نادية صالح تكتب: هل أصبحنا مجموعة من الدببة؟!
ودببة جمع دب وهو ذلك الحيوان الطيب الغلبان الذى اتهمه العالم بأنه بطح صاحبه أو قتله واهما ومتوهما أنه يهش من على وجهه ذبابة ظن أنها تقلقه وتمنعه من الاستمتاع بالهدوء والنوم، معقولة؟!
ذبابة.. حشرة صغيرة لاتهش ولاتنش تزعجنا وتوجعنا بل تضحك علينا حتى نتخيل خطرها داهما فتأتى بالطوبة الكبيرة لنخبط صاحبنا وحبيبنا لنحميه من الذبابة فإذا بنا ندميه ونجرحه وربما نودى بحياته!!
ماهذا التفكير المتهور؟! صحيح هذا الذى قالوه لنا؛ من الحب ما قتل وأظنها مقولة صحيحة.. ودليلى على ذلك من أعرفهم شخصيا وتعاملت معهم عبر سنوات طويلة وليس لدى أدنى شك فى صدق نواياهم ووطنيتهم الجارفة وحبهم لبلدنا الذى هو بلدهم أيضا، وأول مثال على ذلك هو د.محمد أبوالغار الطبيب والعالم المصرى المشهود له بالنزاهة والوطنية، كما هو مشهود له بالخبرة العلمية فى الطب وعلوم أمراض النساء والعقم.. المهم.. هو رجل وطنى من الطراز الأول، ولكن حبه من هذا الصنف الذى بدا أنه قد يقتل صاحبه أو يخنقه.. فلماذا يا دكتور أبوالغار وأنت قادر على توصيل كلماتك وآرائك مباشرة إلى المسئولين لماذا تضخم مخاوفك إلى هذا الحد فنحن بلا شك لنا فى وضع يضعك فى كل هذه المخاوف.. لكنه حبك الزيادة الذى يجعلك تخاف كل هذا الخوف وتتوجس وأستطيع أن أتجرأ لأقول تتوهم أن الشباب كله غاضب وأن الآلاف فى السجون، وأن هناك تكميما للأفواه.. أين هذا التكميم يادكتور، وكلماتك وآراؤك تأتينا مكتوبة ونراك ونسمعك - أحيانا- تعبر عنها.. لماذا لم تمنع هذه الآراء؟ بل أنت تقولها جهارا نهارا.. يادكتور.. اسمح لى أن أهديك هذه القاعدة الإعلامية التى تعلمناها لحظة اقترابنا من حقل الإعلام الذى تملؤه الألغام عادة خصوصا هذه الأيام.. وأظنك سمعت عنها، هذه القاعدة تقول: إن ما يقال عبر الإذاعة والتليفزيون لابد أن يختلف عما يكتب فى الصحافة مثلا.. خصوصا إذا ارتفعت نسبة الأمية فى المجتمع، فالإنسان الأمى لا يفهم فهما سليما أو صحيحا كل ما يقال.
أستاذنا الفاضل.. حنانيك علينا ولعلك ناظر إلى المهندس هانى عازر والذى لا أعرفه شخصيا ولم أقابله قط ولكننى حينما استمع إلى كلماته أشعر بالتفاؤل وأظنه فى نفس الموقع تقريبا مع حضرتك بل لعله لم يعش سنوات حياته كلها بيننا فى مصر، بل عاش أغلبها فى ألمانيا كما فهمت، ولكل هذا أنا أضع حضرتك مع المهندس «عازر» فى نفس الخندق ولكن حضرتك تحبنا أكثر ولذلك مخاوفك أكثر وربما اقتربت من مخاوف «الدببة».. د.أبوالغار من فضلك اترك هذه المطرقة ولاتدق بها كثيرا على رؤوسنا فنحن أحوج ما نكون إلى الحنو لننجو جميعا مما يحاك ويحوط بنا.. ولن أكون مبالغة إذا قلت إننى على ثقة من حبك للرئيس السيسى ولمصرنا الغالية ولكن بطريقتك الخاصة والتى ارجو أن تهدئ من حدتها قليلا.. وارجو ألا تزعجك كلماتى هذه لأنك تعرفنى جيدا كما أعرفك وأعرف طيب نواياك، وبعد الدكتور أبوالغار يأتى الدكتور نور الدين فرحات الفقيه القانونى والذى أدعى أننى آراه وطنينا حقوقيا من الطراز الأول، لكنه أيضا يحبنا أكثر من اللازم ويخاف علينا أكثر من اللازم، ولدى شعور بالقرب منه فهو زوج إحدى زميلاتنا الإذاعية «هالة البيلى» وهى إذاعية جديرة بالثقة ووطنيتها مشهود لها.. ولذلك أجد لدى الشجاعة فى مخاطبة الأستاذ الفقيه الدكتور نور الدين فرحات ونطلب منه قليلا من الحنو عن المسئولين ولابد أنه أعلم بطريقهم المليء بالصعاب والهموم حتى لايهربوا ويهرب كل من نستدعيهم لتحمل «مسئولية ما».. حنانيك يادكتور.. بل صبرا جميلا.. ونظرا لضيق المساحة اقتصر على هذين المثالين للدكتور أبوالغار والدكتور نور فرحات..
وأود أن تسمحولى قبل أن أنهى تأملاتى أن أنظر إلى حكاية أو حادثة رجل الأعمال ومؤسس جريدة المصرى اليوم وما تعرض له وكلنا يعرف القصة ويذكرها جيدا، لقد عاد المهندس صلاح دياب وتناسى كل ما جرى واكتفى بما حظي به من حنو من الرأى العام على قضيته ومن اعتذار بعض الجهات له، ثم أخيرا بتبرئته قضائيا من تهمة حيازة السلاح دون ترخيص.. المهم عاد الرجل وقد أنار له وعيه وحبه لوطنه طريقه إلى حضن مصر.. أمنا جميعا ووطننا جميعا الذى واجبنا الصبر عليه دون أن نتحول فى لحظات غضب إلى مجموعة من «الدببة» قد تقتل أو تصيب صاحبها -الذى هو وطنها- لاقدر الله..