في "شم النسيم".. المصريون يبحثون عن قلوبهم.. وأساتذة اجتماع: العلاقات الاجتماعية تتلاشى

تقارير وحوارات

بوابة الفجر

يوم تتعانق فيه القلوب، وتتلاقى فيه الأيدي، إنه يوم النسيم، يوم العام اليتيم، الذي يعد فرصة سانحة لإعادة الحسابات مع الذات والمجتمع، هذا الأخير الذي يفرض على الجميع أن يتلاقى حبا للحفاظ على الحالة المجتمعية، التي من المفترض أن تكون متماسكة ومترابطة مما ينعكس بالإيجاب على حالة المجتمع لتفرض عليه هذه المعاني الجميلة الإنسانية التي ترتبط بالمشاعر بالدرجة الأولى لتملأ القلوب بروح قوية تجعل الجميع منصهرا في بوتقة واحدة، للحفاظ على دينه ومجتمعه وتراب وطنه وإخوانه.
لا يمكن الحديث عن عيد شم النسيم دون التطرق أبدا لحالة المجتمع المصري الذي تغيرت ملامحه كثيرا على مدار الفترات السابقة فحلول هذا العيد في الماضي يختلف تماما عن الحاضر، هذا الماضي الذي لم يعد حاضرا بمعانيه الجميلة الرقيقة الرقراقة، من حب حقيقي بين أفراد المجتمع فالأسر في هذا اليوم كانت تشعرك بالفعل بقيمة الحب الحقيقية بين أفراد المجتمع، لكن  يبدو أن الحال تبدل كثيرا فمنذ أن دخلت الصراعات وتمكنت، وفخخت الأنظمة السياسية المواطنين بكل ألوان الإيذاء والتضييق في العيش، فضلا عن كآبة الحياة المملؤة بمشاهد القتل وسفك الدماء، تبدل الحال إلى الأسوأ، وأصبحت كل أسرة لا تهتم إلا بالماديات على حساب العلاقات الاجتماعية، وبات الأخ لا يرى أخيه بن أمه وأبيه، هذا إضافة إلى العلاقات مع الأصدقاء، التي تأتي أكثرها للمصالح فحسب، نتيجة لتعقيدات الحياة وتداخلها بدرجة كبيرة لتنهي تماما على ما تبقى في القلوب من ومضات حب وإخلاص.
" الفجر"  حاولت أن تذكر بجراح المجتمع المصري في مثل هذه المناسبة وتبحث في أسباب التغييرات الحاصلة للمجتمع المصري من ناحية علاقاته الاجتماعية.

  أحداث المجتمع أثرت كثيرا

في البداية أكدت الدكتورة سامية خضر صالح، أستاذ علم الاجتماع بجامعة عين شمس، أن الإنسان مر بالعديد من الحضارات المختلفة التي تتخللها بعض الأحداث التي تؤثر بالسلب والإيجاب على حياة الإنسان.
وأضافت في تصريحات خاصة لـ " الفجر " أن العلاقات الأسرية اختلفت كثيرا على مدى فترات عديدة، حيث أن المجتمع بأحداثه أثر كثيرا على ما يسمى بالأسرة الممتدة التي كانت تتجمع فيها جميع أفراد العائلة في مكان واحد، ليتبدد أفرادها وتصبح ممتدة  لتكون في أماكن مختلفة.
ولفتت إلى أن خروج المرأة أيضا للعمل أثر كثيرا على اضمحلال هذه العلاقات، إلا أنها تحمل الإعلام وظيفة الحفاظ على الأسرة من خلال مواده الإعلامية، التي تصب في إرجاع الترابط وإحياء العلاقات الاجتماعية التي تتخللها المشاعر الطيبة الجميلة.

الحداثة تعد سببا

وقال الدكتور على أبو ليلة، أستاذ علم الاجتماع، إن السبب في تأثر العلاقات الاجتماعية التي تحمل العلاقات الطيبة بين أفراد المجتمع، هي الحداثة والتكنولوجيا التي جاءت لتجعل البشرية تتأثر بالفردية وتسبب شروخات بين أفراد الأسرة الواحدة .
وأضاف في تصريحات خاصة لـ " الفجر " أن العلاقات الفردية هي المسيطرة تماما على المجتمع، خاصة في ظل هذه الظروف التي يعيشها المجتمع والتي تؤدي بالتأكيد إلى إيجاد المزيد من تلاشي العلاقات الاجتماعية شيئا فشيئا منوها على أن الحد الأدنى من العلاقات متواجدة لكن ليست بالنمط القديم .  

العلاقات الاجتماعية لا تثبت إلا بالتلاقي

فيما أكد الدكتور طه أبو الحسن، أستاذ علم الاجتماع، أن العلاقات الاجتماعية اختلفت كثيرا عن الماضي، لافتا إلى أنه حدث فجوة كبيرة بين الماضي والحاضر من جميع النواحي الثقافية والدينية عن طريق بعض الأعمال الفنية التي ضربت هذه القيم في مقتل .
وأوضح في تصريحات خاصة لـ "الفجر" أن فصل الماضي الجميل عن الحاضر الذي بات سيئا، تعد مؤامرة بحيث يرفض المجتمع المصري التواصل مع الماضي بكل ما فيه من قيم ومبادئ وثقافة وصدق وعلاقات طيبة .
وشدد أن هذه القيم تم فصلها عن عمد إلا أنه لم ينس التأكيد على دور التكنولوجيا، والتقنيات الحديثة، ومواقع التواصل في ابتعاد أفراد المجتمع عن بعضهم، قائلا أن العلاقات الاجتماعية لا تثبت إلا بالتلاقي مما يؤكد على عظمة صلة الرحم التي فرضها الإسلام.