التجار ينتقمون لحرمانهم من «تورتة القمح» بإطلاق الشائعات

العدد الأسبوعي

بوابة الفجر

«التموين» قد تلجأ للاستيراد أو الطحن


تعتبر ضوابط استلام محصول القمح، المطبقة للمرة الأولى، خلال موسم الحصاد الجارى،صفعة قوية لكبار وصغار التجار على السواء، وانتقاماً منهم بعد تلاعبهم فى السوق المحلى خلال الموسم الماضى.

الضوابط التى أعلنت عنها وزارة الزراعة فى منتصف أبريل الماضى، قصرت عملية تسليم المحصول على الفلاحين والمزارعين الذين حصرتهم الوزارة فى كشوف تم تسليمها للجمعيات الزراعية، وإلى مفتشى ومراقبى وزارة التموين، مع مطابقة الكميات المستلمة بالحيازة الزراعية للفلاح والمزارع.

وجاء تجاهل وزارتى الزراعة والتموين لاستلام القمح من التجار استجابة لما فجرته «الفجر» الموسم السابق، حول إهدار أكثر من مليار جنيه، تمثل الفارق فى التكلفة بين القمح المستورد الذى سلمه التجار للشون باعتباره محلياً، حيث يبلغ سعر الطن المستورد 1800 جنيه، فيما يبلغ سعر المحلى بالموسم السابق 2800 جنيه، وهو الأمر الذى حقق فيه قطاع الرقابة الإدارية بوزارة التموين وتبين صحة الوقائع وسيطرة التجار على الشون وشراءهم القمح من الفلاحين وخلطه بالمستورد.

ولم تقتصر التحقيقات على وزارة التموين ولكن جهة سيادية فتحت تحقيقاً موسعاً فى الوقائع، على مدار شهور، وتبين صحتها، ما تسبب فى تأخر إعلان ضوابط تنظيم استلام القمح خلال الموسم الحالى، والتى فاجأت التجار بسبب احتوائها على شرطين أولهما حظر استلام المحصول من المواطن سواء فلاحا أو تاجرا إلا بعد التأكد من وجود اسمه فى كشوف الحصر التى قدمتها وزارة الزراعة لوزارة التموين، والتى تتضمن مزارعى القمح والشرط الثانى تقدم الفلاح أو المزارع بالحيازة الزراعية للجنة التى تستلم المحصول بالشونة أو بالصوامع المحددة.

التجار الذين فاجأتهم الضوابط، شنوا هجوماً شديداً على وزارتي التموين والزراعة، وهددوا بهجرة سوق الحبوب وعدم العودة له، وتغيير نشاطهم، وبدأ بعضهم يطالب الفلاحين بأموالهم التى سلموها لهم للحصول على المحصول قبل موسم الحصاد لخلق أزمة بين الفلاحين ووزارة التموين التى لم تصرف قيمة المحصول إلا بعد الفرز والتوريد للصوامع الرئيسية سواء للطحن أو التخزين، بينما كان التجار يدفعون القيمة مقدماً.

وكشف مسئول بالوزارة أن اللجنة الوطنية لمكافحة الفساد برئاسة الجمهورية، تدخلت فى تقنين تسليم الأقماح هذا العام، لعدم تكرار ما جرى الموسم السابق، وذلك بناءً على التحقيقات التى قامت بها النيابة الإدارية ومباحث الأموال العامة وبعد تقارير رفعتها جهة سيادية عليا بناء على كشوف دخول القمح للشون من خلال التجار وخلطه بمستورد، وارتفاع كمية القمح العام السابق لـ5.3 مليون طن فى حين كانت فى الموسم قبل السابق 3.7 مليون طن وقبله كانت 3.6 مليون طن، ما جعل جهة سيادية تتدخل وتضع ضوابط معينة ألزمت بها وزارتى التموين والزراعة لعدم التلاعب فى الكميات الموردة للشون التابعة لبنك التنمية والائتمان الزراعى ووزارة التموين.

ما يقلق خالد حنفى، وزير التموين، أن ما تم توريده لجميع الشون لم يصل إلى حجم ما تم تسليمه للشون العام الماضى، حيث أكد المهندس حسن صادق، رئيس قطاع الاستلام بالشركة القابضة للصوامع والتخزين، أن الكميات الموردة من القمح المحلى بعد تعديل الضوابط تسببت فى حالة من الإرباك للوزارة، لأنها أقل من الكميات الموردة فى نفس الفترة من الموسم السابق، خاصة أن موعد فتح التوريد لم يتغير.

ويضيف صادق إن الكميات الموردة للشون التابعة لبنك التنمية وإلى شون وزارة التموين وهيئة السلع التموينية والصوامع من جميع المحافظات بلغت 145 ألف طن فقط خلال أسبوعين، وهى كمية قليلة جداً بالمقارنة بما تم استلامه بالشون فى الموسم السابق حيث بلغت الكمية فى 30 أبريل من العام الماضى 618 ألف طن و539 طنا.

وتواجه الوزارة الأزمة بفتح الشون لتيسير التوريد على الفلاحين وتشكيل لجان فرعية لتسهيل عملية التسليم والحصر وتشكيل غرفة عمليات بالإدارة العامة للحاصلات الزراعية تتابع أولا بأول الكميات التى تصل للشون وحسابها وإصدار تقرير يومى بها لرفعه إلى وزير التموين.

ويشير صادق إلى أن الوزارة أحكمت قبضتها على عملية استلام القمح وهى خطوة جادة تمنع دخول أقماح مستوردة أو فاسدة، على غرار الـ2 مليون طن المستورد التي دخلت الشون الموسم السابق، ولكن الأزمة الآن تتمثل فى قلة الكميات الموردة لضغط التجار على الفلاحين من جهة وعلى الوزارة من جهة أخرى خاصة أنهم لم يحصلوا على أقماح من الفلاحين هذا العام لأن الفلاح وحده من يملك حيازة واسمه مدرج بكشوف الوزارة، كما أن الوزارة فتحت شونا أسفلتية وأسمنتية ومنعت استلام القمح بالشون الترابية إلا من خلال بعض الشون التابعة لبنك التنمية، مؤكداً أن الوزارة ستلجأ للصوامع التابعة للقطاع الخاص وفتح التوريد بها تحت رقابة وإشراف الوزارة لعدم كفاية سعة الصوامع الحكومية مع نهاية أيام التوريد نهاية مايو الجارى، حيث إنها تتسع لـ3 ملايين طن وتتسع الصوامع الخاصة لما يقرب من 800 ألف طن ويبلغ سعة أكبر الصوامع 60 ألف طن.

وروج تجار القمح المحرومون من تورتة الموسم الحالى إلى أن وزارة التموين تخطط للقضاء على زراعة المحصول فى مصر، وهو ما رد عليه فتحى عبدالعزيز، رئيس قطاع الرقابة والتوزيع السابق، بأنها توقف استغلال التجار للدولة لتحقيق مكاسب كانت ستزيد على المليار جنيه خلال الموسم الحالى.

المهندس هشام سعدالله، مستشار وزير التموين، توقع أن ترتفع الكميات الموردة من القمح بعد أيام، بعد تغلب الفلاحين على قلقهم من الشائعات التى يطلقها التجار حول تأخر سداد قيمة المحصول إلى جانب تعثر بعض المزارعين مالياً، منبهاً إلى أن الكارثة الحقيقية تكمن فى مواجهة الوزارة لنقص الاحتياطى الاستراتيجى الذى لا يكفى سوى لشهرين فقط، وهو ما يضطر الوزارة إلى طحن كميات بنظام النقرة وهو يهدر القمح المحلى الذى يمكن تخزينه لعدة أشهر والاستفادة من جودته وكفاءته وخلوه من الحشرات.

وأضاف مستشار الوزير لـ«الفجر» إن القمح الموجود لدى الوزارة بجميع الصوامع يبلغ مليونا و200 ألف طن وتستهلك الدولة من القمح شهرياً من 850 إلى 900 ألف طن وهو ما قد يدفع الوزير لاستيراد أقماح من البورصات العالمية لسد العجز أو الطحن على نظام النقرة وبذلك نتعرض لأزمة نهاية العام لضياع رصيد القمح المحلى، خاصة أنه من المتوقع أن يصل لأكثر من 3.6 مليون طن.