آداب الإسلام

إسلاميات

آداب الإسلام
آداب الإسلام


إن للإسلام آداباً وفضائل كثيرة تدخل في كل شأن من شئون الحياة كما تشمل الكبير والصغير ، والرجل والمرأة [ إن النساء شقائق الرجال ] كما قال النبي [ صلي الله عليه وسلم ] فما يطلب من الرجل من أدب يطلب من المرأة ، فإنهما يكونان المجتمع المسلم ، وبهما يعرض الإسلام ويعرف .
وتلك الآداب قد دعا الإسلام إليها ، وحض عليها لتكامل الشخصية المؤمنة ، وتحقق الانسجام بين الناس ، ولا ريب أن التحلي بتلك الآداب والفضائل مما يزيد في جمال سلوك المسلم ، ويعزز محاسنه ، ويحبب شخصيته ، ويدنيه من القلوب والنفوس .
وهذه الآداب المذكورة هنا من لباب الشريعة ومقاصدها ، فليس معني تسميتها [ آداباً ] أنها علي طرف الحياة والسلوك ، يخير الإنسان في فعلها وتركها ، أو الأولي فعلها . 
قال الإمام القرافي في كتابه [ الفروق ] وهو يتحدث عن موقع الأدب ، من العمل ، وبيان أنه مقدم في الرتبة عليه : [ واعلم أن قليلاً من الأدب ، خير من كثير من العمل ، ولذلك قال رويم ــ العالم الصالح ــ لابنه : يا بني اجعل عملك ملحاً ، وأدبك دقيقاً ، أي استكثر من الأدب حتى تكون نسبته في الكثرة نسبة الدقيق إلي الملح ــ في العجين ــ وكثير الأدب مع قليل من العمل الصالح خير من العمل مع قلة الأدب ] .
قلت : وإذا رئي في بعض هذه الآداب شيء من البساطة أو البداهة ، فلا غرابة في التنبيه إليها ، فإن نفراً غير قليل منا ، يقع منه الخطأ في مثل تلك البديهيات ، فيغمز بذلك في شخصيته المسلمة ، التي ينبغي أن تكون متميزة بجمالها وكمالها وسماتها ، كما أرشد إلي ذلك قول سيدنا محمد [ صلي الله عليه وسلم ] وكان معه بعض الصحابة الكرام ، فقال لهم : [ إنكم قادمون علي إخوانكم ، فأحسنوا لباسكم ، وأصلحوا رحالكم ، حتى تكونوا كأنكم شامة في الناس ، فإن الله لا يحب الفحش ولا التفحش ] .
رواه أبو داود والإمام أحمد والحاكم في المستدرك ] عن سهل بن الحنظلية رضي الله عنه .
فينبغي للمسلم أن يعرف أنه مسلم من حسن زيه ، وتناسق هيئته ورواء مظهره ، والله الهادي إلي سواء السبيل . 

1ــ أدب الدخول والخروج من بيتك بالتلطف وحسن التصرف

إذا دخلت دارك أو خرجت منها ، فلا تدفع بالباب دفعاً عنيفاً ، أو تدعه ينغلق لذاته بشدة وعنف ، فإن هذا مناف للطف الإسلام الذي تتشرف بالانتساب إليه ، بل أغلقه بيدك إغلاقاً رقيقاً ، ولعلك سمعت ما روته السيدة عائشة رضي الله عنها من قول رسول الله [ صلي الله عليه وسلم ] : ( إن الرفق لا يكون في شئ إلا زانه ، ولا ينزع من شئ إلا شانه ) رواه مسلم 

2ــ أدب التحية في الدخول والخروج علي أهلك بتحية السلام عليكم

إذا دخلت بيتك أو خرجت منه ، فسلم علي من فيه من أهلك من ذكر أو أنثي بتحية المسلمين وعنوان الإسلام ( السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ) ، ولا تعدل عن هذه التحية إلي غيرها من ( صباح الخير ) أو ( مرحباً ) أو نحوهما ، فإن عدولك عنها إلي غيرها إماتة لها ، وهي شعار الإسلام وعنوان المسلمين الذي رسمه لهم رسول الله [ صلي الله عليه وسلم ] بقوله وفعله ، وعلمه لخادمه الجليل أنس ، قال أنس رضي الله عنه : قال لي رسول الله [ صلي الله عليه وسلم ] : ( يا بني إذا دخلت علي أهلك فسلم يكون بركة عليك وعلي أهلك ) رواه الترمذي 
وقال قتادة أحد أعلام التابعين الفضلاء : إذا دخلت بيتك فسلم علي أهلك فهم أحق من سلمت عليهم .
وقال أبو هريرة رضي الله عنه : قال رسول الله [ صلي الله عليه وسلم ] : ( إذا انتهي أحدكم إلي المجلس فليسلم ، فإذا أراد أن يقوم فليسلم فليست الأولي بأحق من الآخرة ) رواه الترمذي 

3ــ أدب الإشعار لأهل الدار عند الدخول عليهم .

إذا دخلت دارك ، فأشعر من فيها بدخولك قبل وصولك إليهم لئلا يرتاعوا بمفاجأتك ، أو تكون كالمتخون الفاحص لهم 
قال أبو عبيدة عامر بن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه : كان أبي ــ عبد الله بن مسعود ــ إذا دخل الدار استأنس ــ أي أشعر أهلها بما يؤنسهم ــ وتكلم ورفع صوته حتى يستأنسوا .
وقال الإمام أحمد رحمه الله تعالي : إذا دخل الرجل بيته ، استحب له أن يتنحنح أو يحرك نعليه .
قال عبد الله ابن الإمام أحمد : كان أبي إذا دخل ــ أي رجع ــ من المسجد إلي البيت ، يضرب برجله قبل أن يدخل الدار ، حتى يسمع ضرب نعله لدخوله إلي الدار ، وربما تنحنح ليعلم من في الدار بدخوله 
ولهذا جاء في( الصحيحين ) (عن جابر أن رسول الله [ صلي الله عليه وسلم ] نهي أن يطرق الرجل أهله ليلا ) أي يأتيهم ليلا من سفر أو غيره علي غفلة كأنه يتخونهم أو يلتمس عثراتهم .

4ــ أدب استئذان الإنسان علي أهله في داخل بيته :

إذا كان بعض أهلك قاراً في حجرته من دارك ، وأردت الدخول عليه فاستأذن لئلا تراه علي حال لا يحب أو لا تحب أن تراه عليها ، سواء كان من الحلائل أو المحارم أو غيرهم كأمك أو أبيك أو بناتك أو أبنائك 
روي الإمام مالك في ( الموطأ ) عن عطاء بن يسار مرسلاً : أن رجل سأل رسول الله [ صلي الله عليه وسلم ] فقال : أستأذن علي أمي ؟
فقال : نعم
فقال الرجل : إني معها في البيت
فقال رسول الله [ صلي الله عليه وسلم ] : ( استأذن عليها )
فقال الرجل : إني خادمها
فقال رسول الله [ صلي الله عليه وسلم ] : ( استأذن عليها ، أتحب أن تراها عريانة ؟!
قال : لا 
قال : فاستأذن عليها ) .
وجاء رجل إلي عبد الله بن مسعود رضي الله عنه فقال له : استأذن علي أمي ؟
فقال له : ما علي كل أحيانها تحب أن تراها .
وقالت زينب زوجة عبد الله بن مسعود : كان عبد الله إذا جاء من حاجة فانتهي إلي الباب ، تنحنح كراهة أن يهجم منا علي أمر يكرهه .
وفي رواية عند ابن ماجة في آخر كتاب الطب : ( كان عبد الله إذا دخل تنحنح وصوت ) 
وسأل رجل حذيفة بن اليمان رضي الله عنه فقال : استأذن علي أمي ؟
قال : نعم ، إن لم تستأذن عليها رأيت ما تكرهه .
وقال التابعي ابن الصحابي موسي بن طلحة بن عبيد الله رضي الله عنهما : دخلت مع أبي علي أمي ، فدخل وأتبعته فألتفت فدفع في صدري حتى أقعدني علي الأرض !
وقال : أتدخل بغير إذن ؟!
وقال نافع مولي عبد الله بن عمر رضي الله عنهما : كان ابن عمر إذا بلغ بعض ولده الحلم ــ أي مبلغ الرجال ــ عزله ــ أي أفرده عن حجرته فلم يدخل علي ابن عمر إلا بإذن .
وحكي ابن جريج عن عطاء بن أبي رباح ، قال : سألت ابن عباس رضي الله عنه أستأذن علي أختي ؟
قال : نعم 
قلت : إنهما في حجري يعني في بيتي وعهدتي وأنا أمونهما وأنفق عليهما ؟
قال : أتحب أن تراهما عريانتين ؟! ثم قرأ : [ وإذا بلغ الأطفال منكم الحلم فليستأذنوا كما استأذن الذين من قبلهم ] 
قال ابن عباس : فالإذن ــ أي الاستئذان ــ واجب علي الناس كلهم .
وقال ابن مسعود : يستأذن الرجل ولده وأمه وإن كانت عجوزاً ، وأخاه وأخته وأباه .