نجاح أول عملية لاستئصال ورم خبيث من عين طفل

الفجر الطبي


تمكن جراحون ألمان من استئصال ورم خبيث من عين طفل في عملية هي الأولى من نوعها بعد أن تكللت بالنجاح التام.

كان على الأطباء الانتظار عاما كي يؤكدوا بان العملية الخطيرة التي اجريت في شهر ايلول( سبتمر) العام الماضي في مستشفى كلية الطب بجامعة توبنغين الالمانية للطفل ليو قد تكللت بالنجاح وهو يتمتع بصحة جيدة ويعيش حياة طبيعية، واعتبرت هذه العملية الأولى من نوعها.

فالجراحون تمكنوا من استئصال ورم خبيث بحجم خمسة سنتم نمى من مقلة عين الطفل البالغ من العمر اليوم خمسة اعوام. فخلال وقت لا يتجاوز العامين كان الورم السرطاني ينمو في عظام مقلة العين اليسرى للطفل ليو من دون ان يشعر بأي ألم او يلاحظ أهله أي تغيير في شكل عينه، الى ان كبر الورم وصار بحجم التفاحة الصغيرة، بعدها بدأ يشكو من آلام وصعوبة النظر. وعند إجراء الطبيب كل الفحوصات والتحليلات اللازمة اتضح بانه ورم غضروفي خبيث ويجب الاسراع بإزالته وإلا سوف يتلف السرطان أعصاب عين الطفل وقد يمتد الى الدماغ.

ونادرا ما يصيب المرض الأطفال ونسبته قليلة جدا في كل أنحاء العالم. ففي الولايات المتحدة تم خلال الـ 27 سنة الماضية تسجيل 14 حالة فقط وفي ألمانيا سبع حالات وكان متوسط عمرالمصابين 14 سنة.

وفي هذ الصدد يقول الدكتور زيغمار راينرات الذي أشرف على العملية الجراحية قبل إجراء العملية لم أكن متأكدا من ان الطفل ليو سوف يبقى على قيد الحياة رغم ذلك كان يجب إزالة الورم. والملفت ان وجهه لم يتغير بشكل يلفت النظر عندما اصبح حجم الورم خمسة سنتم لان الورم كان داخليا، لكن العين برزت الى الخارج، وعند التصوير بالرنين المغناطيسي تبين ان الورم أتلف عظام تجويفتي العين اليسرى والأنف إضافة الى تدمير جزء من عظام الجمجمة والفك الأعلى.

وبعد تحليل بعض الأنسجة اتضح للأطباء بان الطفل مصاب حقيقة بسرطان ولا فائدة من إخضاعه لعلاج كيميائي لانه لا يؤثر على هذا النوع من السرطانات، حتى ان هذا العلاج قد يفقد الطفل بصره، وليس أمام الاطباء سوى استئصال الورم بأسرع وقت ممكن، وحدد الوقت بعد أسبوعين، أي في 13 من أيلول( سبتمبر) عام 2011.

وأراد الوالدان استغلال الأسبوعين المتبقيين حتى تاريخ العملية، كي يتمتع طفلهما بالحياة، فقد يفارقها خلال هذه العملية المحفوفة بالمخاطر الكبيرة، فجالا به في مناطق مختلفة في المانيا، الا ان جاء الوقت.

في هذه الأثناء كان جراحون مختصون بعمليات الوجه والفك وزملاء لهم في الأمراض السرطانية، يناقشون الى أي مدى يمكن لمباضعهم ان تغوص في جمجمة الطفل من أجل إزالة الورم السرطاني في مقلة العين. فكلما زادت ازالة الانسجة القريبة من الورم والعظام المدمر كي لا يعود مرة اخرى فان احتمال ان تكون النتائج كارثية على المريض وارد، كإلحاق الضرر بعصب العين اليسرى او جرحه وبالتالي العمى الاكيد. لكن الاستراتيجية السليمة التي وضعوها كانت العمل ببطأ شديد وعناية وحذر عبر تقشير الورم كما تقشير التفاحة كي يبقى كل ما هو سليم على حاله.

وفي غرفة العمليات احدث الجراحون شقا في صف الاسنان في الفك الأعلى للطفل، وبواسطة آلات جراحية خاصة أدخلوها في الشق كان الجراحون يزيحون اجزاء الوجه الطرية باتجاه قصبة الانف. بعدها فتحوا الانف الداخلية وفي الجهة ا ليسرى من الفك الاعلى وقطعوا لوحتين من عظام الأنف كيف تتوفر لديهم الامكانيات لرؤية واضحة لتجوفتي الانف الايسر والفك الايسر، بعدها بدأ العمل الدقيق جدا اي التقشير.

اذ ادخل الجراحون منظارا قطره اربعة ملمترات الى ان وصلوا الى مركز الورم وبدأوا بكل بطئ وعناية فائقتين بتقشيره وشفطها الى الخارج. كما أزالوا الغشاء المخاطي من الأنف الايسر والفك الأيسر والنسيج الضام والنسيج الشحمي تماما، اضافة الى كل ما تبقى من جدران للعظام الصغيرة لتجويفة الانف، وبدلا منها وضعوا شرائح بديلة مصنوعة من معدن التيتان بسماكة 0,3 ملم.

وقبل تثبيتها اضطر الجراحون لاخراج شرائح التيتان سبع مرات على الاقل لمعالجة شكلها كي لا تختلف عن شكل تجويفة عين الطفل ليو ولكي تستطيع العين ان تتحرك من دون أي عائق، اي ان لا تسقط الى الاسفل او تظل عالقة في الخلف. كما سدوا الثقب في قاعدة الجمجمة بقطعة من عضلات الخد. وفي النهاية سدوا الشق الذي أحدثوه في الفك الاعلى وثبتوا لوحات العظام بالفك الاعلى ببراغي خاصة واخاطوا اللثة في الفك الاعلى. ودامت العملية ثلاث ساعات و29 دقيقة.

واليوم وبعد مرور عام على العملية من الصعب اكتشاف أي ندوب او جروح في وجه الطفل ليو، وكما قال الدكتور راينرت رئيس الأطباء لقد تحمل العملية بكل تبعاتها وعادت صحته اليه، حتى انها لم تترك اي آثار او انعكاسات سلبية على حالته النفسية او شكل عينه.