في 5 روايات.. "الداخلية" تنتهك الدستور تحت شعار "حماية المواطن".. (تقرير بالصور)
المادة 57 من الدستور: للحياة الخاصة حُرمة.. ولا يجوز مصادرة وسائل الاتصال والاطلاع عليها
فقيه دستوري: ما فعلته قوات الأمن انتهاك.. ومن حق المواطنين مقاضاة "الداخلية"
حقوقي: لابد من إذن نيابة مسبق قبل فحص هاتف أي مواطن
خبير قانوني: المتظاهرون انتهكوا قانون التظاهر ويحق للأمن تفتيشهم
صحفي: ضابط احتجزني في مُدرعة بعد طلبه رؤية الـ"شات"
مواطن "كفيف": تعرضت للتهكم من الضباط بعد اكتشافهم أن هاتفي به "فيسبوك"
ترددت الأقاويل على مدار يوم أمس، الإثنين، بالتزامن مع مظاهرات 25 أبريل، حول قيام قوات الأمن باستيقاف المواطنين في الشوارع، سواء كان مشتبه بهم أو غير ذلك، وطلب فحص هواتفهم المحمولة، بالإضافة إلى فتح تطبيق "فيسبوك"، بهدف معرفة التوجه السياسي لصاحب الهاتف، وما إذا كانت لديه منشورات تهاجم النظام.
كما تعرض عددًا كبيرًا من الشباب للاحتجاز، لهذ السبب، وحصل شباب الصحفيين على نصيب الأسد من عمليات القبض خلال يوم أمس.
وحدثت تلك الوقائع على الرغم من تأكيد اللواء مجدي عبد الغفار، وزير الداخلية، أمس الأول، خلال لقائه بعدد من قيادات الوزارة في اجتماعهم للاستعداد لمواجهة الخارجين أثناء التظاهرات، بأن أمن واستقرار الوطن وسلامة مواطنيه "خط أحمر"، وأنه لن يسمح بالاقتراب منه أو تجاوزه.
واستعرضت "الفجر" مجموعة من شهادات الصحفيين والمواطنين حول ما تعرضوا له خلال المظاهرات من انتهاكات من قِبل قوات الأمن، بالإضافة إلى تفتيشهم وفحص هواتفهم، كما استعرضت آراء بعض القانونيين حول مدى دستورية ذلك.
فحص الهاتف المحمول
ويروي عاصم محمد, صحفي، أنه أثناء مروره بالقرب مقر نقابة المهندسين تم استيقافه من قبل مجموعة من الضباط، موجهين له بعض الأسئلة ومطالبينه بإظهار بطاقة الرقم القومي بالإضافة إلى "هاتفه المحمول", مشيرًا إلى أنه بدأ بتفتيشه بالإضافة إلى فحص هاتفه إذا كان يحوي صورًا أو منشورات تحريضية.
وتابع: "رغم كده خدني ووداني لضابط تاني اتكلم معايا وبص في الشات بتاعي وكلامي مع بعض الزملا.. وفي الآخر قالي اركب المدرعة.. قولتله أنا معملتش حاجة قالي متتكلمش كتير واركب وبعدين نشوفلك صرفة"، مشيرًا إلى أنه طالبه بالسماح له أن يتحدث مع صديق أو أحد من أسرته ليبلغهم مكانه ولكنه رفض.
وأضاف: "ركبني المدرعة وبعدها بحوالي ساعة إلا ربع لاقيت المدرعة بتتفتح وبيندهو عليا فين عاصم محمد.. قولتله أنا قالي انت الصحفي.. قولتله آه.. قالي تعالى ونزلت ووقفت مع رائد في الأمن الوطني قال لي انت صحفي يعني ملكش دعوة بحاجة خليك محايد".
واستكمل روايته: "قولتله الأرض هي العرض.. قالي ماشي بس بلاش تتكلم كتير وأنا هسيبك وانت عارف أنا هسيبك ليه"، قائلًا إنه علل ذلك بأنه صحفي ويقوم بتأدية عمله مثل ضباط الشرطة.
تفتيش ذاتي في معسكر الجبل الأحمر
وقال مصطفى رضا, صحفي، إنه أثناء مروره بشارع محمد محمود متجهاً إلى مترو محمد نجيب من أجل مقابلة إثنين من زملائه, التقى صدفًة زميلته "بسمة مصطفى" أثناء وقوفها مع أحد الضباط وإلقاء القبض عليها، الذي طالبه أيضًا بإظهار بطاقته الشخصية، بالإضافة إلى هاتفه المحمول.
وأضاف أنه اصطحبه إلى سيارة الترحيلات، التي وجد بداخلها 4 شباب من بينهم صحفي، واستمروا داخلها مدة نصف ساعة، إلى أن انتقلت بهم إلى معسكر قوات أمن الجبل الأحمر في مدينة نصر .
وتابع "رضا": "كان في تفتيش ذاتي بعد احتجازنا لمدة ساعتين داخل عنبر، وبعدها تم عرضنا على ضباط الأمن الوطني، ووجهت لنا أسئلة"، موضحًا أن تلك الأسئلة تضمنت طبيعة العمل وسبب تواجده في ميدان التحرير، مستكملًا أنه تم الإفراج عنهم بعدها والاعتذار لهم بحجة عدم دراية من قبض عليهم بأنهم صحفيين، ونقلتهم سيارة الترحيلات مرة أخرى إلى مدينة نصر.
سب بالأم وتهديد بإطلاق الرصاص
وعبر محمد جمال، صحفي، عن استيائه الشديد بعد أن قام أحد اللواءات بسبه بأمه، بالإضافة إلى لكمه في وجهه، مشيرًا إلى أن هذا اللواء أمر أحد المجندين في سيارة الأمن المركزي بضربهم، قائلًا: "اللي يفتح بقه أضربوه بالنار علطول ومالهوش دية"- على حد روايته التي أقسم بأنها حقيقية.
حكاية الباشا ضابط قسم الدقي
وفي رواية عن أحد المواطنين الذي كان يقف أمام قسم الدقي في انتظار أحد أفراد عائلته المقبوض عليهم أثناء المظاهرات داخل القسم، قال إن أحد الضباط المكلفين بتأمين القسم من الخارج لتجمع أهالي ما يقرب من 200 شاب تم إلقاء القبض عليهم اليوم، تحدث بأسلوب غير لائق معهم، مما جعله يطالبه بالهدوء.
وأضاف أن الضابط خرج من خلف الحاجز الحديدي وخلفه 20 شخصًا، وأهانوا الأهالي، واعتدوا عليهم جسديًا ودفعوهم بعيدًا عن المنطقة المحيطة بالقسم، وفي ظل ذلك الوقت بحث الضابط عن الشاب الذي طالبه بالهدوء حتى توصل إليه.
وتابع: "الباشا فجأة رفع سلاحه وشد الأجزاء وشق صف كل الأهالي ومعاه عسكري واتنين ضباط زمايله وقبضوا على الشاب اللي تجرأ وطلب منه يكلم الأهالي بهدوء، حاول الشباب اللي واقفين يتفاهموا معاه، أو يثنوه عن اللي بيعمله، قام الباشا الضابط التاني اللي معاه راشش سبراي self defense على كل الموجودين واعتقل الشاب الجدع وأخدوه جوه القسم".
وأضاف: "بعد ١٠ دقايق خرج الشاب من القسم بيبكي.. أيوه الشاب الجدع اللي كان واقف معانا خارج مكسور وبيعيط، مش بس كده، مش قادر ينطق أو يقول حرف، اللي كان بيتكلم كويس طالع بيتلعثم مش قادر يجمع حروف كلمة واحدة".
وتساءل: "تخيل ايه اللي ممكن يحصل في ١٠ دقايق يخلوا شاب جدع يتكسر الكسرة دي؟".
مأساة "كفيف" مع التفتيش
وفي رواية مؤسفة لواقعة محمد أبوطالب، "كفيف"، ومدرب كمبيوتر بمركز نور البصيرة لرعاية المكفوفين بجامعة سوهاج، الذي وثق الواقعة التي حدثت معه، قائلًا: "وقفني شخصين في ميدان الثقافة رايح فين وجاي منين وبتعمل ايه وليه ماشي معاك البتاعة دي.. طبعا القصد كان على عصايتي واحد منهم سحب العصاية من يدي سألته ليه بتاخدها قولي كنت عطيتها لك.. قالي متتكلمش كتير ووريني بطاقتك وريتها له جاني نتيفيكيشن على التليفون فالتليفون.. تكلم الثاني كان عاوز يسحبه من جيبي مسكت يده قالي ايه اللي بيتكلم دا وشيل ايدك قلت له لا مش من حقك تحط يدك في جيبي.. قالي وريني اللي بيتكلم دا ايه.. قلت له تليفوني قالي باستهزاء وهو فيه تليفونات بتتكلم.. قلت له فيه قالي باستخفاف بتهزر طيب اشمعنة بيتكلم قلت له لأني أعمى قالي طالما أنك أعمى زي ما بتقول طالع ليه لوحدك قلت له عادي هو الطلوع لوحدي ممنوع".
وأضاف أنهم بعد أن تهكموا عليه أمروه بالانصراف، ولكن أحدهم سأله عن هاتفه المحمول وطلب منه أن يفحصه، موضحًا: "قالي ايه حكاية التليفون اللي بيتكلم دا وريهوني، طلعته له قالي كمان تليفون حديث وبيتكلم.. قلت له ايوة قالي افتحه فتحته قالي بتشتغلني قلت له ليه قالي شاشته سودة فتحته يعني قلت له آاه مفتوح حرك صباعك على الشاشة حتلاقيه بيتكلم لقاه بيتكلم سألني وأنت كدة فاهم هو بيقول ايه قلت له أيوة.. قالي وهو مفهوش إضاءة يعني قلت له لا فيه قالي وليه مخليه أسود كدة قلت له لأنها متلزمنيش.. قالي خلي الشاشة منورة أخدته منه ونورتها قالي سكت البتاع اللي بيتكلم دا قلت له مبيتسكتش بص في الشاشة قالي حرك الصفحة حركتها له لقي فيسبوك وغيره قالي وبتستخدم الحاجات دي قلت له أيوة قالي ليه قلت له عادي قالي بسخرية علم الإنسان ما لم يعلم على آخر الزمن حتى الأعمى عنده فيسبوك".
وبعد وصلة التهكم ترك "أبو طالب" المكان، ولكنه لم يسلم من مجموعة ضباط آخرين حيث استوقفه أحدهم ليسأله نفس الأسئلة، وطالبه بفحص هاتفه المحمول، وقال له "أعمى ومعاه أيفون".
واستكمل: "سحب العصاية مني وفكها وركبها مرتين وبعد كده رماها على الأرض.. قلت له لو سمحت هاتها قالي هاتها أنت.. قلت له لا قالي هي قدام رجلك اليمين بشوية اتلافاها أنت رحت شتها بعيد برجلي وطلبت منه يديني التليفون ويلافيني العصاية نادا على حد خلاه لفاهاني وقالي غور من هنا على بيتكم".
هل انتهكت الشرطة الدستور؟
عمليات القبض اعتاد عليها المصريين، ولكن فحص هواتف المواطنين، كانت حدثًا جديدًا في مظاهرات اليوم لم نعتاد عليه، وخاصة في ظل تأكيد الدستور على أن للحياة الخاصة حُرمة، حيث تنص المادة 57 من الدستور: "للحياة الخاصة حرمة، وهي مصونة لا تمس، وللمراسلات البريدية، والبرقية، والإلكترونية، والمحادثات الهاتفية، وغيرها من وسائل الاتصال حرمة، وسريتها مكفولة، ولا تجوز مصادرتها أو الاطلاع عليها، أو رقابتها إلا بأمر قضائي مسبب، ولمدة محددة، وفى الأحوال التي يبينها القانون".
وجاء بالمادة نفسها: "تلتزم الدولة بحماية حق المواطنين في استخدام وسائل الاتصال العامة بكافة أشكالها, ولا يجوز تعطيلها أو وقفها أو حرمان المواطنين منها، بشكل تعسفي، وينظم القانون ذلك".
انتهاك الخصوصية والدستور
وحول ذلك يقول الفقيه الدستوري، عصام الإسلامبولي, إن ما فعلته قوات الأمن اليوم مع المواطنين، وبخاصة فحص هواتفهم المحمولة، يعد انتهاكا للخصوصية ومخالفة للدستور, موضحًا أن المراسلات والاتصالات الخاصة لا يجوز بأي حال من الأحوال التنقيب عليها أو بحثها, أو تفتشها إلا بأمر قضائي.
وأضاف الإسلامبولى, بأن الشخص الذي اتخذت ضده هذا الإجراءات من حقه أن يقاضي وزارة الداخلية عن هذا الانتهاك .
إذن مسبق من النيابة
وهو ما اتفق معه فيه المستشار عادل عبد الباقي, رئيس وحدة المواطنة بالمجلس القومي لحقوق الإنسان السابق، حيث أكد أنه ليس من حق رجل الشرطة أن يفحص الهاتف الخاص بالمواطن ويراجع كل ما بداخله إلا بإذن مسبق من النيابة, لافتاً إلى أنه من الممكن أن يتم الاطلاع إذا كان هناك اشتباه في جريمة، وأنه في هذه الحالة يتيح لرجل الشرطة أن يقدم على هذا الإجراء.
إجراء صحيح في ظل انتهاك قانون التظاهر
ورأى محمود سامي, الخبير القانوني أن ذلك لا يعتبر انتهاكًا للخصوصية، لافتاً إلى أن إجراءات اليوم كانت في ظل قانون التظاهر الذي انتهكه المتظاهرين الذين لم يحصلوا على إذن بذلك، وهو ما يجرمه القانون، وبالتالي تعد حالة "تلبس"، مشيرًا إلى أن عقوبتها قد تصل إلى "جُنحة".
وأضاف سامي, أنه على الرغم من أن قانون التظاهر مشكوك في دستوريته, إلا أنه لم يحكم في عدم دستوريته فهو قائم ومفعل, مضيفاَ أننا قد نعتبره انتهاك ولكن من ناحية أخرى نحن في حالة من حالات تجريم التظاهر .