تعديلات فى قانون البنوك تجذب 15 مليار دولار لمصر

العدد الأسبوعي

بوابة الفجر


الاقتراحات أمام «المركزى» لدراستها

لم يعد البنك المركزى، قادراً على إدارة السوق المصرفية، من خلال قانون البنوك الحالى، المؤسسة المصرفية من معالجة مشكلات القطاع، حيث يسمح القانون بتأسيس مؤسسات بنكية أجنبية، برأس مال يقدر بـ500 مليون جنيه فقط، ويفتقد أيضاً لمواد تضبط عمل شركات الصرافة، ولا يستطيع منع الجماعات الإرهابية من تلقى وإرسال الأموال عبر البنوك.

ويجرى حالياً فى أروقة القطاع، حوارات لوضع تعديلات جديدة للقانون الحالى وإرسالها إلى مجلس الوزراء، الذى يرسلها بدوره إلى مجلس النواب، تمهيداً لإقرارها فى أقرب وقت، حيث تضم المقترحات مواداً تساعد فى تنشيط الاقتصاد بجذب نحو 15 مليار دولار إلى القطاع، فضلاً عن مواد لدعم الشركات المتعثرة، وتسريع الفصل فى القضايا الاقتصادية.

تعود بداية محاولات تعديل قانون البنوك إلى مايو 2011، حيث كان الدكتور زياد بهاء الدين، يتولى منصب رئيس لجنة تعديل قانون البنوك رقم 88 لسنة 2003، والمتعلق بالحوكمة وتعارض المصالح وتدعيم السلطات الرقابية للبنك المركزى، ولم تتح الظروف السياسية المضطربة، وقتئذ، للجنة الفرصة الإجراء التعديلات المطلوبة على القانون.

لكن اللجنة أنجزت تعديلين مهمين، أولهما تعديل تكوين مجلس إدارة البنك المركزى، والثانى تطبيق مبدأ عدم تضارب المصالح، فى تشكيله وهو ما طبقه البنك المركزى بالفعل قبل أن يصدر الرئيس المؤقت عدلى منصور، قراراً بقانون تعارض المصالح الخاص بالمسئولين فى الدولة.

وفتحت القرارات الجدلية التى اتخذها طارق عامر، محافظ البنك، الباب أمام الأصوات التى تنادى بتعديل قانون البنوك، مجدداً، لمواكبة التطورات بعد 13 عاماً على صدوره خاصة بعد قرار البنك الذى أثار عاصفة من الغضب بحظر بقاء الرؤساء التنفيذيين للبنوك فى مناصبهم أكثر من 9 سنوات.

ولم يكذب البنك المركزى خبراً، وأكد جمال نجم، نائب محافظ البنك، على هامش اجتماع مجلس الخدمات المالية الإسلامية، أنه يجرى إعادة النظر فى قانون البنوك لتحديد احتياجات المرحلة الحالية رافضاً الكشف عن جدول زمنى محدد للانتهاء من الدراسة.

وخاطبت اللجنة القانونية باتحاد البنوك، الإدارات القانونية فى البنوك لحصر أهم العوائق التى تواجه القطاع المصرفى وإرسال مذكرة بها، للبنك المركزى، للاطلاع عليها تمهيداً لطلب إجراء تعديل للقانون فى مجلس النواب خلال الثلاثة شهور المقبلة، وقدم عدد من البنوك على رأسها، الأهلى ومصر والقاهرة والإسكندرية، والتجارى الدولى، مقترحات لتعديل قانون البنوك، للبنك المركزى، تمهيداً لرفع أهم التعديلات المقترحة للبرلمان.

وحسب مقترحات اللجنة القانونية لاتحاد البنوك، فإنه سيتم إضافة مادة تسمح لمجلس إدارة البنك المركزى بنقل وحفظ وتأمين وثائق البنوك على دعامات إلكترونية، ويكون لها ذات الحجة القانونية للوثائق الأصلية.

ومن التعديلات التشريعية المقترحة، منع تداخل بعض الجهات ذات الديون السيادية مثل: مصلحة الضرائب والجمارك وشركات الكهرباء والمؤسسات العمالية، لتحصيل ديونها الممتازة من المصانع الخاسرة، فى حال دعم البنوك لهذه الجهات ما يضيع قيمة الدعم المصرفى الذى قد تقدمه البنوك للمصانع والمشروعات المتعثرة، وذلك من خلال إجراء تعديل تشريعى يضمن تأجيل جميع الجهات مديونيتها السيادية لإتاحة الفرصة أمام البنوك للمشاركة فى خطة دعم المؤسسات المتعثرة فى قطاعى السياحة والصناعة على سبيل المثال.

وتتضمن التعديلات الجديدة التى اقترحها الاتحاد، نصوصاً خاصة بالمحكمة الاقتصادية، بهدف سرعة الفصل فى القضايا الاقتصادية وحسم اختلافات الرؤى بين البنوك والمحاكم مثل إغلاق الحساب وطريقة احتساب العائد وتوقيت رفع الدعوى، فضلاً عن وجود فترة انتقالية لا تقل عن 5 سنوات، لمنح البنوك فرصة لاسترداد أموالها من الكيانات التى تحتاج ضخ تمويل لتعود مجدداً للإنتاج.

وتشمل المقترحات أيضاً، تحفيز البنوك لدعم عملائها من صغار وكبار المستثمرين وضرورة التيسير على المتعثرين منهم ودعمهم.

وقدمت بعض الإدارات القانونية بالبنوك، مجموعة مقترحات، منها تعديل المادة 78 من القانون والتى تنص على أنه على البنك إرسال كشف حساب للعميل كل 3 شهور، لتتم إضافة أنه حال عدم رد العميل أو موافقته على الأرصدة، فإنه لا يجوز إنكارها.

كما تم اقتراح إضافة مادة تنص على أنه لا يجوز إقامة دعوى إشهار إفلاس أو اتخاذ إجراءات تصفية اتفاقية أو قضائية، لأى بنك أو فرع أجنبى إلا بعد موافقة مجلس إدارة البنك المركزى كتابياً وذلك لحماية أموال المودعين، فضلاً عن مادة تنص على معاقبة كل من تعامل بالنقد خارج البنوك أو شركات الصرافة.

ويرى الدكتور هشام إبراهيم، الخبير المصرفى، أستاذ التمويل والبنوك بجامعة القاهرة، أنه يجب أن تحسم تعديلات قانون البنوك الجدل الدائر حول فترة تولى رئيس مجلس الإدارة أو الرئيس التنفيذى لأى بنك وذلك بأن ينص القانون على المدة بوضوح، ودون ترك مجال للتفسيرات، لأن القانون الحالى يمنح البنك المركزى سلطة الإشراف والرقابة على البنوك بما فيها إدارة الوحدات المصرفية.

وقال إبراهيم، إن هناك تعديلات كثيرة يمكن إدخالها على القانون وتضيف للقطاع المصرفى من 10 لـ 15 مليار دولار، والأهم فى التعديلات هو تنظيم سوق الصرف قبل الرقابة عليها، ووضع قواعد صارمة لإنشاء شركات الصرافة حتى تنتهى ظاهرة أكشاك الصرافة الصغيرة، بحيث تستخدم التكنولوجيا ويكون لها دورة مستندية، يتم إنشاؤها وفق انتشار جغرافى معين.

وأضاف الخبير المصرفى، إلى ضرورة إجراء تعديل لرفع الحد الأدنى لرءوس أموال البنوك، لأن الحد الموجود فى القانون ضعيف، فى وقت تتخطى رءوس أموال بنوك حاجز الـ5 مليارات جنيه.

ويتفق معه أبو بكر الديب، الخبير الاقتصادى، حيث قال إن تعديل قانون البنوك، يمكن أن يوفر لمصر من 10 لـ15 مليار دولار، إذا تم طرح المقترحات التشريعية الجديدة للحوار المجتمعى بعد دراستها من جانب البنك المركزى وهيئة الرقابة المالية والخبراء المصرفيين وخبراء مكافحة الإرهاب قبل عرضها على البرلمان.

ويشير الديب إلى أن من أهم التعديلات التى يجب إجراؤها على القانون هو السماح للبنوك المصرية بأن يكون لها فروع فى الخارج، مع طرح محفزات لذلك، حتى يمكن جذب استثمارات المصريين فى الخارج، إلى مصر والتعامل مع شركات السياحة الدولية لتسهيل عملهم فى مصر، مدللاً بأن المملكة العربية السعودية، يوجد فيها أكبر تجمع للمصريين المغتربين فى حاجة لتوفير عملة صعبة. ويؤكد الديب، ضرورة إجراء تعديلات على القانون لمنح رؤساء البنوك فرصة لتوسيع التسهيلات الائتمانية الممنوحة للمشروعات الصغيرة والمتوسطة ما يؤدى لضخ أموال فى السوق ويزيد النشاط الاستثمارى، ويسد الثغرات القانونية الموجودة فى القانون الحالى التى تسمح للكيانات المتطرفة والإرهابية بتحويل وإيداع أموالها فى البنوك بطرق ملتوية.

واقترح أحمد آدم، الخبير المصرفى، رفع الحد الأدنى لرءوس أموال البنوك من 500 مليون جنيه إلى 4 مليارات جنيه، ما سيؤدى لضخ موارد فى البنوك التى تعمل بمصر، لا تقل عن 10 مليارات دولار، حيث يبلغ عدد البنوك العاملة بمصر 40 بنكاً تبلغ رءوس أموالها 94 مليار جنيه، وزيادة الحد الأدنى لـ4 مليارات جنيه، من شأنه أن تصبح إجمالى رءوس أموالها ما لايقل عن 160 مليار جنيه، مع إصدار القرار ومنح البنوك مدة لا تزيد على 3 أشهر لتعديل أوضاعها.

وطالب آدم بتحويل فروع البنوك الأجنبية العاملة فى مصر إلى شركات مساهمة مصرية لها استقلاليتها عن البنك الأم، ولها مجلس إدارتها المستقل ومركزها المالى المستقل ما يدعم الرقابة عليها مثل بنك المشرق وأبو ظبى الوطنى، لأن ارتباطها بالبنك الأم يرفع من نسبة تعرضها للمخاطر وبشكل مفاجئ مع اضطراب الوضع الاقتصادى العالمى.

ويرى محمد فاروق، الخبير المصرفى، أن أى تعديل على القانون فى غياب الإجراءات التنفيذية على الأرض خاصة مايتعلق بالشفافية لن يؤدى لجذب أى استثمارات، مؤكداً ضرورة مواءمة متطلبات مؤتمر «بازل 2» وإصلاح الهياكل المالية للبنوك قبل إجراء أى تعديلات.