شفرة "زيدان" السرية .. 3 قطع سحرية خلقت "مدريد" جديد

الفجر الرياضي

زيدان
زيدان


ذرفوا الدموع لأجله وبكى عشاقه عند وداعه .. أقاموا له ليلة وداع خالدة فى ذاكرته .. لما لا؟! وقد كان قرار الإعتزال مفاجأة للجميع حين كان فى أوج عطائه، فدبت فى جسده قشعريرة أرسلت أنهاراً من الدموع من عينيه لما لاقاه من تكريم وداعى يليق بتاريخه العظيم، فكانت دموع زين الدين زيدان آخر ما شوهد فى مشهد وداع اللاعب الفرنسى الأسبق لجماهير ريال مدريد الإسبانى الذى قاده للتتويج بأغلى البطولات "دورى أبطال أوروبا" بهدف تاريخى عالق فى أذهان عشاق كرة القدم حتى اللحظة، ليحجز مقعداً له ضمن أساطير النادى الملكى عبر تاريخه.

 

مرت 10 سنوات على ذلك الحفل الوداعى وعاد "زيزو" إلى ملعب سنتياجو بيرنابيو، معقل الفريق الملكى، لكن هذه المرة على رأس الجهاز الفنى للميرينجى بعد سنوات قليلة من جلوسه على مقاعد البدلاء ليقوم بدور مساعد المدير الفنى الأسبق كارلو أنشيلوتى، والذى شاركه الفوز بدورى الأبطال للمرة العاشرة عام 2014، ثم قرر أن يسلك دربه الخاص ويبدأ من الصفر كمدير فنى للكاستيا "الفريق الرديف لريال مدريد" حتى أعلن فلورنتينو بيريز رئيس النادى تعيينه مديراً فنياً للفريق الأول بعد الإطاحة بالإسبانى رافا بينتيز عقب سلسلة من النتائج السلبية.

 

تسلم زيدان مقاليد الأمور فى منتصف الموسم وكانت المنافسة على لقب الليجا شبه مستحيلة بسبب الفارق الكبير الذى أبعد الريال عن غريمه برشلونة، المتصدر حينها، لكنه سرعان ما صحح مسار الفريق وساهم فى تحسين نتائجه على المستوى المحلى رغم فقدانه بعض النقاط، التى لم تُعطل زحفه خلف البرسا كثيراً، حتى آن موعد الكلاسيكو – مواجهة البرسا – فى الإختبار الأول له كمدرب فى معقل الفريق الكتلونى "كامب نو"، فحاز على قلوب المدريديستا بفوز ثمين على الغريم التقليدى فى عقر داره لتكون ضربة معنوية لهم أدت إلى سقوط منافسه المباشر فى فخ الهزائم المتتالية ليتقلص الفارق فى النهاية إلى نقطة واحدة .

 

وعلى المستوى الأوروبى، أكمل نجم منتخب فرنسا الأسبق سلسلة النتائج الإيجابية لسلفه "رافا" واستطاع الإطاحة بروما الإيطالى من دور الـ 16 بالفوز عليه ذهاباً وإياباً قبل أن يتلقى صفعة خارج الديار من فولفسبرج الألمانى بالخسارة بهدفين دون رد فى دور الثمانية لتُشحن النفوس بطاقة إيجابية لصنع عودة تاريخية فى البيرنابيو، وهو ما تحقق على يد أسطورة الفريق كريستيانو رونالدو ليضرب الملوك موعداً مع مانشستر سيتى الإنجليزي فى نصف النهائى ليتخطاه بسهولة وصولاً إلى المباراة النهائية أمام أتليتكو مدريد ليقترب من صناعة تاريخ جديد مع العملاق الإسبانى فى أولى مواسمه كمدرب، مثلما صنعه سابقاً كلاعب .

 

وعلى الصعيد الفنى، ربما يرى البعض أن زيزو لم يضف جديداً على أسلوب وأداء الريال، بل وذهب البعض لقول أنه لولا النتائج الإيجابية لتمت الإطاحة بزيدان مع نهاية الموسم، لكن المنطق يقول أن الحكم على تجربة زيدان من أول موسم هو حكم قاسى أو متسرع، سواء بالحط منه أو الثناء عليه، لكن هنا يجدر ذكر 3 أشياء أضافها المدرب الفرنسى بالفعل على أسلوب الميرينجى صنعت وصفة سحرية أمنت مرور الفريق بسلام إلى نهاية الموسم وجعلته منافساً على أهم لقبين حتى الرمق الأخير.

 

شفرة زيدان السحرية تتلخص فى 3 كلمات "الحذر .. عدم الإندفاع .. الهدوء" لتصنع هذه الأفكار الثلاثة خلاصة فكر زيدان فى أولى مواسمه التدريبية والتى لم يلحظها الكثير .

 

(( الحذر ))

اعتاد أغلب عشاق الريال لا سيما فى السنوات الأخيرة على تلقى شباك الفريق العديد من الأهداف حتى أمام صغار الليجا، لكن مع قدوم زيدان حاول الأخير خلق شفرة تحول دون الوصول إلى مرماه، فكان الجزء الأول من الشفرة "الحذر" لينتهج الفريق نهجاً جديداً باللعب بحرص شديد خوفاً من تلقى شباكه أى هدف وهو ما قد تحقق فى العديد من المباريات .

 

 

(( عدم الإندفاع الهجومى ))

وحتى تكتمل الفكرة كان على لاعبى الفريق ضبط النفس شيئاً ما بعدم الإنجراف الهجومى وترك المساحات فى الخلف مما يعرضهم لمرتدات قد تصيب مرماهم بأهداف قاتلة، فبات الهجوم دون إندفاع هو السمة الغالبة للميرينجى فى عهد "زيزو"، حتى أن البرازيلى مارسيلو الذى يمتاز بإندفاعه الهجومى الشديد بات قليل الظهور فى المناطق الأمامية خاصة فى المواجهات الكبرى وقد اتضح هذا جلياً فى الكلاسيكو وأمام فولفسبورج ومانشستر سيتى على وجه الخصوص .

 

 

(( الهدوء ))

إذا تلقيت هدف أو أكثر فمن الطبيعى أن يجن جنونك وتهاجم بكل أسلحتك لتعديل النتيجة، لكن مع زيدان تغير الأسلوب وأصبح لاعبو الفريق أكثر هدوءاً فى المباريات، ليكتمل الركن الثالث للشفرة الفرنسية التى صنعها مدرب الملكى، واستطاع الفريق العودة فى النتيجة فى أكثر من مباراة عند التأخر بهدف أو إثنين ، فلاحظ جمهور كرة القدم أن ريال مدريد لا يلعب بوتيرة سريعة تتناسب مع طبيعة المباراة، ليصبح النهج "كن حذراً .. لا تستقبل هدفاً .. حاول التسجيل .. فشلت؟! .. تلقت شباكى أهدافاً؟! .. لا عليك سوى بالهدوء .. لا تندفع وكن حذراً .. لا زال أمامنا الوقت .. ها نحن قد سجلنا .. عُد إلى الخلف قليلاً .. حافظ على هدوئك ولا تندفع معتقداً أن الأمور باتت أسهل حتى اللحظة الأخيرة من إطلاق صافرة النهاية" لذا شاهدنا جميعاً عودة تاريخية أمام فولفسبورج، لكنها لم تكن جنونية مطلقاً، عودة صاحبها الهدوء الشديد وهو ما حدث أيضاً أمام رايو فاليكانو فى الدورى بعد التأخر بهدفين وكذا مباريات أخرى شهدت هدوء مصحوب بحذر وإنضباط لتنجح شفرة "زيدان" فى خلق شخصية جديدة لريال مدريد لم يعهدها الجميع عليه طوال تاريخه.