صدام جديد بين "النواب" والحكومة بعد رفض قانونها لـ "الكسب غير المشروع".. واتهامات لـ"الوزراء" بترقيع القوانين

تقارير وحوارات

مجلس النواب
مجلس النواب


محي الدين: اقترح وجود عقوبة مع إمكانية التصالح وترك الحكم للقضاء
مكي: التصالح وارد ويتوقف على الشروط
أبو شقة: ترقيع القانون مسألة مرفوضة
المرقلي: وزارة العدل ليس لديها علم بمشروع الحكومة عن قانون الكسب غير المشروع
 
 
بعد التخبطات التي حدثت عقب رفض مجلس النواب لتعديلات الحكومة على  قانون الكسب الغير مشروع، والذي أثار جدلاً واسعًا بين القانونين ووزارة العدل أكد البعض، أن قبول الدولة للتصالح أمر مهم حتى تحصل على أموالها، خيرًا من الزج بهم في السجون بشرط أن يرد المتهم كل ما تكسبه من أموال غير مشروعة، ولكن رفضت وزارة العدل التعديل معلنةً عدم علمها بالتعديلات الحكومية.

ورفضت اللجنة التشريعية بمجلس النواب، قانون الحكومة المعدل بشأن الكسب غير المشروع، على أن تتولى اللجنة التشريعية والدستورية إعداد قانون جديد.


تعديل قانون الكسب غير المشروع
وفي السادس من يناير عام 2016، وافق مجلس الوزراء على مشروع قرار بخصوص تعديل بعض أحكام القانون رقم 62 لسنة 1975 بشأن الكسب غير المشروع.

ويتضمن التعديل توسيع فئات الخاضعين لأحكام القانون، لتشمل فئات جديدة لم ترد في القانون الحالي من بين أعضاء مختلف سلطات الدولة ورؤساء الأحزاب والهيئات والمؤسسات العامة والوحدات الاقتصادية التابعة لها، والشركات التي تسهم فيها الدولة والجهات التعاونية وغيرها من الجهات المنصوص عليها، كما تشمل الأشخاص الطبيعية أو الاعتبارية التي ترتكب جريمة منصوص عليها بقانون العقوبات، أو أي قوانين أخرى، بحيث يشمل التجريم كل من يتكسب كسبا غير مشروعا دون قصره على فئة معينة، حتى ولو لم يكونوا من العاملين في الدولة.

ويخضع للقانون مرتكبو جرائم الإرهاب وتمويله أو الانضمام إلى جمعية أو هيئة أو جماعة أو عصابة، وجرائم الرشوة والعدوان على المال العام، سواء كان فاعل أو شريك، وجرائم تهريب أو الاتجار بالسلاح والمخدرات وغسل الأموال وتوظيف الأموال، والذين يحققون من وراء ذلك ثروات طائلة غير مشروعة.
ويعتبر الكسب غير المشروع، هو شكل من أشكال الفساد السياسي، ويتمثل في الاستخدام غير الأخلاقي لسلطة السياسي من أجل تحقيق مكاسب شخصية. وتتمتع معظم الأنظمة الحكومية بقوانين لمنع الكسب غير المشروع، وذلك على الرغم من أن هذا لا يوقف دائمًا الفساد السياسي.

ورصدت" الفجر"، آراء المختصين حول هذا الصدد، والتي جاء أبرزها مؤيدًا للتصالح مع وجود عقوبة حتمية، فضلا عن ترك الحكم للقضاء.

وجود عقوبة مع إمكانية التصالح وترك الحكم للقضاء
في البداية يقول الدكتور محمد محي الدين، أستاذ القانون بجامعة القاهرة، إن قانون الكسب غير المشروع يراعي المصلحة العامة للبلاد ولا يحابى نظام بعينه، فمن وجهة نظر العدالة من أفسد لابد أن يعاقب، أما من وجهة النظر الاقتصادي ترى أن استرداد الأموال أكثر بكثير من حبس المواطنين.

وأوضح "محي الدين"، في تصريح خاص لـ"الفجر"، أن نص القانون على إمكانية الحالين السالفين، ينص على وجود عقوبة للجريمة، وفي نفس الوقت يتم التصالح وترك الأمر لجهة القانون وهي القضاء، بمعنى وجود الحاين مع ترك مساحة للقضاء للحركة يقدر فيها المصلحة العامة أين تقع في القضية التي تعرض عليه لاختلاف حالات الجرائم.

وأشار" محي الدين"، إلى أن القانون يعمل على حصر الأموال التي لا تتوافر فيها شرط الجريمة، ولكن عجز من بحوزته هذه الأموال عن تحديد مصدرها، مضيفًا أن الغرامة عقوبة وفق المشرعين، بالإضافة إلى فرض فوائد على المبلغ المنهوب ورد الأصل خلاف أن كان هناك أموال وعجز من بحوزته هذه الأموال عن إثبات مصدرها ومشروعيتها يتم مصادرتها.

التصالح وارد وتتوقف على الشروط
وبدوره قال المستشار أحمد مكي، وزير العدل الأسبق، إن التصالح في قضايا الكسب الغير مشروع تتوقف على شروط  التصالح، موضحًا أنه لابد أن يكون في الصلح نسبة مضاعفة للمبلغ، لكن أن يقترن شروط التصالح يكون فيها معنى للعقوبة.

وأضاف "مكي"، في تصريح خاص لـ"الفجر"، أن "فلسفة عقوبة قانون الكسب غير المشروع إيجابية ووسع من نطاق التطبيق على الأشخاص الاعتباريين والطبيعيين أي كانت مكانتهم، بالإضافة إلى امتداد القانون إلى التصالح مع أهلية الشخص من زوجته وأولاده القصر".

وأشار "مكي"، إلى أن قبول الدولة التصالح أمر مهم حتى تحصل على أموالها ، مضيفا أن من يقوم برد الأموال متهم أو غير متهم ترجع إلى توافر أدلة، منوهاً إلى أن تعديلات قانون الكسب غير المشروع تهدف إلى إعادة أموال الدولة وقبول طلبات التصالح في جرائم الكسب غير المشروع طالما أن المتهم لا توجد ضده أدلة ولم يصدر حكم نهائي في اتهامه.
 
التصالح حق للجميع.. وهذا لا يعني فتح الباب للفساد
وبدوره قال النائب أحمد الشريف، عضو اللجنة التشريعية بمجلس النواب، إن التصالح حق للجميع وعندما يشرع ليس معناه أنه يفتح الباب أمام الفساد، مضيفًا: "التصالح عودة للنفس ومراجعة للأمر وتغليب المصلحة".

وأضاف "الشريف"، في تصريح خاص لـ"الفجر"، أن  التصالح سيتم وفقًا للقانون وبضوابط محددة ومع وجود عقوبة رادعة، قائلًا: إن لم يكن هناك ردع للعقوبة لا يمكن أن يكون هناك قانون، مشددًا على أن مجلس النواب يعلى المصلحة العامة للبلاد وينظر القوانين ويناقشها بما يخدم مصر وشعبها دون أي شىء آخر.

وأشار الشريف، إلى أن الدولة لن تستفيد شيئاً من حبس المتهم طالما أن أموالها لم تعد إليها وتحقيق الردع يتحقق بالكشف عن كل الأموال التي تحصل عليها الشخص بطرق غير مشروعة أثناء توليه منصب عام أو وظيفة قيادية وإعادة كل هذه الأموال للدولة بنص القانون وذلك في مقابل عدم حبس المتهم.

ضرورة لعدم التخبط
وأضاف إبراهيم عيد، أستاذ العلوم السياسية بجامعة عين شمس، أن تعديل أحكام قانون الكسب غير المشروع ضرورة حتي لا يحدث تخبط مرة أخري كما حدث خلال إعادة أموال الدولة في قضية حسين سالم مطالباً بتشجيع التصالح حتي تحصل الدولة علي حقها ويعود المال العام لخزينة الدولة وشرط التصالح هو إعادة المتهم كل مليم كسبه بطرق غير مشروعة.

وأردف "عيد"، في تصريح خاص لـ"الفجر"، أن تحقيق الردع يتم بكشف جرائم الكسب غير المشروع للمتهم وليس حبسه، لاسيما  أنه قد لا تكون هناك أية أدلة  تجيز حبس المتهم وكذلك قد يكون الشخص المتهم حسن النية وتكسب بطرق غير مشروعة بغير قصد أو بالصدفة بسبب أهمية المكانة والمنصب القيادي الذي يقوم به وطالما لديه نية لإعادة أموال الدولة لا مانع من قبول التصالح.

وطالب" عيد"، بأن يتم وضع بنود في قانون الكسب غير المشروع الجديد تتيح مصادرة أموال الذين حققوا مكاسب غير مشروعة من وظائفهم التي تتيح لهم فرصاً للاستيلاء علي المال العام أو قبول رشاوي وهدايا لإنهاء مصالح المواطنين.

ترقيع القانون مسألة مرفوضة
وقال المستشار بهاء أبو شقة، رئيس تشريعية مجلس النواب، إن مشروع القانون المقدم من الحكومة به كثير من العيوب وإنه يرى أن تعيد اللجنة مشروع القانون للحكومة لكي تقدم مشروع متكامل.

ولفت "أبو شقة"،  إلى أن اللجنة قدمت للحكومة مشروع قانون متكامل أعدته اللجنة العليا للإصلاح التشريعي على مدى تسعة شهور.

وأضاف "أبو شقة"، أن ترقيع القانون مسألة مرفوضة، وتابع قائلا: "نحن أمام قوانين بالية وعقيمة هي في واد ومتطلبات الشعب في واد آخر".

وزارة العدل لا تعلم بمشروع الحكومة لقانون الكسب غير المشروع
في حين أكد المستشار هيثم المرقلي، مساعد وزير العدل، أن الإدارة التشريعية بوزارة العدل لا تعرف شيئا عن مشروع القانون المقدم من الحكومة بشأن الكسب غير المشروع، وأنه تسلمه منذ ساعتين فقط، واكتشف فيه 26 ملحوظة تتعارض مع الدستور.

رفض القانون
وهو ما رفضته اللجنة التشريعية بمجلس النواب مشروع قانون الكسب غير المشروع المقدم من الحكومة، وأن تقوم اللجنة بتقديم مشروع متكامل عن الكسب غير المشروع، الذي أعدته لجنة الإصلاح التشريعي.