خبراء: "التمويل الأجنبي" لمنظمات المجتمع المدني يخضع لأجندات خاصة .. ومطالب بالرقابة لمعرفة أوجه إنفاقه
فهمي: المنظمات تعمل وفق أغراض سياسية لأجندات خاصة
الشرقاوي: استهلاكية وغير مجدية
طارق: لابد أن تخضع لرقابة الدولة لمعرفة مصادر التمويل
أثارت قضية المنح والتمويل الأجنبي لمنظمات المجتمع المدني في مصر جدلاً واسعًا في الآونة الأخيرة، بعد تحذير البعض من مصادر التمويل، خاصة عقب تقارير أثبتت حجم التمويلات الأجنبية داخل القرى بشكل أكبر، وبنظرة تحليلية على واقع نشاطات المجتمع المدني يؤكد مراقيبون سياسيون أنها استهلاكية وغير مجدية لاسيما أنها تطبق أفكارهم الخاصة بهم، فضلاً عن خضوعها لرقابة صارمة.
وأوضح تقرير رسمي حجم المنح والتمويلات الأجنبية التي حصلت عليها الجمعيات الأهلية، ومؤسسات المجتمع المدني، بجميع محافظات الجمهورية، خلال شهر إبريل الماضي فقط، وجاء إجمالي المنح 80 مليونا و21 ألف جنيه، حصلت عليها 27 جمعية من 29 جهة مانحة.
فاحتلت محافظة الجيزة، المركز الأول، بإجمالي 46 مليون جنيه، بينما احتلت محافظه القاهرة المركز الثاني بإجمالي 17 مليونا و16 ألف جنيه، وجاءت بالمركز الثالث (المركزية)، التي تخضع للإشراف المباشر لوزارة التضامن بواقع 14 مليونا و800 ألف جنيه، واحتلت محافظة الإسكندرية المركز الرابع بإجمالي مليون جنيه وفي المركز الخامس سوهاج بواقع 400 ألف جنيه، بينما احتلت المركز السادس محافظة الفيوم بواقع 332 ألف جنيه والمركز السابع محافظة المنيا بواقع 114 ألف جنيه.
ومن خلال بعض الدراسات كشفت أن تركيز المنح الأجنبية الممولة للمنظمات الأهلية في الحضر عنه في الريف وذلك بنسبة 80.5% للحضر في مقابل 19.5% في الريف، في حين أن نسبة الاحتياجات التنموية وأيضا نسبة السكان في الريف تبلغ 57% أكثر منها في الحضر الذي يبلغ 43%، واستمر هذا الخلل مع منح التمويل الأجنبي للمنظمات الأهلية لعام 2008ميلادية.
التمويل الأجنبي يخضع لأجندات خاصة
وتقول الدكتورة "شيرين فهمي"، أستاذ العلوم السياسية بالجامعة البريطانية، إن منظمات المجتمع المدني، والجمعيات الأهلية تعمل وفق أغراض وأجندات سياسية، فمثلا نجدها تدعم المرأة بشكل محدود فاقتصرت خدماتها على الأفعال السياسية والانتخابية للمرأة ودورها السياسي فقط كمرشحات أو منتخبات، أي إغفال كامل لباقي أدوار المرأة في المجتمع والعمل مع فئة قليلة من النساء مهتمة بالجانب الحقوقي والسياسي، وبذلك يبتعد عن تقديم خدمات حقيقية تهم الغالبية العظمى للنساء في المجتمع.
وأضافت "فهمي" لـ" الفجر"، أن جميع المنظمات بنسبة 100% تعمل وفق أغراض سياسية، ولذلك يجب فرض وتشديد الرقابة على أنشطتها وعلى مصادر تمويلها، لأن التمويلات التي تقدم للجمعيات الأهلية دائمًا ما تخدم سياسة مصدر التمويل، وبالتالي فإنها تتعارض مع كافة المصالح الوطنية لمصر، مشيرة إلى أن منظمات المجتمع المدني هدفها الأساسي تأهيل المواطنين، ليكون ولاؤهم لتلك المنظمات والجمعيات، حتى يتمكنوا بعد ذلك من تأجيج الشعب ضد الدولة وإثارة الفوضى.
وأشارت"فهمي"، إلى أنه لابد من إيضاح خطة ورؤية تنموية للعمل الأهلي وأن يهتم القانون بإدراج الدور التنموي للمنظمات الأهلية في مواده بتحفيز إقامة مشروعات إنتاجية للمنظمات الأهلية ومعاقبة المنظمات الأهلية التي ليس لديها رؤية تنموية مفيدة في المجتمع، ولابد من العمل علي إبراز علاقة جديدة بين المنظمات الأهلية والقطاع الخاص ولا يصبح الأمر مجرد تبرعات معينة في أوقات معينة، وإنما يتطور الأمر ليصبح اعتماد متبادل ومشاركة فعلية في عملية التنمية.
استهلاكية وغير مجدية
وأوضحت الدكتور" باكينام الشرقاوي" أستاذ النظم والعلوم السياسية بجامعة القاهرة، أن التمويل الأجنبي لدى الجمعيات الأهلية، له أخطاء شائعة كثيرة، لاسيما في ظل غياب الديمقراطية الداخلية بها، لذلك يجب على مجلس الإدارة ومجالس الأمناء مراقبة سير العمل بها، مشيرة إلى أن هناك تقصيرا في دورية الاجتماعات أو ربما عقد اجتماعات صورية، ويتم إتخاذ القرارات بالتمرير مما يؤدي إلى تراكم الأخطاء.
وأشارت "فهمي"، لـ"الفجر"، إلى أنه من الضروري تدوير القيادات وألا تزيد مدة تولى مجالس الإدارات على مدتين متعاقبتين لضمان حسن الأداء وعدم تراكم الأخطاء وسد منافذ الانحراف، لافتةً إلى أن مشروعات التمويل الأجنبي تهتم بالجانب الفكري و التوعوي بما يصب في مصلحة الممول الأجنبي، ناهيك عن أنها استهلاكية وغير مجدية.
وطالبت" الشرقاوي"، الدولة بضرورة إنشاء جهاز قومي للمنح والتمويلات الأجنبية، يتكون من لجان فنية وقانونية، ويكون دوره حصر ومراقبة المنح التي تحصل عليها الوزارات والجمعيات الأهلية على حد سواء، ومن ثم توجيهها إلى تنفذ مشروعات خدمية على أرض الواقع، موضحة أن المنح الأجنبية بمثابة موازنة موازية لموازنة الدولة بل وتفوقها، ولذلك يجب أن نحسن استغلالها لتطوير العشوائيات وتقديم خدمات أفضل للمواطنين.
لابد أن تخضع لرقابة الدولة لمعرفة مصادر وأوجه إنفاق التمويل
في هذا الصدد، أضاف الدكتور "طارق فهمي"، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، أنه ضد استخدام المال الخاص في العملية السياسية، ولكن يفضل استخدامها بشكل اجتماعي، لافتا إلى أن هذه المنظمات أثبتت نجاحها في المجتمع المدني، وكان لها أنشطة ناجحة في الخدمة المدنية، وأسست مدارس ومستشفيات ومشروعات تنموية.
وشدد "فهمي"، أن هذه المنظمات لابد أن تخضع لرقابة الدولة لمعرفة مصادر وأوجه إنفاق التمويل الأجنبي، حيث توجد جمعيات حقوقية عليها خلاف نتيجة عملها لمعالجة انتهاكات وممارسات ضد حقوق الإنسان وتقاريرها تسبب صدام مع الدولة.
ولفت"فهمي"، إلى أن منظمات المجتمع المدني ليست جميعها تعمل على هدم الدولة المصرية أو تقبل التدخل في الشأن الداخلي ولهذا سيكون هناك مطالب بتدعيمها والوقوف بجانبها لأنها تخدم المصريين،وتقدم خدمات للمواطنين لا يستطيع أحد أن ينكرها، مضيفًا أنه لابد من مساندتها، وعلى النقيض التصدي للمخربين الذين يريدون هدم السيادة المصرية من خلال هذه الثغرة.