جدل حول إدراج "الشيكل" الإسرائيلي في قائمة عملات "بنك مصر".. خبراء: تطبيع جديد.. وشهادة بأن اقتصادنا مريض
المهدي: الوضع الاقتصادي الحالي يحتم أن نتعامل مع أي دولة
قاسم: اللوائح الداخلية للمركزي لا تسمح بتداول "الشيكل"
الدسوقي: القرار جاء بعد تفاهمات مع الجانب الإسرائيلي لجذب السياحة
قام بنك مصر بإدراج سعر بيع وشراء العملة الإسرائيلية "الشيكل" ضمن نشرة أسعار العملات العربية والأجنبية التي يتعامل بها البنك بشكل يومي تزامنًا مع الذكرى الـ 37 لمعاهدة السلام بين إسرائيل ومصر, وهو ما يحدث لأول مرة داخل القطاع المصرفي المصري.
وفيي هذا السياق قال موقع "المصدر" الإسرائيلى، إنه بعد عاصفة توفيق عكاشة وترجمة الكتب الإسرائيلية، يثير نشر سعر صرف الشيكل في "بنك مصر" وإدراجه ضمن، الآن، معارضي التطبيع، مضيفًا تحت عنوان "الشيكل الإسرائيلى يثير جنون مصر" إن هذه الخطوة تكتسب أهمية خاصة تجاه تطبيع العلاقات مع إسرائيل، والتي هى عملية"غير مرغوبة وليست مقبولة".
هذا القرار أثار حفيظة بعض خبراء الإقتصاد واعتبروه "أمر مفزع وشهادة ضمان على عدم كفاءة وفاعلية الإقتصاد المصري، كما يعد نوعًا من التطبيع الصريح بين مصر وإسرائيل، فيما اعتبره البعض الآخر أمر غير مثير للدهشة ولا يستحق الإستغراب، خصوصًا أن هناك معاملات تجارية قائمة بين مصر وإسرائيل,
قرار مثير للتساؤل
أحمد المسلمانى، الإعلامى والباحث بمركز الأهرام للدراسات السياسية والإستراتيجية، اعتبر الأمر سابقة لأول مرة فى تاريخها، قائلاً :"هذا الخبر مفزع ومثير للتساؤل فى الوقت نفسه، وهذا نوع من التطبيع الصريح مع الكيان الإسرائيلى.
وقال المسلمانى، خلال برنامجه "الطبعة الأولى" عبر فضائية "دريم" مساء الأربعاء، "الخبر مفزع للكثيرين ويرونه قرارا غير موفق سياسيا، وأن ردود البنك المركزى بأن الهدف من ذلك هو جذب السائحين هو مبرر واهن وغير منطقي ويمكن الرد عليه ببساطة وهو أن الإسرائيليين كانوا يستخدمون الدولار الأمريكى طوال السنوات الماضية، متسائلاً : "ما الذى جد فى الأمر إذن".
وأوضح "المسلماني" أن الدولة المصرية لم تسمح طوال تاريخها باعتماد الشيكل الإسرائيلي لأنه يعتبر نوعا من التطبيع، قائلًا: "على البنك المركزي إدراك أن الأمر ليس اقتصاديا فقط لكنه سياسي، وهذا القرار حتى لو كان به منطق اقتصادي فهو خالٍ من المنطق السياسي والاجتماعي".
المركزي صاحب القرار
وقالت الدكتورة عالية المهدي، الخبيرة الاقتصادية، إن العلاقات السياسية والاقتصادية قائمة بشكل طبيعي بين مصر واسرائيل، وأن البنك المركزى وحده يستطيع أن يقرر ذلك، ولا يحتاج الأمر مراجعة أو تقديم تبريرات، مشيرةً إلى أن الوضع الإقتصادى الذى تمر به مصر حاليًا يحتم عليها أن تتعامل مع أي دولة مادام ذلك يصب في نهاية المطاف فى مصالحها الإستراتيجية وتحقيق الرفاه الإجتماعى للمواطن المصرى.
وعبرت المهدي عن استنكارها من التعليق على الأمر، قائلةً: "إسرائيل دولة بيننا وبينها تعاملات تجارية وخلافه، والتعامل معها أمر أحيانًا ما يكون شديد الحساسية أوشبهة وأحيانًا لا نرى فى ذلك أمرًا غريبًا، ولابدأن نكون واضحين وصادقين مع أنفسنا".
معاملاتنا مع إسرائيل لا تلزمنا على التعامل بـ"الشيكل"
بدوره، أكد الدكتور محمد قاسم، المحلل الإقتصادى وخبير الأوراق المالية، إن البنك المركزى هو المخول بتحديد العملات التي يتم التعامل بها في البنوك ، إلا أن العملة الإسرائيلية غير مسموح بتداولها في الجهاز المصري بحسب اللوائح الداخلية له، مشيرًا إلى أن العملات التى يتم تداولها داخل كافة البنوك المصرية تتم بموجب تعليمات البنك المركزي، وأن أى بنك يخالف هذه التوجيهات يتعرض لعقوبات رادعة، كما يحق وقتها للبنك المركزى أن يمتنع عن أخذ هذه العملة.
وأضاف "قاسم" فى تصريحات خاصة لـ"لفجر"، أن وجود معاملات تجارية مع إسرائيل لا يلزمنا بالتعامل بالشيكل، وأن الفترة الماضية كان التعامل دائمًا بين مصرواسرائيل يتم بالدولار الأمريكى"، مؤكدًا أن ظهور سعر البيع والشراء لـ"الشيكل" الإسرائيلى في نشرة أسعار الصرف أمر يحدث للمرة الأولى، ولايمكن التعامل معه كأمر عادى، قائلاً: "وسائل الإعلام الأسرائيلية استغلت هذا الأمر والتأكيد على أن الاقتصاد المصري مصاب "بالورم الخبيث" الذى لايجدى معه علاج".
وطالب قاسم، رئيس البنك المركزى بضرورة إعادة النظر فى الموضوع خاصةً وأنه يشكل قضية استراتيجية وطنية، وأن الأمر برمته يصب فى صالح الإقتصاد المصرى فى النهاية إذا ما تم تدارك الأمر وإيقاف التداول بالشيكل".
الأمر طبيعي لا يستدعي الاندهاش
ومن جانبه، أوضح الدكتور إيهاب الدسوقي، الخبير الاقتصادي وأستاذ الإقتصاد بأكاديمية السادات للعلوم الإدارية, إن العلاقات السياسية والاقتصادية بين مصر وإسرائيل قائمة، وأن بين البلدين معاهدة سلام لا بد أن يحترمها الطرفان، وأن إدراج الشيكل ضمن صرف إدراج البنك المركزي الشيكل الإسرائيلى ضمن عملات الصرف اليومية لايمكن أن يعد نوعًا من التطبيع مع الكيان الإسرائيلى، قائلاً :"وفيها إيه يعنى مادام فيه وضع قائم معاملات تجارية مابينا".
وأضاف الدسوقى: "لا أرى فى الأمر ما يدعو للغرابة والقلق، خصوصًا وأن مصر قامت بترجمة كتب اسرائيلية وعرضها بمعرض القاهرة الدولي للكتاب من قبل ولم يحدث شيء، مشيرًا إلى أن الإزدواجية فى التعامل مع الكيان الإسرائيلى تبدو غير منطقية، وأن الأمر لايجبالتعامل معه بحساسية شديدة .
ورجح الدسوقى, أن "هذه الخطوة التى قام بنك مصر ربما تمت بعد تفاهمات وبالتنسيق مع الجانب الإسرائيلى بغرض جذب السياح الإسرائيليين، وهو ما قد يوفر على السائح استبدال الشيكل بالدولار أو الجنيه المصرى داخل مصر"، لافتًا إلى أنه يمكن فهم هذه المحاولة من جانب البنك المركزى من قبيل جذب السياح الإسرائيليين، وهو أمر طاريء لمواجهة الوضع الإقتصادى الحالى.