بعد أزمة «تيران وصنافير».. مطالب بالتنازل عن «حلايب وشلاتين» للسودان.. وإغراءات إسرائيلية من أجل طابا

تقارير وحوارات

بوابة الفجر


عقب توقيع اتفاقية ترسيم الحدود بين مصر والسعودية، والتي فتحت النار على الأولى، واتجهت الأنظار إلى رغبة وسائل الإعلام السودانية بطرح قضية حلايب على السطح مرة أخرى، في حين أن أكد البعض أن هناك إغراءات إسرائيلية لإقناع مصر، بالتنازل عن جزء من سيناء بحجة إيجاد وطن بديل للفلسطينيين، الأمر الذي أثار بدوره جدلًا واسعاً بين الشخصيات السياسية وأعضاء مجلس النواب، والشارع المصري بوجه عام.
تنازل مصر عن جزيرتي تيران وصنافير
وقع الرئيس عبد الفتاح السيسي، على اتفاقية ترسيم الحدود بين مصر والسعودية، حيث تنازلت مصر عنهما لصالح السعودية، بعد سنوات من سيطرة مصر، الأمر الذي أثار بدوره الجدل الواسع، حيث أن منذ الدولة العثمانية وتقع جزيرتي تيران وصنافير تحت السيادة المصرية، بتنازل "السيسي" عنها لصالح السعودية وإقامة جسر الملك سلمان بين مصر والسعودية.
الحكومة المصرية تعلن رسميًا جزيرتي تيران و صنافير تابعة للسعودية
أصدر مجلس الوزراء بيانا، مساء أمس السبت، أوضح فيه أن التوقيع على اتفاق تعيين الحدود البحرية بين مصر والسعودية انجازاً هاماً من شأنه أن يمكن الدولتين من الاستفادة من المنطقة الاقتصادية الخالصة لكل منهما بما توفره من ثروات وموارد تعود بالمنفعة الاقتصادية عليهما، مبينا أن الرسم لخط الحدود بناءً على المرسوم الملكي والقرار الجمهوري أسفر عن وقوع جزيرتي صنافير وتيران داخل المياه الإقليمية للمملكة العربية السعودية.
وأكد البيان الاتفاق جاء بعد عمل شاق وطويل استغرق أكثر من 6 سنوات، انعقدت خلالها إحدى عشرة جولة لاجتماعات لجنة تعيين الحدود البحرية بين البلدين، آخرها ثلاث جولات منذ شهر ديسمبر 2015 عقب التوقيع على إعلان القاهرة في 30 يوليو 2015.
وسائل إعلام سودانية تطالب باستعادة حلايب
وبعد توقيع اتفاقية ترسيم الحدود بين مصر والسعودية، اهتمت بعض وسائل الإعلام الإلكترونية في السودان بالاتفاق الذي أبرمته مصر والسعودية، الذي على أثره أعلن مجلس الوزراء المصري في بيان رسمي أن جزيرتي "تيران وصنافير" سعوديتان وليستا مصريتين.
هذا الإعلان دفع عددا من المواقع الإخبارية السودانية لطرح قضية حلايب على السطح مرة أخرى، فتحت عنوان "مصر تعيد جزيرتين محتلتين للسعودية.. فهل تعيد مثلث حلايب للسودان؟"، كتب موقع "النيلين" السوداني، مستعرضًا تاريخ النزاع بين القاهرة والرياض حول الجزيرتين الذي انتهى أخيرًا باستعادة السعودية للجزيرتين.
وفي موقع "سودان تريبون" تصدرت قضية ترسيم الحدود بين مصر والسعودية العناوين، وقام الموقع بالربط بين ترسيم الحدود المائية وبين الموقف السوداني الرسمي الذي وصفه بـ"المتراخي" في قضية مثلث حلايب.
تحت عنوان "صمت سوداني بعد ترسيم للحدود البحرية بين مصر والسعودية يرجح تضمنه حلايب"، كتب "سودان تريبون": أصدر مجلس الوزراء المصري بيانًا توضيحيًّا ليل السبت حول اتفاقية ترسيم الحدود البحرية مع السعودية التي تم توقيعها، الجمعة، مؤكدًا فيه ضمنًا أن المفاوضات التي سبقتها شملت منطقة حلايب المتنازع عليها مع السودان.
وأضاف الموقع: التزمت الحكومة السودانية الصمت حول اتفاقية ترسيم الحدود البحرية بين مصر والسعودية وليس من الواضح إذا ما كان لديها النية لاتخاذ أي إجراء.
واستعان الموقع المذكور بمقال نشره منذ عام لخبير القانون الدولي السوداني الدكتور فيصل عبد الرحمن على طه ينتقد فيه موقف الخرطوم المتراخي حيال المسألة وتقاعسها عن الرد على الإعلان السعودي حول نقاط الأساس في حينها وتحفظ القاهرة عليه.
وقال الخبير "في ضوء ما أسلفنا فإن المرء كان يتوقع تحركًا دبلوماسيًّا سريعًا من السودان: كأن تطلب وزارة الخارجية مثلاً توضيحًا من المملكة عن الحدود التي يجري التفاوض بشأنها مع مصر، وما إذا كانت تشمل إقليم حلايب، والتحفظ على الإعلان المصري لأنه مؤسس على فرضية أن منطقة حلايب تخضع للسيادة المصرية، والتحفظ كذلك ورفض نتائج أي مفاوضات سعودية - مصرية تقوم على أساس الاعتراف بالسيادة المصرية على حلايب.
 ومن ثم تضمين الموقف القانوني في مذكرة أو مذكرات وإيداعها لدى الأمانة العامة للأمم المتحدة وطلب تعميمها على الدول الأعضاء ونشرها".
إغراءات إسرائيلية لإقناع مصر بالتنازل عن جزء من سيناء
هذا وقد جاءت الإغراءات الإسرائيلية لإقناع مصر بالتنازل عن جزء من سيناء لإيجاد وطن بديل للفلسطينيين، حيث توالت المشروعات الإسرائيلية الرامية لهذا الغرض، ورغم رفض الدولة المصرية لهذا الأمر إلا أن الدولة العبرية لم تيأس من إيجاد وطن بديل للفلسطينيين والغزاويين تحديدا داخل سيناء، ووصلت بمخططاتها إلى محاولة ابتزاز القيادة المصرية منذ 2004.
ففي مشروع قدمه مستشار الأمن القومي الإسرائيلي الجنرال احتياط جيؤوا أيلند عام 2004، وتم نشره عام 2010، تم اقتراح تنازل مصر عن 750 كيلومترا من سيناء لتوطين الفلسطينيين مقابل منح مصر 600 كيلومترا في صحراء النقب الإسرائيلية، وقد عدد المشروع الصهيوني المكاسب التي ستحصل عليها مصر مقابل "كرمها" هذا وهي المكاسب التي تبدو في باطنها نوعا من الابتزاز والضغط.
تقول الدراسة الإسرائيلية: "تعانى مصر من مشكلة مياه تتفاقم يوما بعد يوم.. وهناك زيادة مطردة في أعداد السكان، ومصادر المياه العذبة في تناقص مستمر.. وبناء على ذلك فإن الدولة التي يعتمد 50% من سكانها على النشاط الزراعي لن تتمكن من الحفاظ على بقائها واستمرارها بعد جيل أو جيلين بدون إيجاد حل مبدئي لأزمة المياه.. ويتطلب الأمر، ضخ استثمارات هائلة في مجال تحلية وتنقية المياه، ويتطلب هذا المجال الحصول على خبرات تكنولوجية متقدمة جدا، وتوفير رؤوس أموال بالمليارات، وتفتقر مصر لهذين العنصرين.. لذلك، فمقابل "الكرم المصري"، سيقرر العالم ضخ استثمارات كبرى في مصر في مشروعات ضخمة لتحلية وتنقية المياه، وذلك عبر البنك الدولي ومؤسسات مشابهة".
هذا الطرح الإسرائيلي يثير الانتباه ويوجه الأنظار نحو سد النهضة الإثيوبي والذي سيؤثر قطعا على حصة مصر من مياه النيل، وهو السد الذي تحدثت العديد من التقارير عن وقوف إسرائيل وراءه، وعزز من هذه الفرضية تعبير المتحدث باسم الحكومة الإثيوبية بريخيت سمؤون عن شكره العميق للدول الداعمة لسد النهضة وعلى رأسها إسرائيل.
ومن بين المكاسب الأخرى التي عددتها إسرائيل بتنفيذ مصر لهذا المشروع، أن "اتفاق السلام المصري الإسرائيلي الموقع سنة 1979، اضطر مصر لقبول تقييدات قاسية فيما يتعلق بنشر قواتها العسكرية في سيناء، وأحد المكاسب التي ستحققها مصر مقابل التنازل عن قطاع من أراضيها للفلسطينيين، هو موافقة إسرائيل على إجراء تغييرات محددة في الملحق العسكري من اتفاقية السلام، وهذه خطوة لا غنى عنها لمساعدة القيادة السياسية المصرية في مواجهة الرأي العام الداخلي بهذا التبرير: نحن تنازلنا، حقا، عن نسبة 1% من أراضي سيناء، لكن هذا التنازل سمح لنا، بعد 30 عاما، أن نبسط سيادتنا على 99% من مساحتها بصورة كاملة".
تشكيل لجنة لإثبات تبعية أي شبر لدولة أخرى
وأكد الدكتور حسن نافعة، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، أن قضية تبعية جزيرتي "تيران وصنافير" إلى السعودية أثارت جدلاً كبيراً في الشارع المصري، لافتاً إلى أن هذه القضية ستفتح أبواب الجدل بشأن تبعية حلايب وشلاتين إلى دولة السودان التي من الممكن أن يتخذها رئيس السودان كسابقة للاستشهاد بتبعية حلايب وشلاتين لها.
وأضاف نافعة، في تصريحاته الخاصة لـ"الفجر"، أنه في جميع الأحوال لن يتم اتخاذ قراراً بدون أن يعرض على البرلمان المصري أولاً، مطالباً الحكومة بالتعامل بشفافية واضحة في مثل هذه القضايا، بالإضافة إلى التعامل بحس وطني.
وأوضح نافعة، أن مصر تحتاج إلى توطيد العلاقات مع السعودية بشرط عدم التنازل عن شبر من أرض الوطن لصالحها، مشدداً على ضرورة تشكيل لجنة لإثبات تبعية أي شبر من الأراضي المصرية لدولة أخرى.