د. بهاء حلمى يكتب: الصحافة الإلكترونية بين سندان الممارسة ومطرقة القانون

مقالات الرأي

د. بهاء حلمى - صورة
د. بهاء حلمى - صورة أرشيفية


دخلت مصر عالم الثورة الرقمية من أوسع أبوابه، وأضحى المواطن المصرى من أكثر مستعملى الشبكة العنكبوتية فى العالم، وتشير إحصاءات وزارة الاتصالات إلى أن عدد مستخدمى الإنترنت فى مصر تجاوز الخمسين مليونًا، ويُشير تقرير اقتصاد المعرفة العربى 2015 - 2016 إلى أن معدلات استخدام شبكة الانترنت ستسجل ارتفاعًا إلى نسبة 55٪ بحلول العام 2018 مقارنة بـ37.5٪ خلال 2014.

وقد أدى ذلك إلى انتعاش الصحافة الإلكترونية، وظهور العديد من المؤسسات الإعلامية الإلكترونية التى تضم منابر عدة مثل «جريدة ورقية وموقعًا إلكترونيًا ومجلة أسبوعية وأخرى رياضية، ومجلة فكرية، وخاصة بالسيارات أو مجلة نسائية إلخ»، وقد تحولت نسبة كبيرة من القراء إلى متصفحين وتحول الصحفى المهنى إلى صحفى مواطن، ويكفى كتابة عبارة جريدة على محركات البحث لتظهر لك آلاف الصحف الإلكترونية ومنها الجرائد الورقية التى يتم نشرها فى صغية إلكترونية بعد الانتهاء من عملية التوزيع والبيع. وبالنظر إلى مفهوم الصحافة الإلكترونية التى تعتمد على الشبكة العنكبوتية كوسيط بينها وبين المتصفح مقارنة بالصحافة الورقية يبدو الأمر مثار جدل، لأن الصحافة الإلكترونية تشارك الإعلام التقليدى فى المفهوم والمبادئ العامة والأهداف، وتختلف فى الوسيلة لتوصيل المضمون بشكل مميز ومؤثر وربما يكون بأسلوب أكثر تفاعلية مع المتصفح.

ويتحمل الصحفى الإلكترونى المسئولية القانونية عن ممارسته المهنية فى إطار الجريدة الإلكترونية التى يعمل بها، وعليه الالتزام بالقوانين الوطنية من دون أى مسئولية على الجريدة الإلكترونية لعدم وجود إطار قانونى ينظم عملها، ويُعد هذا اختلالاً وعدم توازن بين الحقوق والواجبات، ينتج عنه تهديد الصحفيين بمطرقة القانون فى الجرائم بقانون العقوبات المصرى، إن تحمل الواجب يفرض التمتع بالحق أولاً.

لقد نصت المادة 70 من الدستور المصرى 2014 على أن «حرية الصحافة والطباعة والنشر الورقى والمرئى والمسموع والالكترونى مكفولة، وللمصريين من أشخاص طبيعية أو اعتبارية، عامة أو خاصة، حق ملكية وإصدار الصحف وإنشاء وسائل الإعلام المرئية والمسموعة ووسائل الإعلام الرقمى، وتصدر الصحف بمجرد الإخطار على النحو الذى ينظمه القانون، وينظم القانون إجراءات إنشاء وتملك محطات البث الإذاعى والمرئى والصحف الإلكترونية.

ونصت الفقرة الثانية من المادة 77 من الدستور على ألا تنشأ لتنظيم المهنة سوى نقابة واحدة.

مفاد ذلك أنه يتعين إصدار تشريع جديد للإعلام والصحافة بأشكالها المختلفة بما فيها الصحافة الإلكترونية تنفيذًا لأحكام الدستور، وأسوة بالدول التى سبقتنا فى هذا الاتجاه مثل قانون النشر الإلكترونى فى الكويت، وتنظيم أوضاع الصحافة الإلكترونية بالمغرب، وتولى وزارة الثقافة والإعلام بالسعودية تنظيم وإصدار الصحف الإلكترونية.

وقد تثير دعوتنا لتنظيم الصحافة الإلكترونية حفيظة نشطاء المنتديات والمدونات والصحف الإلكترونية، وكذا نشطاء المواقع الإلكترونية وشبكات الإعلام الاجتماعى ما قد يدعوهم لتوجيه الاتهامات بالسعى للسيطرة على فضاء الإنترنت وتقييد الحريات الإعلامية. ونود أن نُشير إلى أن المطالبة بتنظيم الصحافة الإلكترونية وإصدار الصحف وقيد الصحفيين الذين يعملون بها بنقابة الصحفيين لا يعنى المطالبة بتقييدها، بل يعنى الحماية الدستورية والقانونية للصحافة الإلكترونية والعاملين بها، والتزامهم بواجباتهم وحقوقهم ومسئولياتهم وميثاق الشرف الصحفى، إضافة إلى مسئولية النقابة عن تأهيلهم وشمولهم بالدعم الفنى والتقنى، ووضع ضوابط لفحص الشكاوى ضد أى منهم والدفاع عنهم. ولا تدخل مواقع التواصل الاجتماعى وما يتم فيها من أنشطة معلوماتية ضمن الصحافة الإلكترونية فهى أنشطة تخضع لقانون العقوبات وتخرج عن نطاق الصحافة الإلكترونية.