قانون مكافحة الجريمة الإلكترونية يدخل «مفرمة» الهجوم

العدد الأسبوعي

بوابة الفجر

■ رغم أن البرلمان لم ينته من مناقشته

أثار مشروع قانون «مكافحة الجريمة الإلكترونية» الذى قدمه النائب اللواء تامر الشهاوى، لمجلس النواب الأسبوع الماضى، حالة من الجدل الشديد فى الأوساط الأمنية والحقوقية رغم عدم انتهاء البرلمان من مناقشته...

الحقوقيون هاجموا القانون واعتبروه أداة لفرض الرقابة على مواقع التواصل الاجتماعى التى تعتبر نافذتهم الوحيدة للتعبير عن آرائهم، فيما وصفه خبراء الأمن بأنه ضرورة ملحة لمواجهة المؤامرات التى يتم التخطيط لها عبر المواقع الإلكترونية، فيما كان لخبراء أمن المعلومات رأى آخر بأن هذا القانون غير كاف لمواجهة الجرائم الإلكترونية.

من جانبه، علق الدكتور محمد الجندى الخبير بمجال الجرائم الإلكترونية وممثل مصر فى منظمة أمن المعلومات الدولية، قائلاً: هذا المشروع جاء متأخراً للغاية فقد سبقنا العديد من الدول العربية فى إصداره لحماية فضائها الإلكترونى مثل السعودية وبعض دول الخليج.

وقال الجندى: هناك العديد من القضايا والجرائم الإلكترونية التى كبدت مصر ملايين الجنيهات، ومع ذلك تتم إحالتها إلى المحكمة الاقتصادية، وتستغرق وقتاً طويلاً دون البت فيها بشكل قاطع، لعدم وجود تشريع يحكم منظومة الجريمة الإلكترونية.

 ما يدلل على ذلك – بحسب كلام الجندي- أنه أثناء الجرد السنوى لأحد البنوك الحكومية، وجد أنه قد سرق منه 10 ملايين جنيه بسبب اختراق أنظمته الإلكترونية، ولم يكتشف الواقعة إلا بعد الجرد، إلى جانب اختراق بعض مواقع الشركات مثل مصر للطيران الذى اعترف مسئولوها بأن الاختراق تم من قبل هاكرز، فضلاً عن اختراق مواقع البنوك والمؤسسات التى كبدت الدولة خسائر تصل إلى مليارات الجنيهات، لافتاً إلى أن الأخطر من ذلك أنها قد تؤدى إلى تسريب بعض المعلومات العسكرية والخاصة بالأمن القومى المصرى ما يهدد البلاد ويعرضها للاختراق».

 وأكد الخبير فى مجال أمن المعلومات ضرورة أن يتضمن مشروع القانون تعريفاً واضحاً لمفهوم الجريمة الإلكترونية من قبل الخبراء والمتخصصين فى هذا المجال حتى يمكن تطبيقه، والأهم من ذلك أن يتضمن بنداً لمعاقبة الأشخاص الأجانب- غير حاملى الجنسية المصرية، الذين يمارسون الاختراق الإلكترونى من خارج مصر.

 وأضاف الجندى: «نحن لم نصنع هذه التكنولوجيا، وبالتالى من الصعب إصدار تشريع خاص بها، والقول بأن العقوبات فى الجرائم الإلكترونية قد تصل إلى الإعدام فى نص التشريع هو «افتكاسة» حكومية، ومن الأفضل أن تطلع اللجان المشرعة على القوانين الخاصة بالجرائم الإلكترونية العاملة بها دول الخارج، وأن تمصرها بما يتوافق مع أهداف واستراتيجيات البلاد وأمنها القومى حتى لا يصبح مجرد قانون به الكثير من الثغرات التى تحول دون تفعيله من قبل الجهات المختصة».

 فيما هاجم الدكتور أحمد مهران مدير مركز القاهرة للدراسات السياسية والقانونية، هذا المشروع، قائلاً: لا يضيف جديداً للقانون المصرى، فهو نسخة كربونية من قانون الإرهاب والذى نص فى المادة 29 منه على تجريم حرية استخدام الإنترنت ووسائل الاتصال المتقدمة فى غير ما يتفق مع أفكار وسياسات النظام، كما تعرض المادة صاحب أى رأى مخالف على مواقع التواصل الاجتماعى للسجن ما لا يقل عن 5 سنوات.

وفى المادة «46» يعطى النيابة الحق فى مراقبة وتسجيل المحادثات والرسائل، ووسائل الاتصال السلكية واللاسلكية، وشبكات الاتصال والمعلومات والمواقع الإلكترونية  بكل الصور والأجهزة الأمنية حماية للأمن القومى، فضلاً عن المادة «16» من قانون الجريمة الإلكترونية، تنص على  السجن المشدد لكل من أنشأ أو استخدم موقعاً إلكترونياً أو شبكة من شبكات التواصل الاجتماعى بهدف إنشاء عصابة إرهابية أو تمويل لأفكار متطرفة.

 وأضاف: هذا التشريع هدفه قطع كل ألسنة المعارضة بزعم أنها تمس الأمن القومى، موضحاً أن قانون الجريمة الإلكترونية لا يختلف عن قانون الإرهاب، متابعاً: الأفضل من ذلك إصدار قانون حرية تداول المعلومات، ووضع مفاهيم محددة لمصطلحات الأمن القومى والإرهاب.

جدير بالذكر، أن المشروع الجديد يتضمن تجريم الممارسات الإلكترونية المجرمة التى لا توجد بنود تجرمها فى القانون المصرى، منها التزوير الإلكترونى وإنشاء مواقع للتشجيع على الإرهاب أو نقل المعلومات، وتتراوح العقوبات من السجن شهراً حتى الإعدام، فى حالة الجرائم الإلكترونية التى يترتب عليها وفاة شخص أو أشخاص أو تهديد الأمن القومى والسلم الاجتماعى، إضافة إلى عقوبات الاختراق الإلكترونى والتزوير وغيرها من الجرائم، كما ينص القانون على عقوبات بحجب مواقع أو إلغاء تراخيصها بأحكام قضائية.