صلاح جاهين.. كرباج سعادة جلد قلوب المصريين.. (بروفايل)

تقارير وحوارات

بوابة الفجر

"قالوا السياسة مهلكة بشكل عام.. و بحورها يا بني خشنة مش ريش نعام.. غوص فيها تلقي الغرقانين كلهم.. شايلين غنايم .. و الخفيف اللي عــام.. عجبي !!!".. هكذا كانت السياسة من وجهة نظر الفنان "صلاح جاهين"، الذي تمر اليوم ذكرى وفاته، فكان يعد صوتًا من الأصوات التي عبرت عن آلام وآمال المصريين، حيث كتب عن واقعهم وحلمهم، حتى أصبح ثمرة من ثمرات التراث القومي والإنساني المصري.
نشأته
محمد صلاح الدين بهجت أحمد حلمي، ولقب بـ "صلاح جاهين"، شاعر ورسام كاريكاتير وممثل مصري، ولد 25ديسمبر 1930م، توفي 21 إبريل 1986م.
ولد في شارع جميل باشا في شبرا، كان والده المستشار بهجت حلمي يعمل في السلك القضائي، حيث بدأ كوكيل نيابة وانتهى كرئيس محكمة استئناف المنصورة ، درس الفنون الجميلة ولكنه لم يكملها حيث درس الحقوق.
 تزوج صلاح جاهين مرتين، زوجته الأولى "سوسن محمد زكي" الرسامة بمؤسسة الهلال عام 1955م، أنجب منها أمينة جاهين وابنه الشاعر بهاء، ثم تزوج من الفنانة "منى جان قطان" عام 1967 وأنجب منها أصغر أبنائه سامية جاهين عضو فرقة إسكندريلا الموسيقية.
أعماله 
قام بتأليف ما يزيد عن 161 قصيدة، منها قصيدة "على اسم مصر" وأيضا قصيدة "تراب دخان" التي ألفها بمناسبة نكسة يونيو 1967، وكان مؤلف أوبريت "الليلة الكبيرة"، أشهر أوبريت للعرائس في مصر.
من أهم أعمال "جاهين" كانت الرباعيات، والتي تجاوزت مبيعات إحدى طباعات الهيئة المصرية العامة للكتاب، ولها أكثر من 125 ألف نسخة في غضون بضعة أيام، هذه الرباعيات التي لحنها الملحن الراحل "سيد مكاوي"، الذي توفي أيضًا في اليوم ذاته بعد 11 عام "21 إبريل عام 1997م"، وغناها الفنان" علي الحجار". 
 وأنتج العديد من الأفلام التي تعتبر خالدة في تاريخ السينما الحديثة مثل "أميرة حبي أنا"، فيلم "عودة الابن الضال"، ولعبت زوجته أدوار في بعض الأفلام التي أنتجها. 
 كما عمل محرراً في عدد من المجلات والصحف، وقام برسم الكاريكاتير في مجلة "روز اليوسف" و"صباح الخير" ثم انتقل إلى "جريدة الأهرام".
وكتب سيناريو فيلم"خلي بالك من زوز"،  والذي يعتبر أحد أكثر الأفلام رواجاً في السبعينيات إذ تجاوز عرضه حاجز 54 أسبوع متتالي، كما كتب أيضاً أفلام "شفيقة ومتولي"، "المتوحشة".
 كما قام بالتمثيل في "شهيد الحب الإلهي" عام 1962م، و "لا وقت للحب" عام 1963م، "المماليك" عام 1965م، "اللص والكلاب" عام 1962م.
ينظر البعض إلى جاهين على أنه متبني "علي الحجار"، "أحمد زكي"، "شريف منير"، كما أرتبط بعلاقة قوية مع الفنانة "سعاد حسني" حيث دفعها إلى العمل مع "أحمد زكي" في مسلسل "هو وهي". 
رسوم الكاريكاتير
عمل صلاح جاهين رسامًا للكاريكاتير في جريدة "الأهرام"، حيث كان كاريكاتير جاهين يُتابع بشدة، وظل بابًا ثابتًا حتى اليوم متميزًا بخفة الدم المصرية والقدرة على النقد البناء.
جاهين والسياسة
كانت حركة الضباط الأحرار وثورة 23 يوليو عام 1952م، مصدر إلهام لـ "جاهين"، حيث قام بتخليد "جمال عبد الناصر" فعليًا بأعماله، حيث سطر عشرات الأغاني؛ لكن هزيمة 5 يونيو عام 1967م، خاصةً بعد أن غنت "أم كلثوم" أغنيته "راجعين بقوة السلاح" عشية النكسة، أدت إلى أصابته باكتئاب، هذه النكسة كانت الملهم الفعلي لأهم أعماله الرباعيات والتي قدمت أطروحات سياسية تحاول كشف الخلل في مسيرة "الضباط الأحرار"، التي يعتبرها الكثير أقوى ما أنتجه فنان معاصر.. 
كانت وفاة الرئيس عبد الناصر هي السبب الرئيسي لحالة الحزن والاكتئاب التي أصابته وكذلك السيدة أم كلثوم حيث لازمهما شعور بالإنكسار،  لأنه كان الملهم والبطل والرمز لكرامة مصر، لم يستعيد بعدها جاهين تألقه وتوهجه الفني الشامل. 
شاعر الثورة
أطلق على صلاح جاهين لقب "مغني الثورة" لأن كل ما كتبه كان يتحول إلى أغنيات ثورية شعبية بصوت فنان الثورة عبد الحليم حافظ بألحان الموسيقار كمال الطويل، فاستطاع أن يترجم مشاعر وأحلام وأفراح ملايين المصريين إلى كلمات حية مليئة بالدفء والزهو والنشوة، حيث أنه أشعاره "الثورية" تعمقت داخل الإنسان المصري المتطلع إلى عالم أفضل ليستخرج منه بكلمات عامية بسيطة وبليغة في آن واحد، أجمل ما فيه من أغنيات .
وبهذا الصدق والفرح والتفاؤل كتب جاهين وغنى عبد الحليم "إحنا الشعب، بالأحضان المسئولية، يا أهلا بالمعارك، صورة، ناصر"، وكان من المدهش حقا استقبال الجماهير لهذه الاناشيد وتجاوبها معها حفظا وغناء وكأنها أغنيات في الحب وليس في الثورة والحرية والكرامة.