عبد الحفيظ سعد يكتب: روح السبعينيات فى مظاهرات تيران وصنافير

مقالات الرأي



خطيئة استمرار حبس 25 من المشاركين فى احتجاجات 15 إبريل.. أفرجوا عن الشباب


«عيش.. حرية.. الجزر مصرية» تطور عفوى لشعار ثورة 25 يناير، حدث فى مظاهرات «جمعة الأرض» 15 إبريل التى خرجت للاعتراض على قرار تقسيم المياه الإقليمية بين مصر والسعودية، وما نتج عنه باعتبار أن جزيرتى تيران وصنافير سعوديتان.

تجمع المتظاهرون، أمام حزام حرم نقابة الصحفيين بشارع عبد الخالق ثروت، دون أن يحملوا ألوانهم السياسية والعقائدية، ولم يعطوا فرصة لأحد أن يستغل تجمعهم بعد أن طغت على وجوههم الشابة، ملامح الشباب التى خرجت فى يناير قبل أن تختطف مطالب ومبادئ ثورتهم، وتتحول لمطامع لمراكز وقوى سياسية.. لذلك خرجوا هذه المرة، بعد أن طوروا جزءا من الشعار المحفور.. واستبدلوا «الكرامة» بـ«الأرض»، التى تعد عند المصريين عقيدة.

وحمل المشهد رسائل ودلالات، على رأسها أن تمسك المصريين بالأرض، تحمله الجينات المصرية بالفطرة، وربما كان ذلك السبب الذى دفع الكثيرين إلى الخروج للاحتجاج، رغم المخاوف أن يتحول الأمر إلى فرصة من الإخوان إلى محاولة الظهور فى المشهد مرة أخرى، وهو ما حاول الإخوان أن يفعلوه قبل المظاهرة، عندما أصدروا بيانا ادعوا فيه أنهم سيشاركون فى التظاهر، رغم أنه ليس فى أفكارهم «وطنية الأرض» أو الدفاع عنها.

لكن بيان الإخوان جعل المشاركين فى المظاهرات أمام نقابة الصحفيين يحددون أهداف الاحتجاجات على قضية الجزيرتين، استنادا على مبدأ وطنى عقيدته الأرض، وذلك على الرغم من وجود هتافات أخرى، لكن كانت الرسالة الرئيسية للمتظاهرين مسألة الأرض.. وعندما حاول أحد الأشخاص أن يرفع شعار «رابعة»، تصدوا تلقائيا بصورة تلقائية حتى لا يشيطن أحد مظاهرتهم، بل كانوا حريصين على عدم توجيه أى هتافات عدائية للأشقاء السعوديين، والعمل على تركيز احتجاجاتهم على قضيتهم دون المساس بحق الآخرين فى الدفاع عن مصالحهم، كما حرص المحتجون على عدم الاحتكاك بقوات الأمن وقاموا بفض المظاهرة من تلقاء أنفسهم.

من هنا لا يمكن أن نقيس احتجاجات 15 إبريل، بأنها مجرد تحرك ثورى على خلفية مطالب سياسية وصراع الحكم، حتى لو حملت لون ثورة يناير، إلا أنها تمتد لحركة احتجاجية، خرجت منذ عقود، وهى حركة الطلبة الشبابية التى كانت بذرتها الأولى فى فبراير 1968 وامتدت حتى حرب 73.. والتى لم يعشها معظم أو كل من شاركوا فى الاحتجاجات الأخيرة، بل يمكن اعتبارهم أنهم أبناء للجيل القديم «السبعينيات».

لذلك تتشابه مظاهرات 15 إبريل مع حركة الطلبة فى أنها تعيد التأكيد على العقيدة الممتدة لدى المصريين التى تؤمن وتحافظ على الحدود الموروثة منذ عهد رمسيس الثانى وحتى يومنا.. ولم تنجح عوامل الزمن، بمرور قرون عليها وتعاقب نظم حكم وغزاة أن تغيرها.. وظلت الأرض بذات الحدود باقية لم يغيرها محتل أو ينجح فى زحزحتها غازٍ..

1- يتلخص ما حدث فى فبراير 68، وما تلاه فى يناير 1972 حتى حرب أكتوبر، والتى تتشابه فى مبدأ الدفاع عن الأرض مع مظاهرات 15 إبريل 2016 والتى كانت مظاهرة أو احتجاجا من نوع مختلف، قد يعترض عليه البعض لكنه لا يملك صاحب منطق أن يعاديه، حتى لو كان مبرره أن الوقت لا يحتمل للاحتجاجات فى ظل الظروف العصيبة التى تمر بها البلد والمنطقة بكاملها..

لكن فى نفس الظروف كانت أشد قسوة وأكثر خطورة.. وفى أعقاب نكسة 5 يونيو 67 وبعد إجراء محاكمة عسكرية لقادة سلاح الطيران باعتبارهم مسئولين عما حدث فى النكسة، بعد أن ضرب طيران العدو جميع المطارات والقوات الجوية، ما أخرج الجيش المصرى من الحرب فى بداية.. لكن المحكمة العسكرية أصدرت أحكاما اعتبرها البعض أنها غير كافية تجاه المسئولين فى سلاح الطيران.. وخرجت جماهير العمال من مصانع حلوان تحتج على الحكم، وتم التعامل الأمنى معها بعنف، ما أدى لخروج احتجاجات شبابية من الطلبة فى جامعة القاهرة والإسكندرية وعين شمس والمنصورة، للاعتراض على المواجهات ضد عمال حلوان، ورفضا للأحكام المخففة ضد قادة الطيران.

ووصلت المظاهرات الشبابية إلى مقر مجلس الأمة فى شارع قصر العينى واضطر أنور السادات، وقتها - كان رئيساً للبرلمان - أن يقابل وفدا من الطلبة ووعدهم برفع مطالبهم، وبعدها استجاب جمال عبدالناصر لمطالب المحتجين لإدراكه أن زخم الشباب والعمال يعدان سنده فى حركة التصحيح.. وأمر بإعادة محاكمة قادة الطيران مرة أخرى، كما بدأ بعدها مستندا للدعم الشعبى وقتها، بإعادة بناء مؤسسات الدولة والاتحاد الاشتراكى والعمل على تجهيز الجيش لحرب الكرامة..

كانت لحركة الطلبة فى عام 68، امتداد آخر ظهر فى يناير 1972، عندما خرجت مظاهرات للطلبة فى جامعة القاهرة وعين شمس، تطالب السادات بالوفاء بوعده الذى قطعه على نفسه بأن يكون عام 71 هو عام الحسم وتحرير سيناء من إسرائيل، بعد أن برر السادات بعدم القدرة على القيام بحرب فى نفس الوقت الذى تدور فيه الحرب الباكستانية الهندية..

ورغم أن هذه الاحتجاجات ظهرت فى أصعب الظروف التى كانت تمر بها مصر، إلا أن التاريخ بعدها أثبت أنها كانت الداعم الرئيسى لمصر فى خوض حرب 6 أكتوبر، سواء باستغلالها فى عملية الخداع الاستراتيجى، بأن مصر لن تخوض الحرب، كما أنها كانت الداعم المعنوى لصفوف الجنود والذين يحفزهم للنصر حماس أقرانهم وزملائهم من شباب الجامعات، وهو ما لعب دورا مهما فى أن يعبروا القناة بأجسادهم، مخترقين خطوط إسرائيل المنيعة.. ومع الوقت تحول قادة هذه الحركة الاحتجاجية إلى جيل من السياسيين الذين ظهرت أسماؤهم بعدها وحتى الآن والذين يعرفون بـ«جيل السبعينيات».

ربما تكون الاحتجاجات المرتبطة بقضية جزيرتى تيران وصنافير، طريقا جديدا لإعادة روح الانتماء الوطنى، بعد أن ثبت كذب ما يدعيه البعض بضمور الشعور بالقضايا الوطنية..

2- ومن هنا وجب علينا أن نطالب بالإفراج عن 25 من المحتجين الذين صدر قرار من النيابة العامة بحبسهم بتهمة المشاركة فى المظاهرات وخرق قانون التظاهر حتى لا نزيد قائمة المحبوسين بتهمة خرق قانون التظاهر.. وعلينا أن نسترجع ما كتبه الكاتب الراحل محمد حسنين هيكل فى الأهرام عقب احتجاجات الطلبة فى أول مارس عام 1968 عقب مظاهرات الطلبة وقتها كان رئيساً لتحرير صحيفة الأهرام وأكثر المقربين من عبد الناصر ولكنه عقب المظاهرات خرج فى افتتاحية الصحيفة الرسمية قائلاً: «إن المظاهرات مهما كان فيها بعض الأحيان من جموح تعتبر فى الواقع ظاهرة صحية، وهى فى أبسط صورها تعبير عن اهتمام بالمصير لابد من تقدير دوافعه وحتى لو ثبت أنه كانت هناك محاولات لاستغلالها فإنه من الضرورى أن نفرق بين النوايا.. اعتقد أن نوايا المحتجين فى 15 إبريل لا تختلف عن طلبة 68، وينطبق عليهم ما ذكر فى كلام هيكل فى نهاية السبعينيات لكن الغريب أن بعد قرار النيابة بالإفراج عنهم، إلا أنه تم العدول عن القرار وتؤيد محكمة جنوب القاهرة قرار النيابة باستمرار حبسهم بعد رفض الاستئناف، ولابد من موقف حكيم حتى لا يتحول هؤلاء لعبء آخر مثل شباب الثورة الذين مازالوا رهن الاعتقال، ضحية قانون التظاهر..

وفيما يلى قائمة الشباب المحبوسين، لعل يتحرك من يمتلك العقل للإفراج عنهم.

1- محمد بدرى بدوى محمد

2- آسر عبدالحليم خطاب خفاجى

3- أحمد محمد نبيل حسن

4- أحمد محمد سليمان صالح

5- عمرو إسماعيل سالم عبدالعال

6- محمد عربى كمال محمد

7- أدهم سمير جمال الدين محمد

8- محمد قطب سعد زغلول

9- محمد جمال محمد عبدالمعطى

10- إسماعيل جمال عبدالفتاح عبدالدايم

11- يونس محمد يونس حسن

12- على عبد المنعم إبراهيم عبدالحميد

13- محمد عامر السيد عبد الهادى

14- أحمد سيد عبدالسلام على حسن

15- أيمن مجدى محمد على

16- خالد كمال الدين حسن

17- خالد عبدالفتاح عبدالوهاب

18- مصطفى جمال فوزى

19- شريف صفوت سليم كامل

20- محمود أحمد محمد زكى

21- أمير خالد عبدالعزيز محمد

22- شريف حسام محمود فخرى

23- محمد أحمد سيد حسين

24- إسلام مصطفى فرج عبد الدايم

25- خالد أيمن محمد يوسف