محمد مسعـود يكتب: صفاء حجازى امرأة هزت عرش ماسبيرو

مقالات الرأي



من قارئة لنشرة الأخبار.. لرئيسة اتحاد الإذاعة والتليفزيون

كان تولى صفاء حجازى مسئولية اتحاد الإذاعة والتليفزيون مسألة وقت، فالأمر كان محسوما، والمنصب كان مجهزا لها بالفعل، ربما بدافع ضخ دماء جديدة فى اتحاد الإذاعة والتليفزيون الذى أصيب بتصلب الشرايين، وربما لإخفاقات عصام الأمير المتتالية.. وربما أيضا، لنجاحها الملحوظ فى إدارة قطاع الأخبار.. بالتليفزيون المصري.

ولا يخفى على أحد كم الأزمات الكبيرة التى كانت بين عصام الأمير وصفاء حجازي، لدرجة دفعته للتقدم بمذكرة لرئيس مجلس الوزراء – آنذاك- المهندس إبراهيم محلب، لعزل حجازى من منصب رئيس قطاع الأخبار.

خاض الأمير حربه مع صفاء بشكل كان معلنا للجميع، وكأنه كان واثقا من سحقها، بينما أدارت هى معركتها معه، على طريقة أن التميز فى العمل يفرض صاحبه ويعطى دعما وقوة لا مثيل لها، وهنا قرر محلب، أن يقوم بعملية المصالحة بين الطرفين، ليؤكد للجميع انتصار صفاء حجازى على عصام الأمير بالضربة القاضية، فوجودها أصبح رغما عن أنفه، وحتى إن قابلها والابتسامات على وجهه فإن ما فى القلب، سيبقى فى القلب، وأنه كرئيس اتحاد، فشل فى مواجهة رئيس قطاع من قطاعات التليفزيون، لذا كانت حجازى شوكة فى حلق الأمير الذى حاول كظم غيظه رغم تأكده أنها ستخلفه، إن آجلا أو عاجلا.

والحقيقة إن مجىء حجازى كان معلوما، لكن التوقيت، لم يكن قد تحدد بعد.. فما عجل برحيل عصام الأمير، عدم إحكام قبضته على المبنى، رغم تعيينه المقربين منه فى أغلب المناصب.. التنفيذية والفنية.

1- المهمة الأولى

منصب رئيس اتحاد الإذاعة والتليفزيون، منصب فى غاية الحساسية، ويتطلب مهارات وسمات شخصية، لابد أنها غير متوفرة فى الكثيرين، ولعل جلوس عصام الأمير على مقعد أسامة الشيخ، عرضه لبعض الظلم، ففارق الخبرات بين الشيخ الذى أعاد لشاشة التليفزيون هيبتها ووقارها، وجعلها الشاشة الأولى التى تتنافس الفضائيات الخاصة معها، جعل من الأمير فى مقارنة صعبة، ففى عهده عاد التليفزيون إلى الخلف، ولم يستثمر الدفعة الهائلة التى صنعها أسامة الشيخ، وبات التليفزيون المصرى يتسول المسلسلات والأعمال الدرامية من المنتجين، وانحسرت الأضواء عن الشاشات المختلفة التى راح بريقها، وعادت إلى زمن قريب من حيث الجودة إلى زمن الأبيض والأسود، غير أن مضمون ما كان يقدم منذ سنوات طويلة أبقى وأهم مما قدمه التليفزيون فى عهد عصام الأمير الذى حاول جذب المشاهدين من خلال برنامج «أنا مصر»، لكنه لم يحقق أى نسبة مشاهدة.

ولعل خطأ عصام الأمير الكبير أو خطيئته الكبرى، أنه لم ينتبه، لأن المبنى ملىء بأفراد ينتمون إلى جماعة الإخوان المسلمين الإرهابية، أو على الأقل متعاطفون معها، ويصبون جام غضبهم على ثورة 30 يونيو، التى أعادت للشعب وطنه المغتصب، وهناك الكثيرون منهم فى قطاعات الإنتاج، التليفزيون، القنوات الإقليمية، والهندسة الإذاعية، وبعض القطاعات الأخرى، سنكشف عنها لاحقا، وهو ما دلل عليه المحامى ثروت الخرباوى الذى يحفظ الإخوان عن ظهر قلب، بإعداد قائمة بأسماء المنتمين للجماعة فى مبنى التليفزيون.

المؤكد أن الدولة تعلم صعوبات المنصب.. والمؤكد أيضا أن الرهان على صفاء حجازى كبير، فبالمقارنة بينها وبين سلفها، فإن شخصيتها قوية وجادة، وحالة الخوف من قوتها وجديتها، ستخلق شيئا من الالتزام فى العمل داخل المبنى الواهن.. وربما كانت ردود الأفعال والمخاوف من مجرد ذكر اسم صفاء حجازى دليلا على ذلك.

2- المرأة الحديدية

نجحت صفاء حجازى فى هز عرش ماسبيرو، بفوزها الساحق على عصام الأمير، ما جعل البعض يرددون أنها بالفعل المرأة الحديدية، أو سيدة التليفزيون الأولى، فعلاوة على كونها أول سيدة ترأس قطاع الأخبار، وتنجح فى مهمتها، وأول امرأة ترأس اتحاد الإذاعة والتليفزيون، ويتوقع لها الجميع النجاح، فى حال تقديم دعم جدى من الدولة، فإن شخصيتها وتعاملاتها المنطقية والقانونية، تخيف الجميع.. ولعل تصريحها الأول بعد توليها المنصب بأنها لن ترحم المتجاوزين، تسببت فى حالة من الذعر للعاملين، الذين يتقاضون رواتبهم دون عمل حقيقى.

كما أن حالة الذعر انتقلت لأفراد جماعة الإخوان الإرهابية فى المبنى، ممن يدبرون ويخططون لفرصة يحرجون من خلالها النظام، أو يمنعون تنفيذ أى فكر مخالف لفكر الجماعة، كما فى إحدى الإدارات القائمة على التخطيط فى احد القطاعات العريقة التى انتهت ضمنيا بفعل جلوس بعض الصغار على مكاتب كبيرة، وحصول أفراد من الإخوان على مناصب تنفيذية، داخل القطاع العريق على مرأى ومسمع من رئيس القطاع.. وربما موافقته غير المعلنة!.

3- الطريق إلى رئاسة الاتحاد

طريق صفاء حجازى لرئاسة اتحاد الإذاعة والتليفزيون، لم يكن ممهدا أو مفروشا بالورود، بينما بدأت حياتها المهنية بقراءة نشرة الأخبار، قبل أن تقدم برنامج «بيت العرب» الذى مولته الجامعة العربية، واستمر لنحو عشرين عاما، نجحت صفاء خلالها فى تقديم حلقات مهمة مع رؤساء وملوك الدول العربية، قبل أن تعينها الدكتورة درية شرف الدين وزيرة الإعلام، رئيسا لقطاع الأخبار بالتليفزيون فى 2013، خلفا للإعلامى إبراهيم الصياد، لتكون أول امرأة تصل إلى المنصب، بعد أن تم منعها من الظهور على الشاشة فى 2007 بسبب وزنها الزائد، وفى العام التالى مباشرة تعرضت لمحنة صحية حقيقية، ونجت منها بأعجوبة.

وأثناء رئاسة صفاء حجازى لقطاع الأخبار خاضت العديد من المعارك، مع المذيعات العاملات خارج مبنى ماسبيرو وطالبتهن بالعودة للعمل فى التليفزيون المصرى.

صفاء حجازى تعرضت فى مبنى ماسبيرو للعديد من المحن والنكران.. لكنها أكدت أنها لن تنتقم من أى شخص، غير أنها وعدت بتغيير شكل التليفزيون خلال ثلاثة أشهر.. وأغلب الظن أنها ستغيره بالفعل.