في ذكرى ذبح "القاعدة" مواطن أمريكي بـ "العراق".. تعرف على رحلة التنظيم من التأسيس إلى اغتيال "بن لادن"

عربي ودولي

بوابة الفجر


يُعد تنظيم القاعدة من أخطر التنظيمات الإرهابية في العراق، وفي  الدول العربية بشكل عام، وهو تنظيم إسلامي متعدد الجنسيات، تم تكوينه من خلال بقايا المتطرفين والمجرمين من جماعة الإخوان المسلمين، إضافة إلى مرتزقة الجماعات الإسلامية الجهادية التي كانت تقبع في سجون مصر والجزائر وبعض دول الخليج.


البداية والنشأة 
بدأ قصة نشأة هذا التنظيم الإرهابي عندما أندفع المحافظون الجدد في الإدارة الأمريكية، إلى مساعدة الأفغان لطرد السوفييت من أراضيهم، وبأوامر مباشرة من أمريكا أطلق شيوخ العرب فتاويهم داعين للجهاد في أفغانستان، وعلى الأثر، أخذت أعداد هائلة من الإرهابيين تتدفق على هذا البلد، وكان أبرزهم العضو في جماعة الإخوان المسلمين عبدالله عزام.

وفي عام 1984، قام عزام بتأسيس مكتب الخدمات، في بيشاور على الحدود الأفغانية وأخذ ينظم دخول المجاهدين العرب إلى أفغانستان ويشرف عليهم فيها وأصبح مكتبه مقراً لقيادة كتيبة دولية من المقاتلين العرب، كما زار "عزام" أمريكا مرات عديدة لجمع التبرعات وأسس عام 1986 عدة مراكز لتجنيد المتطوعين للجهاد كان أبرزها كان مركز اللاجئين "كفاح" في مسجد الفاروق في شارع الأطلسي في بروكلين، وبسبب دور عزام في تسويق القضية الأفغانية بين العرب أصبح لُقب بأمير المجاهدين العرب.


ظهور "بن لادن" و "الظواهري"
وكان أسامة بن لادن هو أقرب مساعدي "عزام" حيث كان شخصية قيادية قادرة على السيطرة على المجاهدين بينما كان "بن لادن" يمول "عزام" وينفق على أتباعه، وفي عام 1985 أخذت تتدفق إلى أفغانستان مجموعات من المجاهدين العرب الأكثر تشدداً من عزام وبن لادن، وهم إرهابيين أخرجتهم الحكومات العربية من السجون وأرسلتهم للجهاد في أفغانستان، وكثيراً منهم كانوا من إخوان مصر الذين لم يتم إعدامهم بعد اغتيال الإخوان للسادات، وكان من بينهم أيمن الظواهري أحد أشرس المتطرفين في مصر وقائد مايسمى جماعة "الجهاد الإسلامي" الذين كانوا يعتقدون أنهم هم فقط من يمثل الإسلام على الأرض.


الانقسام واغتيال "عزام"
وعقب إلحاق الهزيمة بالتحاد السوفيتي، حدث انقساماً عميقاً بين جماعة عبدالله عزام المعتدلة من جهة، وجماعة أيمن الظواهري التي ترى في الثورة العنيفة السبيل الوحيد للإطاحة بالحكام العرب وإقامة أنظمة إسلامية من جهة أخرى، وأخذ "الظواهري" يبسط نفوذه ويضعف مكانة عزام، ولفعل هذا قام باستدراج بن لادن وأمواله ووعده بأن يكون هو أمير لجماعة الجهاد الإسلامي.

وكانت البداية عندما رفضت جماعة الظواهري الصلاة خلف عزام وكانوا يطلقون الشائعات عليه في بيشاور لتشويه صورته وإضعاف مكانته، وبالفعل ارتضى "بن لادن" بجماعة أيمن الظواهري وهم ارتضوا به أميراً عليهم، والرابح من هذه الصفقة كان جماعة الظواهري.

وهكذا غدر الإخوان بعبدالله عزام رغم أنه كان سبب إطلاقهم من السجون، وقامت جماعة الظواهري باغتيال عبدالله عزام في بيشاور في انفجار هائل بسيارة مفخخة عام 1989.


الارتكاز في السودان
وبين عامي 1992 و1996، ارتكز أسامة بن لادن والقاعدة في السودان، بناءً على دعوة من حسن الترابي، وخلال هذه الفترة، ساعد بن لادن الحكومة السودانية، واشترى أو أنشأ عدة مؤسسات الأعمال وأقام معسكرات لتدريب المقاتلين.

وكانت نقطة التحول الرئيسية في العلاقات بين الطرفين، بعد أن وجّه أسامة بن لادن في عام 1993، انتقاداته اللاذعة للسعودية، بعد دعمها لاتفاقات أوسلو التي وضعت طريق للسلام بين إسرائيل والفلسطينيين، وكان الظواهري وجماعة الجهاد الإسلامي المصري بمثابة النواة لتنظيم القاعدة، وفي عام 1993، قتلت تلميذة صغيرة في محاولة فاشلة للجهاد الإسلامي المصري لاغتيال رئيس الوزراء المصري عاطف صدقي، وتحول الرأي العام المصري ضد تفجيرات الجماعات الإسلامية، وكانت المحاولة الفاشلة لاغتيال الرئيس المصري المخلوع حسني مبارك التي أدت إلى طرد الحكومة السودانية لحركة الجهاد في مايو 1996.


اللجوء إلى أفغانستان
بعدما أعلنت السودان أن "بن لادن" وجماعته لم يعد مرحباً بهم في تلك السنة، وفرت طالبان التي تسيطر على أفغانستان موقع مثالي لتنظيم القاعدة لإقامة مقرها، وتمتعت القاعدة بحماية حركة طالبان، وبقدر من الشرعية لأنها كانت جزء من وزارة دفاعها.

وتمتعت القاعدة بملاذ آمن في أفغانستان التي تسيطر عليها طالبان، حتى هزيمة طالبان من قبل مجموعة من القوى المحلية وشعبة الأنشطة الخاصة شبه العسكرية بوكالة المخابرات المركزية الأمريكية، والقوات الخاصة بالجيش الأمريكي والقوات الجوية في عام 2001.


اغتيال "بن لادن"
اغتيل أسامة بن لادن زعيم تنظيم القاعدة فجر الإثنين 2 مايو 2011، في أبوت آباد الواقعة على بعد 120 كم عن إسلام أباد في عملية اقتحام أشرفت عليها وكالة الاستخبارات الأمريكية ونفذها الجيش الأمريكي واستغرقت 40 دقيقة، وحدثت الواقعة إثر مداهمة قوات أمريكية خاصة تدعى السيلز لمجمع سكني كان يقيم به مع زوجاته وأبنائه، ودار رحى اشتباك بين "بن لادن" ورجاله وبين القوات الأمريكية المصحوبة بعناصر من الاستخبارات الباكستانية ونجم الاشتباك عن مصرعه بطلقة في رأسه.


دخول العراق
كان الهدف المعلن للتنظيم في بداية الأمر عند دخوله العراق، هو مساعدة المقاومة العراقية لمحاربة القوات الأمريكية مما اكسبهم الكثير من التعاطف والدعم في مناطق عراقية، ومع بداية ظهور معالم الحكومة العراقية وبدأ تكوين قوات الجيش والشرطة العراقيين اعتبر التنظيم جميع السياسيين المشاركين بالحكم عملاء، وأصبح يستهدف جميع أجهزة الأمن العراقية وصرح التنظيم أن هدفه هو إقامة دولة تحكم بالشريعة الإسلامية في العراق.

وأصبح التنظيم يستهدف المنظمات الدولية والمقاولين الأجانب، وإعلان تكفير فئات من الشعب العراقي مثل المدنين الشيعة الذي وصفهم الزرقاوي بالروافض، وتم بعد ذلك الكثير من الهجمات الدامية والتي استهدفت أسواق شعبية ومساجد. 


العمليات الإرهابية في العراق
وقام تنظيم القاعدة بالكثير من العمليات الإرهابية في العراق، والتي كان أبرزها الهجوم على مقر الأمم المتحدة وقتل مبعوثها هناك "سيرجيو دي ميللو"، وكذلك قتل زعيم المجلي الأعلى للثورة الإسلامية محمد باقر الحكيم، وارتكاب تفجيرات عاشوراء في مارس 2004، والتي أدت إلى قتل 271 شخص ومئات الجرحى من الشيعة، كما قام أفراد التنظيم بذبح مواطن أمريكي يدعى نيك بيرغ، في 11 مايو 2004، إنتقاماً لانتهاكات الجيش الأمريكي للمعتقلين العراقيين في سجن أبو غريب، إضافةً إلى الهجمات الانتحارية العراقية 2011، والتي أدت إلى قتل أكثر من 140 شخص خلال 3 ايام بأماكن متفرقة.

كما قام التنظيم بعدة تفجيرات في مدن متفرقة بالعراق منها؛ تفجيرات القحطانية والتي أدت إلى قتل 796 وجرح 1562 من أبناء الطائفة اليزيدية بالقرب من مدينة سنجار بشمال العراق، وتفجير البطحاء وقتل 41 وجرح 72 واستهدف زائريين شيعة، وتفجيرات بغداد 2010 والتي أدت إلى قتل 70 شخص وجرح 400، وتفجير مركز تطوع الشرطة في بغداد 2009 وأدى إلى قتل 28 شخص وجرح 57 من المتطوعيين في الشرطة.

وقام أعضاء التنظيم أيضاً بتفجيرات العراق 23يوليو 2012، وأسفرت عن استشهاد 114 وجرح المئات في أماكن متفرقة من العراق، وتفجيرات العراق 13 يونيو 2012، وأدت إلى قتل 84 وجرح 284 في هجمات متفرقة، وتفجيرات بغداد 19 أغسطس 2009 وأسفرت عن قتل 96 شخص وجرح 565 آخرين.

كما ارتكب التنظيم عدة مجازر في العراق، أبرزها مجزرة عرس الدجيل حيث تم ذبح 70 شخص ورميهم في النهر وجميعهم من الشيعة، ومجزرة العشار والتي أسفرت عن قتل 114 شخص، وأخيراً مجزرة كنيسة سيدة النجاة في 31 تشرين الأول، 2010 التي راح ضحيتها 58 من المصلين داخل كنيسة ببغداد.