منال لاشين تكتب: كلاكيت عاشر.. مرة فضيحة ساويرس فى إيطاليا
■ الملياردير سافر مع وفد حزبه لمساندة الدولة فى قضية ريجينى فهاجم الحكومة المصرية
■ أكد فى حوارات صحفية أن البيروقراطية تعطل أعماله وبيزنسه
لا يمل الملياردير نجيب ساويرس من إثارة الجدل، وأغلب الظن أنه يعشق إثارة الجدل ولكن المؤكد أنه يستفيد من هذا الجدل. الأسبوع الماضى شهد فصلا مهما من فصول إثارة ساويرس للجدل أو للغضب.
فقد أعلن حزب ساويرس «حزب المصريين الأحرار» أن وفدا من الحزب يسافر لإيطاليا. الوفد ضم الملياردير نجيب ساويرس وهو الراعى الرسمى والمتحكم فى الحزب. وسافر رئيس حزب الأحرار وبعض أعضاء الحزب. والسبب المعلن للزيارة هو عرض قضية الباحث الإيطالى ريجينى. فالحزب قرر أن يستخدم موارده المالية الضخمة لدعم الدولة المصرية فى قضية ريجينى. وهى القضية الأخطر فى تاريخ العلاقات المصرية - الإيطالية.
ساويرس له بيزنس فى إيطاليا، وله أصدقاء كثيرون، ولذلك فحتى الآن فالموضوع يدخل فى نطاق الأمور الطبيعية. وفد من حزب مصرى يسافر لإيطاليا فى إطار الجهود لحل أزمة ريجينى.
ولكن كل ما يرتبط بساويرس يتحول لأمر غير طبيعى. لأن ساويرس لابد أن يضرب كرسيا فى الكلوب. وأن تتعارض مصالحه الاقتصادية مع زيارته السياسية، فحسب صحيفة أسكا الإيطالية فإن مؤسس حزب المصريين الأحرار قد توجه على رأس وفد من حزبه للتوسط فى قضية ريجينى.
1- تصريحات خطيرة
جدول الزيارة كان يشمل لقاء مع لجنة الشئون الخارجية بالبرلمان الإيطالى. وقد لعب البرلمان الإيطالى دور رأس الحربة فى تصعيد أزمة ريجينى. كما شمل الجدول زيارة تعزية لأسرة الباحث ريجينى. وكان من البديهى أن تجرى تغطية إعلامية من الإعلام الإيطالى للزيارة. ومن البديهى أيضا أن تتركز التغطية الإعلامية حول الملياردير المصرى نجيب ساويرس.
ولكن ليس من الطبيعى أن ينسى ساويرس مهمته الأصلية أو يضرب كرسيا فى الكلوب. فخلال حواراته الصحفية فى إيطاليا سأل نجيب عن استثماراته فى مصر. وأكد الملياردير أن حجم الاستثمارات العائلية يمثل نحو 6.8% من الناتج الإجمالى القومى.. ربنا يزيد ويبارك، ولكن ساويرس هاجم الحكومة المصرية وأكد فى تصريحاته الصحفية أنه لولا البيروقراطية المصرية لزادت استثماراته.. باختصار وعلى بلاطة فإن ساويرس قدم أسوأ دعاية للاستثمار فى بلده. وهذه الدعاية يمكن بالتأكيد أن تجعل أى مستثمر إيطالى يفكر فى الاستثمار فى مصر أن يعيد النظر فى تفكيره.
وهذه ليست المرة الأولى ولا الثانية ولا العاشرة التى يلجأ ساويرس إلى مهاجمة جهود الحكومة لجذب الاستثمار دوليا. فخلال المؤتمر الاقتصادى الذى أقيم فى شرم الشيخ فى شهر مارس قبل الماضى. انفرد ساويرس بالهجوم على الحكومة والموظفين. وكان موقفه السلبى محط اعتراض وغضب من الكثيرين. خاصة أن كل من حضر المؤتمر من العرب والأجانب ساند مصر. والجميع كانوا يسعون إلى مساندة ودعم الاقتصاد المصرى وجذب الاستثمارات الأجنبية. إلا ساويرس فالمعتاد أن يصاب ساويرس بنوبات غضب عنيفة تجعله يندفع فى الكلام والتصريحات.
وفى الغالب الأعم الأشمل يغضب ساويرس إذا لم تنفذ الحكومة كل طلباته ورغباته. حتى لو ارتفعت حصة ساويرس من السوق لـ50%. فإن ساويرس لن يشعر بالرضا على الحكومة، وسيندفع لمهاجمتها لمجرد أن مشروعا واحدا تعطل أو حتى لم ينته نهاية سعيدة لساويرس.
2- المشروع الأزمة
والمشروع الأزمة الآن لساويرس هو عملية شراء شركه سى آى كابيتال. فحتى الآن لم تمنح هيئة الرقابة المالية موافقتها النهائية لإتمام صفقة البيع. وهذا الموقف جعل ساويرس فى قمة غضبه. وحين يغضب ساويرس فهو لا يتذكر كم مشروعا حصل عليه فى مصر؟ وكم مليارا من الأرباح لهذه المشروعات؟ فقط يتذكر ساويرس المشروع المتعطل أو الصفقة المتأخرة. ولم يعد لساويرس كلام فى الداخل أو الخارج إلا عن المشروع. والبيروقراطية التى تعطل البيزنس. ومناخ الاستثمار الطارد للمستثمرين.
وخطورة هذا الكلام أنه أسوأ دعاية اقتصادية لمصر خلال الأزمة الطاحنة التى تعانيها مصر. وخطورة الرحلة السياسية لساويرس فى إيطاليا أنه لا يمكن الفصل بين ساويرس السياسى، وساويرس رجل الأعمال. فالإيطاليون لو صدقوا كلام ساويرس السياسى عن قضية ريجينى، فلماذا يكذبونه إذا فى كلامه كرجل أعمال عن سوء أحوال الاستثمار فى مصر؟
وإذا كان ساويرس يرغب فى الاستمرار كسياسى فعليه أن يفض الاشتباك بين مصالحه الخاصة واهتماماته العامة. وأن يوقف تعارض المصالح بين البيزنس والسياسة.
فلا يمكن أن يخدم ساويرس قضية بلده فى قضية ريجينى، وفى نفس الوقت يهاجم حكومة بلده فى إجراءات الاستثمار وجذب المستثمرين. ولا يمكن أن يكون السياسى عنصرا طاردا للاستثمار ويشوه صورة الإجراءات التى تبذلها الحكومة لجذب استثمارات. والحصول على الدولار الذى يضرب الأسعار فى مقتل كل يوم. ويذهب بها إلى مستويات قياسية مجنونة تحرق المواطن. فى الحقيقة نحن لا نحتاج إلى ساويرس السياسى بقدر حاجتنا لرجل الأعمال ساويرس. ولكن بشرط ألا تتحكم مصالحه الشخصية فى البيزنس ــ فى تصريحاته ــ فهناك رجال أعمال لهم مشروعات متوقفة، ولكنهم يحاولون أن يساندوا الدولة فى جذب الاستثمار. وأن يقدموا صورة جاذبة للاقتصاد والاستثمار فى بلدهم. بالطبع لا أقصد أن يكذب رجل الأعمال نجيب ساويرس أو غيره. ولكن فقط لا يركزون فقط على مشروعاتهم وصفقاتهم. ويعتبرونها المعيار الوحيد للحكم على الاقتصاد. أو بالأحرى الرضا عن الحكومة. ولذلك يجب أن يختار ساويرس بين السياسة والبيزنس. أما أن يدافع عن الدولة فى قضية ريجينى، ثم يشوه صورة اقتصاد البلد لمجرد صفقة. فهذا نمط مرفوض وخطير جدا. مرة أخرى إذا صدق الإيطاليون أو العالم كلام ساويرس. فهذا معناه ألا يأتى مستثمر لمصر. وألا تحل أزمة الدولار أو بالأحرى أزمة نقص الدولار الحادة. وحتى إذا حلت أزمة ريجينى فإن بقاء أزمة الدولار يعنى كارثة بكل المقاييس.