بعد أزمة برلمان 2009.. "المحاصصة" تتسبب في مشكلة جديدة بـ "النواب" العراقي

عربي ودولي

بوابة الفجر


على الرغم من مرور عدة سنوات على أزمة البرلمان العراقي فى 2009، والتي أستمرت لقرابة الأربعة أشهر، بسبب المحاصصة الطائفية والتي تتحكم في النظم السياسية داخل العراق، وتعرف على أنها "عملية تقسيم الكل الى مكوناته حسب الاستحقاق الكمي للاطراف المشاركة فيه"، تجددت الأزمة جديداً في البرلمان الحالي، حيث اعتصم عدداً من النواب داخل البرلمان اعتراضاً على تشكيل حكومة المحاصصة، وخرجت تظاهرات للمواطنين في عدة مدن لتأييد اعتصام النواب، وللمطالبة بإلغاء المحاصصة.


أزمة البرلمان العراقي 2009
بدأ عام 2009 بوجود خلاف كبير بين الكتل السياسية في البرلمان العراقي، حول من يخلف رئيس البرلمان المستقيل محمود المشهداني في رئاسة البرلمان والذي تم تعيينه من قبل المحاصصة العراقية، وبدأ الخلاف من داخل أروقة جبهة التوافق العراقية التي منحت المحاصصة لها منصب رئاسة البرلمان، في حين تمسك الحزب الإسلامي العراقي بالمنصب، وبعد جولات ومفاوضات عديدة حسم هذا الملف في إبريل 2009، بعد أن فاز به مرشح الحزب الإسلامي العراقي إياد السامرائي.


سبب الأزمة
في أواخر ديسمبر 2008، حدثت مشادات كلامية بينه وبين أعضاء من مجلس النواب، مما دفع  العديد من النواب، خاصةً من كتلتي التحالف الكردستاني والائتلاف العراقي الموحد، إلى عدم الدخول الى جلسات المجلس، إذا وجد المشهداني فيها، مما جعل جبهة التوافق تقنع المشهداني بتقديم استقالته، بدلا من إقالته حفاظاً على مكانته وامتيازاته.


تأخر حسم رئاسة البرلمان
وأكد أكثر من سياسي عراقي، بعضهم نواب في البرلمان وبعضهم قياديون في قوى سياسية ومسؤولون كبار في الدولة، أن سبب تأخير حسم رئاسة البرلمان يعود الى انعدام الثقة بين الشركاء السياسين مما تسبب في نشوب الكثير من المشادات بين القوى والتكتلات البرلمانية العراقية، خاصةً بعد توجيه الاتهامات للحزب الاسلامي في أنه كان وراء استقالة "المشهداني".

كما أن مبدأ المحاصصة السياسية كان من أبرز أسبب تلك الخلافات، حيث تم عقد اجتماعات مكثفة الكثير للتوصل إلى اسم مرشح لشغل منصب رئيس المجلس على خلفية المحاصصة الطائفية في العراق، والتي قضت في أن تكون رئاسة الجمهورية للأكراد، ورئاسة الوزراء للشيعة، ورئاسة مجلس النواب للسنة.


مسألة إدارية بحتة
ومن جانبه، أكد الشيخ جلال الدين الصغير، العضو البارز في المجلس الأعلى الاسلامي حينها، أن استقالة "المشهداني" من منصبه لم يكن لها أي بعد سياسي، وإنما كانت محصورة فقط في مسألة إدارية بحتة.

وقال الشيخ الصغير: "ما حصل في مجلس النواب بشأن استقالة محمود المشهداني لم يكن له أي خلفية سياسية أو أنها محاولة التفاف على شخص المشهداني".

وتابع الصغير، "أن ما حصل هو تعبير عن علاج لمشكلة إدارية بحتة تتعلق بسوء إدارة البرلمان العراقي، رغم أنه لا يتحملها وحده، بل تتحملها أيضا هيئة الرئاسة ورئاسة مجلس النواب وكثير من رؤساء اللجان البرلمانية". 


فوز الحزب الإسلامي
وعقب مرور 4 أشهر من المشادات والتجاذبات بين التكتلات البرلمانية العراقية حول من يخلف "المشهداني" في رئاسة البرلمان، انتخب مجلس النواب العراقي في جلسة 19إبريل 2009، بالغالبية النائب عن جبهة التوافق والقيادي بالحزب الإسلامي إياد السامرائي رئيساً للبرلمان للفترة المتبقية من عمره الذي سينتهي أواخر العام الحالي.  

وحصل السامرائي على 140 صوتا، وكانت الكتل السياسية اتفقت على أن يقتصر الترشيح على مرشحين فقط أحدهما السامرائي، والآخر هو مصطفى الهيتي عن الجبهة الوطنية للحوار.


الوضع الحالي للبرلمان
ولم يختلف الوضع الحالي للبرلمان العراقي كثيراً عن ما كان عليه عام 2009، حيث فجرت المحاصصة العراقية أزمة جديدة داخل البرلمان، حيث اصطدم مطلب رئيس الحكومة العراقية حيدر العبادي إقالة وزراء حكومته الحالية وتشكيل وزارة جديدة من التكنوقراط، بجدار المحاصصة الطائفية الذي تقوده الكتل السياسية الكبرى في البلاد، مما اضطره لترشيح كابينة وزارية جديدة تضم شخصيات سياسية والإبقاء على الوزراء الأكراد في الحكومة الحالية في مناصبهم للوزارة المقبلة.

وتفجرت الأزمة داخل البرلمان العراقي عقب قرار رئيس المجلس، بإرجاء التصويت على التشكيل الوزاري الجديد الذي اقترحه رئيس الوزراء، مما أدرى إلى تفجير موجة من الغضب في نفوس النواب الذين طالبوا "الجبوري" بعقد جلسة استثنائية لتحقيق مطالب الشعب وإلغاء المحاصصة، كما أعلن عدد من النواب الاعتصام في قاعة مجلس النواب حتى إلغاء قائمة المحاصصة.


تطورات المشهد
وعقب اعتصام النواب بالمجلس، تعالت الأصوات للمطالبة بإقالة الرئاسات الثلاثة، حيث تم جمع توقيع 105 نائباً للمطالبة بإقالة الرئاسات الثلاث "الحكومة والبرلمان ورئاسة الجمهورية"، ورفض القائمة الجديدة البديلة لقائمة التكنوقراط.

وعلى غرار اعتصام النواب، تظاهر المئات من العراقيين، في ساحة التحرير وسط بغداد وفي مدن كربلاء والديوانية والحلة والناصرية جنوبي العراق، تأييداً لاعتصام نواب البرلمان احتجاجاً على "المحاصصة" السياسية والطائفية، واستجابة رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي لضغوط الكتل والأحزاب السياسية وعدم تشكيل الحكومة من التكنوقراط المستقلين.

وطالب المتظاهرون وغالبيتهم من التيار الصدري بتطبيق الإصلاحات وتشكيل حكومة التكنوقراط ودعم اعتصام نواب البرلمان الذين رفضوا المحاصصة، فيما شرع أنصار الزعيم الشيعي مقتدي الصدر في نصب خيمة اعتصام أمام مجلس محافظة النجف تأييداً لاعتصام النواب ودعوا إلى استقالة رئاسات الجمهورية والنواب والحكومة.

وأكد النواب المعتصمون داخل مبنى مجلس النواب أنهم لن يتراجعوا عن تحقيق طموحات الشعب، ودعوا العراقيين إلى تأييد "انتفاضة" نواب الشعب وتشكيل حكومة كفاءات.