ياسر عرفات.. الرئيس الفلسطيني الصارخ ضد إسرائيل.. (بروفايل)

تقارير وحوارات

بوابة الفجر


ياسر عرفات.. ثورية بطعم الزيتون روحه المعجونة بقداسة الحرية والثورية في آن معا، جعلاه يكرس حياته التي جاوزت السبعين لقيادة النضال الوطني الفلسطيني لأكثر من نصف قرن استطاع خلالها أن يضع القضية الفلسطينية في بؤرة الوعى الإنساني والعالمي بصرخاته الزاعقة والمزلزلة لقلب وضمير الإنسانية " لا تسقطوا الزيتون من يدى "، فـ " أبو عمار" نذر حياته الطويلة من أجل الذود المستميت عن القضية الكبرى للعرب وحربهم المقدسة لاستعادة الأرض المحتلة منذ عام 1948، ومن أجل أن يعيد إليهم كرامتهم وأمجادهم الغابرة، ليتحقق حلمه الأكبر في أن يرى العرب يرفلون في ثوب عزة ومنعة تعيد إليهم ولو نذرا يسيرا من امجادهم الغابرة، ويسيروا في خيلاء منتصبي القامة، مرفوعي الهامة في ظلال أشجار الزيتون.
نشأته 
عرفات الذى ولد في القاهرة في 24 أغسطس 1929، هو الابن السادس لأب كان يعمل في التجارة هاجر إلى القاهرة عام 1927 وعاش في حي السكاكيني، حيث تعرف عرفات خلال صباه وشبابه على موشى ديان المقيم في نفس الحى، وتردد على أحياء يقطنها اليهود بالقاهرة، مما أدى لنشوب خلافات بينه وبين والده الذى حاول أكثر من مرة أن يثنيه عن ذلك بتعنيفه تارة وحرمانه من المصروف تارة أخرى، لكن بلا جدوى، فقد كان عرفات يعلل قيامه بذلك، بأنه يريد "دراسة عقليتهم" و "التعرف أكثر على عدوه".
انضمامه للجيوش العربية
 وقبل سنتين من تخرجه في كلية الهندسة بجامعة الملك فؤاد الأول "القاهرة حاليا" اندلعت حرب 1948 فترك عرفات الجامعة، وذهب إلى فلسطين للانضمام إلى الجيوش العربية المحاربة لإسرائيل، وإبان دراسته في الخمسينات انتمى عرفات إلى جيل القوميين العرب وكون رابطة الخريجين الفلسطينيين التي اشتركت إلى جانب الجيش المصري في صد العدوان الثلاثي عام 1956، وكان عرفات واحدا ممن تربوا على كراهية اسرائيل في خنادق المقاومة والفدائيين الفلسطينيين.
خلية "فتح" 
سافر عرفات إلى الكويت عام 1958 للعمل مهندسا، وهناك كون هو وصديقه خليل الوزير "أبو جهاد" عام 1965 خلية ثورية أطلق عليها اسم "فتح"، وخلال حقبة الستينات والسبعينات أرسى عرفات مع قيادات حركة فتح سياسة تعتمد على البدء بمقاومة مسلحة ضد إسرائيل، وفي نفس الوقت قام بتجنيد الرأي العام العربي لصالح القضية الفلسطينية، حينما أصدر مجلة تعبر عن هموم القضية الفلسطينية أطلق عليها اسم "فلسطينا". 
كما بعث روح الكفاح والمقاومة والاعتماد على الذات بين صفوف الشعب الفلسطيني، فتحول الشعب الفلسطيني من شعب مشرد في المنافي يستجدى رغيفه من الوكالات الدولية إلى شعب محارب يأخذ مصيره على عاتقه، وكان لهذه السياسة تأثير كبير على وعى الشعب الفلسطيني وعلى تشكيل هويته الوطنية. 
وقد أدرك عرفات ضرورة إكساب هذه الحركة صفة شرعية فاتصل بالقيادات العربية للاعتراف بها ودعمها، ونجح بالفعل وفى عام 1963 في اقتناص اعتراف الدول العربية بأن منظمة التحرير الفلسطينية هي الممثل الوحيد للشعب الفلسطيني، واعتبر مجلس جامعة الدول العربية أن رئيس المنظمة ممثلا للفلسطينين لدى الجامعة، ومن هنا بدأ يمارس عبر حركة فتح نشاطا دبلوماسيا عقب تأسيس أول مكتب للحركة في الجزائر عام 1965. 
وفي 1 يناير 1965 بدأت العمليات المسلحة لحركة فتح، حيث تمت محاولة تفجير نفق عيلبون.
نشاطه ضد إسرائيل 
وبعد ذلك سرعان ما اندلعت حرب 1967 التي كان لنتائجها تأثير كبير على الثورة الفلسطينية بعد الهزيمة المرة التي أدت في المحصلة إلى احتلال إسرائيل لرقعة واسعة من الأراضي العربية ومن ضمنها الضفة الغربية وقطاع غزة مما قضى على بقية الأمل لدى الفلسطينيين من إمكانية تحرير فلسطين وإعادة المهجرين بواسطة القوة العسكرية للجيوش العربية، ومن ثم برز اسم الزعيم الفلسطيني ياسر عرفات بقوة حينما قاد بعض العمليات الفدائية ضد إسرائيل عقب عدوان 1967 انطلاقا من الأراضي الأردنية.
القائد الأعلى لمنظمة التحرير الفلسطينية 
وفي 3 فبراير عام 1969، تولى ياسر عرفات رئاسة المجلس التنفيذي لمنظمة التحرير الفلسطينية، وذلك باجتماع المجلس الوطني الفلسطيني المنعقد في القاهرة، وذلك خلفا ليحيى حمودة الرئيس السابق للمنظمة، وأصبح بذلك القائد الأعلى لمنظمة التحرير الفلسطينية، التي كانت تضم عدة تنظيمات فلسطينية، واستمر بتولي هذا المنصب حتى وفاته. 
وبعد توليه المنصب أرسى عرفات تطبيق سياسة المقاومة المسلحة لتحرير فلسطين، وفي هذا الإطار قامت حركة فتح بسلسلة من الأعمال المسلحة ضد أهداف إسرائيلية تهدف إلى إنهاء دولة إسرائيل واقامة دولة فلسطينية يعيش فيها جميع أهل فلسطين بمختلف دياناتهم وطوائفهم متساوون في الحقوق والواجبات.
 رئاسة فلسطين المستقلة
وفي 1 أبريل من العام 1989، وافق المجلس المركزي الفلسطيني على تكليف ياسر عرفات برئاسة الدولة الفلسطينية المستقلة، لم تلن قناته ولم يتوقف نضاله بعد توليه أرفع منصب سياسي وحتى وفاته، وألقى خطابا تاريخيا مهما أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في 13 نوفمبر 1974، وندد في كلمته بالصهيونية، وقال أشهر عبارته الرمزية الموجهة لإسرائيل إن المسدس في يدي وغصن الزيتون في اليد الأخرى، فلا تسقطوا غصن الزيتون من يدي، وكسب خطاب عرفات التعاطف مع القضية الفلسطينية على الساحة الدولية. 
وفاته
وهكذا كرس عرفات معظم حياته لقيادة النضال الوطني الفلسطيني مطالبا بحق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره ونيل حريته حتى وافته المنية في 11 نوفمبر 2004 في مستشفى بيرسي بفرنسا في ظروف غامضة واتهامات الفلسطينيين إلى اسرائيل بالضلوع في قتله.