في الذكرى الـ 28 لاغتيال "أمير الشهداء".. "أبو جهاد" القائد الفتحي الأكثر خطورة على إسرائيل

عربي ودولي

بوابة الفجر



خليل الوزير "أبو جهاد"، سياسي فلسطيني مرموق وواحداً من أهم قيادات حركة فتح وجناحها المسلح، إغتالته إسرائيل عام 1988 في تونس بالتزامن مع أحداث الإنتفاضة الفلسطينية الأولى حركة فتح ومنظمة التحررير لفلسطينية في بيته بـ "تونس"، حيث يعتبر "أبو جهاد" أحد رموز الكفاح الوطني الفلسطيني.


حياته ونشأته
 ولد القائد خليل الوزير "أبو جهاد" في 10 أكتوبرعام 1935،  في مدينة الرملة في فلسطين المحتلة عام 1948، ولجأ مع أهله بعد النكبة إلى غزة حيث أكمل دراسته الثانوية والتحق بجامعة الإسكندرية، ثم انتقل إلى السعودية فأقام فيها أقل من سنة، وبعدها توجه إلى الكويت وظل بها حتى عام 1963.


 مناصبه
وتقلد "أبو جهاد" العديد من المناصب خلال حياته، فقد كان أحد أعضاء المجلس الوطني الفلسطيني، وعضو المجلس العسكري الأعلى للثورة، وعضو المجلس المركزي لمنظمة التحرير الفلسطينية، ونائب القائد العام لقوات الثورة، كما إنه يعتبر أحد مهندسي الانتفاضة وواحداً من أشد القادة المتحمسين لها.


بداية عمله السياسي
وأثناء تواجده بالكويت تعرف "أبو جهاد" على ياسر عرفات، والذي شاركه في تأسيس حركة فتح، حيث أسس مع عدد من المناضلين الفلسطينيين حركة التحرير الوطني الفلسطيني"فتح"، فترك التدريس ليتفرغ للعمل الوطني، ثم غادر الكويت إلى الجزائر ليصبح مسؤولاً عن مكتب فتح الأول من نوعه، حيث مكث حتى تاريخ بداية انطلاقة فتح في مطلع عام 1965، واستطاع خلال تلك الفترة أ يحصل على إذن من السلطات الجزائرية بالسماح لكوادر الحركة بالاشتراك في دورات عسكرية وإقامة معسكر تدريب للفلسطينيين الموجودين في الجزائر.

كما قام "أبو جهاد" خلال هذه المرحلة، بتوطيد العلاقة مع الكثير من حركات التحرر الوطني في أمريكا اللاتينية وأفريقيا وآسيا الموجودة على أرض الجزائر، وأقام كذلك علاقات قوية مع كثير من سفارات الدول العربية والاشتراكية.


انجازاته في دمشق
وفي عام 1965، غادر الجزائر إلى دمشق حيث أقام مقر القيادة العسكرية وكلف بالعلاقات مع الخلايا الفدائية داخل فلسطين، كما شارك في حرب 1967 وقام بتوجيه عمليات عسكرية ضد الجيش الإسرائيلي في منطقة الجليل الأعلى.

 وتولى بعد ذلك المسؤولية عن القطاع الغربي في حركة فتح، وهو القطاع الذي كان يدير العمليات في الأراضي المحتلة، وخلال توليه قيادة هذا القطاع في الفترة من 1976 – 1982 عكف على تطوير القدرات القتالية لقوات الثورة، كما كان له دور بارز في قيادة معركة الصمود في بيروت عام 1982 والتي استمرت 88 يوماً خلال الاجتياح الإسرائيلي للبنان.


أشهر عملياته
وخطط "أبو جهاد" للعديد من عمليات حركة فتح النوعية، وأشهرها عملية "سافوي" وعملية "كمال عدوان" التي قادتها الشهيدة دلال المغربي، كما شارك في معارك حرب 1967، والكرامة، وأيلول الأسود، ولبنان 82.


القائد الأخطر على إسرائيل
لم تكن سلطات الاحتلال الإسرائيلي تجهل الدور الكبير لأبي جهاد في اندلاع الانتفاضة وتوجيهها، حيث ورد في تحليل صحفي أمريكي أن القرار بقتله يعود لكونه أحد الأوائل الذين نظموا الانتفاضة، وقد كان يجري مكالمات هاتفية مع أشخاص في الأراضي المحتلة عن طريق جنيف، ليضلل عملية التصنت الإسرائيلي وقد اعتبره الإسرائيليون قائداً خطراً، فقرروا القضاء عليه قبل أن يوصل الانتفاضة إلى مرحلتها الثالثة، وهي إقامة الدولة أو الحكومة في الملتقى.

واتُخذ القرار الإسرائيلي باغتيال أبو جهاد، منذ زمن أبعد بكثير فهو ليس من مؤسسي حركة فتح الأوائل في بداية الستينات وحسب بل ومن رواد المقاومة في غزة سنة 1956، حيث كان هدف إسرائيلي دائم، وقد تسائل الكاتب الإسرائيلي رون بن شاي، كيف يخطئ رجل مثل أبو جهاد بالسكن قرب شاطئ البحر إلا إذا كان يعتقد أن الوضع السياسي الدولي لن يشجع للإقدام على المساس بأحد زعماء منظمة التحرير ومواجهة الانتقادات الدولية.


اغتياله
وفي صباح يوم 16إبريل 1988،  فجعت الثورة الفلسطينية باغتيال القائد أبو جهاد، حيث اغتاله عناصر من الموساد الإسرائيلي في بيته في تونس، حيث تم إنزال 20 عنصراً مدرباً من الموساد من أربع سفن وغواصتين وزوارق مطاطية وطائرتين عموديتين للمساندة على شاطئ الرواد قرب ميناء قرطاج في تونس ليلة الاغتيال، وبعد مجيئه إلى بيته كانت اتصالات عملاء الموساد على الأرض تنقل الأخبار، فتوجهت هذه القوة الكبيرة إلى منزله فقتلت الحراس وتوجهت إلى غرفته وأطلقت عليه عدداً من الرصاص، واستقر به سبعون رصاصة فتوفي في الساعة 2 فجراً بالتوقيت العالمي الموحد،وهو يبلغ من العمر 52 عاما. 


مدفنه
ودفن القائد الشهيد أمير الشهداء "أبو جهاد" في 20إبريل 1988،  في دمشق فكان يوماً عربياً مشهوداً، رفرفت فيه روح الانتفاضة وتكرس فيه الشهيد رمزاً خالداً من رموزها.


تقريراً عن وفاته
وفي عام 1997، نشرت جريدة "معاريف" الإسرائيلية تقريراً عن اغتيال أبو جهاد، وادعى التقرير أن إيهود باراك قاد مركز قيادة الوحدة البحرية على قارب صواريخ على شواطئ تونس كان مشرفاً على عملية الإغتيال. 

وبحسب التقرير، فإن باراك الذي كان في ذلك الحين نائب رئيس الأركان، نسق تخطيط الموساد وفرع الإستخبارات العسكرية والقوات الجوية والقوات البحرية وقوات كوماندوز نخبة وحدة استطلاع هيئة الاركان العامة الإسرائيلية، وراقبت قوات الموساد منزل خليل الوزير لأشهر قبل الهجوم.

كما أوردت صحيفة الواشنطون بوست في 21 أبريل أن الحكومة الإسرائيلية صدقت على قرار الاغتيال في 13 أبريل، وأنه كان منسقاً بين الموساد والجيش الإسرائيلي.


إسرائيل تعترف
وحتى 1 نوفمبر 2012، لم تتبى إسرائيل رسميا المسؤولية عن قتله، ورفض موشيه فوغل المتحدث بإسم الحكومة الإسرائيلية ومساعد إيهود باراك التعليق على الموضوع.

إلا أنه في 2013، أكدت إسرائيل بشكل غير رسمي أنها كانت المسؤولة عن إغتياله بعد السماح بنشر مقابلة للمراسل الإسرائيلي رونين بيرغمان من ناحوم ليف، ضابط وحدة استطلاع هيئة الاركان العامة الإسرائيلية الذي قاد الهجوم، وفي تلك المقابلة، سرد ليف لبيرغمان تفاصيل العملية.


"فتح" تحيي ذكرى وفاته
قالت حركة التحرير الوطني الفلسطيني "فتح"، إن القائد الراحل خليل الوزير "أبو جهاد"، مدرسة كفاحية بإرث نضالي وطني عريق.

وأكدت الحركة، في بيان لها بمناسبة الذكرى الـ28 على استشهاد "أبو جهاد، أن المبدأ الأساس لمنهج الكفاح والنضال، الذي أسسه القائد أبو جهاد مع إخوته في الخلية الأولى للحركة منذ انطلاقها، ما زال الملهم الرئيسي لشعبنا في كفاحه ضد الاحتلال الإسرائيلي واستيطانه.

وأعربت الحركة عن فخرها، وهي تستذكر الشهيد أبو جهاد، بقادتها الذين جسدوا المعاني الحقيقية للقيادة بتقدمهم ووقوفهم على رأس المهمات، إذ عملوا بصمت وهدوء دونما ضجيج من أجل تحقيق أهداف الحركة في الحرية والاستقلال ونشر الوعي في الضمائر الإنسانية الحرة، مشيرةً إلى أن استشهاد أبو جهاد أثناء كتابته تعميم الانتفاضة الأولى، ما هو إلا دليل على صوابية منهج القيادة والنضال في الحركة.

وأشارت "فتح" إلى أن الاحتلال وقادته الذين كرسوا كل قدراتهم لاغتيال أبو جهاد في تونس، قد ظن أن تغييب القادة سينهي العمل الكفاحي والنضالي لشعبنا، لكنهم غفلوا عن أن الشعوب التي تناضل من أجل حريتها واستقلالها تستلهم من قادتها الأفكار والتجارب العملية وتطورها لتتناسب مع الوقائع والظروف وتجسدها وكأن القادة الشهداء ما زالوا أحياء، ولعل الهبة والمقاومة الشعبية أحد موروثات القائد أبو جهاد.