اختيار الغالبية العظمى من الشعب المصري للإسلام ولحكم شريعة المولى عز وجل بعيدا عن الليبرالية العفنة وننوه إلى أن الهيئة غير تابعة لأي حزب كما أننا نرحب بعد تكوين كوادر الهيئة بتسليمها إلى حزب النور لإدارتها".
واستطرد البيان قائلا "ونطمئن الجميع أن الهيئة لن تستخدم أساليب التعنيف والإجبار ولكنها ستعتمد أسلوب الحوار والنصح والإرشاد حتى يمكننا الله من تطبيق شريعته".
وقتها خرج حزب النور السلفي لينفي صلته بصفحة هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وأكد في بيان له "إن الحزب ليس له علاقة بصفحة الفيس بوك المسماة هيئة الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر بمصر.. لذا وجب التنويه".
تشكيل غير قانوني
خلقت "الهيئة" موجة غضب غير مسبوقة واعتبرها البعض تشكيل غير قانوني وهدفها تشويه صورة الإسلام ويمولها أعداء مصر الذين لا يريدون لبلدنا الخير"، فيما شكك البعض الآخر في وجودها من الأساس؛ لكن مع مرور الوقت والإطاحة بجماعة الإخوان المسلمين، اختفت "الهيئة" عن المشهد تمامًا.. وفجأة عاد الحديث عن عودتها ثانية بالتزامن مع شهر رمضان ليتجدد معها الجدل الذي خلقته سابقًا.
الزعفراني: مختلقة وغير موجودة أصلا
خالد الزعفراني، الخبير في شئون الحركات الإسلامية نفى كلية وجود مثل هذه الهيئات، وقال لـ"الفجر": "أرفض التعليق على هذا الأمر؛ لأنه غير موجود نهائيًا بحكم معرفتي وإداركي التام بهذا الأمر"- على حد قوله.
المراكبي: أصحاب الهيئة لا يريدون لمصر الاستقرار والخير
ومن جانبه، أكد الشيخ الدكتور جمال المراكبى، الرئيس العام السابق لجماعة أنصار السنة المحمدية بمصر وعضو مجلس شورى العلماء، أن التشكيل المسمى بـ"هيئة الأمر بالمعروف" غير قانوني ولا يمثل أي فصيل إسلامي، مضيفاً: "لا يوجد أي شخص يعرف صحيح مبادئ الدين الإسلامي يقوم بهذا الغباء والحمق".
وشدد المراكبى، فى تصريح صحفي سابق، على أنه ليس من حق أى شخص أن يقوم بتغيير المنكر بيده، ويزعم أنه الشخص المكلف بالنهى عن المنكر، وتغيير المنكر بيده، مؤكداً أنها هيئة مزعومة ولا أساس لها، ويقف وراءه عناصر تريد تشويه صورة الإسلام، مضيفاً: "هذه الهيئة لا تظهر إلا كلما تقدم المشروع الإسلامى وحاز ثقة الشعب المصرى".
وقال الرئيس العام السابق لجماعة أنصار السنة المحمدية بمصر وعضو مجلس شورى العلماء: "إن هيئة الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر" التى وصفها بـ"المزعومة"، هدفها بث الرعب وإثارة تخويف الشعب المصرى من التيار الإسلامى، مؤكداً أن الأشخاص الذين قلتوا الشاب بالسويس خلال الأيام الماضية وقالوا إنهم أعضاء فى "هيئة الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر"، قتلة ومجرمون ويجب تقديمهم للمحاكمة والقصاص منهم أيا كانوا سواء كانوا مسلمين أو نصارى.
وأوضح المراكبى، أن أصحاب هيئة الأمر بالمعروف وغيرهم لا يريدون لمصر الاستقرار والخير، مضيفاً: "هذه الهيئة غير الحقيقة لا يريد منشئوها الخير لمصر، وهدفهم أن تنتقل مصر من حفرة إلى أخرى"، مطالباً أجهزة الأمن بسرعة القبض عليهم واستجوابهم حتى يكونوا عبرة لمن يقوم بتخويف الناس من التيار الإسلامى، مضيفاً: "نحن مع تغيير المنكر بالقلب وليس بالعنف، ونحن نعلم أن ذلك أضعف الإيمان، ولا يمكن درء المفاسد بكبيرة أكبر من المفسد".
الشهابي: الهيئة ردة عن الدولة المدنية الحديثة
وفي هذا الإطار يقول إبراهيم الشهابي، مدير مركز الجيل للدراسات السياسية والاستراتيجية، إن سعي السلفيين وقيادات الدوة السلفية من جديد لإنشاء الهيئة المزعومة بمثابة ردة عن الدولة المدنية الحديثة، التي تحترم القانون وتعلي من قيم الحريات الفردية خاصة أن مثل هذه المؤسسات تتعارض مع صحيح الدين الإسلامي، الذي حرر علاقة العبد بربه بالإضافة إلي أن مثل هذه الكيانات عند تأسيسها تضع نفسها مكان القانون وتفرض وصيتها على الحريات الشخصية.
وأضاف الشهابي، أن تدشين مثل هذه الكيانات يمكن اعتبارها لمواريث القرون الوسطى في أوروبا التي كانت فيها الكنيسة تفرض وصيتها على المواطنين عبر محاكم التفتيش وكذلك هي امتداد لتجارب موجودة الآن في بلاد كانت ذات تراث قبلي وليس حضاري.
إحداث فتنة بالمجتمع
وبدوره اعتبر أشرف عمارة الباحث السياسي، أن رغبة السلفيين في إنشاء مثل هذه الكيانات الخبيثة هدفها إحداث قتنة وقلائل في المجتمع وجعل أنفسهم أوصياء على العدد من المواطنين والشعب المصري، لان هناك العديد من السلفيين وشيوخ الدعوة السلفية وقياداتها يحللون ما يشاءون ويحرمون ما يشاءون وفقا لأهدافهم ومصالحهم الشخصية.
وفي هذا الشأن جدد عدد من شباب التيار السلفي، من تلامذة محمد حسان، تأسيس حملة جديدة تعرف باسم "حماة الإسلام" ويقودها أحد أبناء الأزهر وهو الشيخ الشاب عبدالرحمن موسى، وتهدف لفرض ما يسمونه الرقابة الشعبية الدينية على الظواهر الاجتماعية، على غرار هيئة "الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر" السعودية.