"جمعة الأرض".. أنين من ثورة يناير (تقرير)

تقارير وحوارات

جانب من مظاهرة جمعة
جانب من مظاهرة "جمعة الأرض"

رغم أن مظاهرات "جمعة الأرض" التي خرجت أمس الجمعة احتجاجًا على تبعية جزيرتي تيران وصنافير للحدود السعودية، لم تكن بالحجم الكبير، إلا أنها مثّلت حراكًا شعبيًا حقيقيًا قياسًا بما شهدته مصر من تحركات شعبية عقب أحداث 30 يونيو، وذلك بحسب ما يرى مراقبون. 

قانون التظاهر.. مجرد حبر 
المظاهرات التي خرجت احتجاجًا على اتفاقية ترسيم الحدود البحرية بين القاهرة والرياض، والتي تقضي بتبعية جزيرتي تيران وصنافير للسيادة السعودية، وضمت المظاهرات قوى سياسية مختلفة منها حركة شباب 6 إبريل وحركة الاشتراكيون الثوريون، مثلت خرقًا فعليًا لقانون تنظيم التظاهر والذي بموجبه حوكم عدد من السياسيين بالحبس والغرامة، ومن بينهم الناشط السياسي علاء عبد الفتاح المحكوم عليه بالحبس خمس سنوات في القضية المعروفة إعلاميا بـ"أحداث مجلس الشورى" التي وقعت في نوفمبر 2013، وأيضًا معاقبة أحمد عبدالرحمن -زميل علاء عبد الفتاح- بالحبس خمس سنوات، وفرضت غرامة على المتهمين قدرها 100 ألف جنيه لكل منهما.

لم تكن مظاهرة "جمعة الأرض"، الأولى التي خرقت قانون التظاهر إذ سبقتها احتجاجات الأطباء ضد تجاوزات أفراد الأمن، وأيضًا الوقفات الاحتجاجية الذي نظمها أمناء شرطة لتحسين رواتبهم وأوضاعهم المالية، واعتبرت الداخلية –وقتها- على لسان متحدثها اللواء الدكتور أبو بكر عبد الكريم، أن تحركات أمناء الشرطة لا تدخل ضمن قانون تنظيم التظاهر. 

جمال عيد مدير الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان رأي أن مظاهرات جمعة "الأرض هي العرض"، وجهت عدة رسائل إلى النظام الحالي وأجهزة الدولة، أهمها أنها أسقطت قانون التظاهر "المعيب"، إلا أن برلمانيين طالبوا بتطبيق قانون التظاهر على المحتجين، معتبرين ذلك "فوضى تخدم المؤامرة ضد مصر"، بحسب بما يقول النائب محمد بدوي دسوقي عضو مجلس النواب عن دائرة الجيزة, مشيرا إلى أن هناك قانونا للتظاهر يجب تطبيقه، معتبرًا أن المظاهرات تعكس فشل القوة السياسية المختلفة، لفقدانها القدرة على الحشد، فتحاول الظهور في أي حراك؛ حتى توحي أنها مازالت موجودة في الشارع.  

عودة شعارات 25 يناير 
في جانب آخر، شهد الحراك الشعبي أمس اصطفافًا بين القوى السياسية الإسلامية (الإخوان المسلمين) والقوى المدنية المختلفة، وبعض المؤيدين للنظام الحالي في سابقة تعد الأولى منذ تظاهرات 25 يناير، إضافة إلى عودة شعارات ثورة يناير، ومنها "الشعب يريد إسقاط النظام" و"يسقط يسقط حكم العسكر"، خصوصًا التظاهرة الأكبر بمحيط نقابة الصحفيين والتي شهدت حشدًا أمنيًا مكثفًا وانتهت بالفض بعدما استمرت حتى المساء.

واعتبر نشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي أن أهم ما خرج به المتظاهرون أمس هو "كسر حاجز الخوف"، ودفعهم للدعوة لتنظيم تظاهرة أخرى في 25 إبريل الجاري (عيد تحرير سيناء) بعدما أنهوا وقفتهم بناءً على اتفاق المرشح الرئاسي الأسبق خالد علي والذي شارك في "جمعة الأرض" وقوات الأمن التي وفرت ممرًا آمنًا لخروج الراغبين في إنهاء التظاهرات والعودة إلى منازلهم. وانسحب عدد كبير من المتظاهرين عدا المنتميين لجماعة الإخوان وظلوا متواجدون بالمكان، ولم يرحلوا مع المتظاهرين الآخرين فردت قوات الأمن بإطلاق قنابل الغاز بكثافة لتفريقهم.  

الإعلام.. غائب
في جانب ثاني، حرَم الإعلام الجمهور من مشاهدة المظاهرات عبر الفضائيات، إذ اختصر أرباب المهنة مشاهد المظاهرات على أنها حراكًا من تنظيم "الإخوان" رغم أن المتظاهرين في محيط نقابة الصحفيين رفعوا لافتات مناهضة للنظام الحالي والإخوان. وأعرب نشطاء عبر مواقع التواصل الاجتماعي عن غضبهم مما أسموه تجاهلًا إعلاميًا تجاه المظاهرة، مشيرين إلى أن قناة الجزيرة التي سرعان ما كانت تنقل (بث مباشر) أي أحداث مناهضة للحكومة غصت البصر عن "جمعة الأرض"؛ للمصالح المشتركة بين قطر والسعودية. 

الموقف الرسمي: "مخطط جهمني"
وفي الوقت الذي كان يهتف فيه المتظاهرون ضد الاتفاقية والنظام، كان الرئيس عبد الفتاح السيسي يتفقد منطقة جبل الجلالة على طريق الزعفرانة السخنة، لمتابعة المشروعات الجاري تنفيذها، برفقة عدد من الإعلاميين وشباب برنامج التأهيل الرئاسي. 

الرئيس قال إن هناك "مخطط جهنمي" يستهدف مصر من الداخل ويسعى لهدمها، محذرًا من الاستسلام للشعور بالإحباط واليأس، ومحاولات "تأليب الصغار على الكبار" لكسر إرادة الأمة وهدم الدولة المصريةـ مؤكدًا أن "جزيرتي تيران وصنافير موجودتان على الناحية الأخرى من الشاطئ، ولكنهما أرض غيرنا، وهنا هي أرضنا وعلينا أن نعمرها ونحافظ عليها".