منال لاشين تكتب: أسرار المعركة بين النواب والحكومة.. اتهامات بالغرور والفشل
■ غضب النواب يطيح بوزير المالية ومشاكل المحافظين هددت أحمد زكى بدر
■ التعديل سيشمل خروج ثلاثة وزراء بعد غضب النواب عليهم
■ رئيس الحكومة اجتمع مع نواب 25 محافظة واشتكوا له من غرور بعض وزرائه
لأول مرة يتدخل البرلمان فى اختيار الحكومة ووزرائها، لأول مرة بعد دستور 2014 يصبح البرلمان ثالث المؤسسات التى يؤخذ رأيها أو يحسب حسابها فى التعديل الوزارى. لم تعد تقارير الأجهزة الرقابية والأمنية هى التقارير الوحيدة التى تحدد مصير الوزراء سواء بالبقاء أو بالرحيل.
تأثير البرلمان على التعديل الوزارى سبق تقديم الحكومة لبيانها، وسبق رفض أو قبول البرلمان للحكومة أو بالأحرى برنامجها.
تقارير النواب أو موقفهم من الوزراء جاءت من خلال لقاءات رئيس الحكومة مع نواب المحافظات المختلفة وتحديدا 25 محافظة. وخلال هذه اللقاءات كان هناك شبه إجماع من النواب على فشل بعض الوزراء من ناحية، وغرور وزراء آخرين من ناحية أخرى. وقلة خبرتهم السياسية من ناحية أخرى.
رئيس الحكومة المهندس شريف إسماعيل استمع إلى النواب ومشاكلهم مع الوزراء. وقد أثر رأى أو غضب النواب إلى حد ما فى خريطة التعديل الوزارى، وذلك بالإضافة إلى العقد التاريخية التى واجهت التغيير الحكومى.
1- أزمة المجموعة الاقتصادية
منذ اللقاء الأول لرئيس الحكومة مع نواب محافظتين بالصعيد بدا واضحا أن هناك اتجاها برلمانيا تجاه المجموعة الاقتصادية. وهو اتجاه سلبى جدا. وقد استمر هذا الاتجاه مع تكرار لقاءات شريف إسماعيل مع النواب. فى كل لقاء هجوم شديد على المجموعة الاقتصادية واتهامات بالفشل لوزرائها. لكن الكثيرين اختصوا وزير المالية هانى قدرى بالقدر الأكبر من الهجوم، وأكدوا أنه سبب الفشل الاقتصادى، وقلة منهم هاجموا وزير الاستثمار أشرف سالمان. وقد نال وزير التخطيط والإصلاح الإدارى الدكتور أشرف العربى من الهجوم جانبا كبيرا. وذلك بسبب قانون الخدمة المدنية. ولكن دعم الرئيس السيسى للقانون أدى إلى تراجع غضب النواب على (العربى) من ناحية، بالإضافة إلى تعديلات العربى للقانون من ناحية أخرى. وإعلان أشرف العربى الاستجابة لمطالب النواب فى القانون الجديد للخدمة المدنية خفض الغضب عليه.
المثير أن أشرف سالمان نجا من الإقالة والرحيل أكثر من مرة. وقد جرت توقعات بإقالة سالمان منذ تصريحه الغبى عن تعويم الجنيه. وهذا التصريح أدى إلى رفع الدولار لمستوى غير مسبوق فى السوق السوداء. خاصة أن سالمان أدلى بهذا التصريح فى مؤتمر اليورمنى. وهو نفس المؤتمر الذى أعلن فيه رئيس الحكومة الأسبق الدكتور عاطف صدقى تعويم الجنيه. ولذلك لم يصدق السوق أن سالمان يعبر عن رأى شخصى. ولا يزال الحديث عن تعويم الجنيه أو بالأحرى الأمل فى تعويمه يضغط على سوق الدولار. وبعد تلك الواقعة جرى الحديث، أو توقع رحيل سالمان أكثر من مرة. واشتهر سالمان فى الأشهر الأخيرة بخلافات حادة مع وزيرة التعاون الدولى الدكتورة سحر نصر. ويبدو أن نصر انتصرت فى هذه الخلافات. وآخر دليل هو ترأسها اللجنة التنسيقية مع السعودية، وبالنسبة لأشرف العربى فهو خارج دائرة الراحلين من الحكومة. وإذا كان أشرف العربى قد نجا من التعديل الوزارى، فإن أشرف سالمان أصابه التعديل بسبب فشل تفعيل المؤتمر الاقتصادى بشرم الشيخ. وبالإطاحة بوزير المالية هانى قدرى، يكون التغيير فى المجموعة الاقتصادية كبيرا أو مؤثرا. ففى الكواليس فإن الإبقاء على وزير المالية هانى قدرى كان يرجع بشكل كبير إلى التوازن فى الحكومة، فخروج هانى قدرى سيقلص عدد الوزراء الأقباط إلى وزيرة واحدة فقط هى وزيرة الهجرة نبيلة مكرم. وفى الكواليس تم ترشيح أستاذة المصريات بالجامعة الأمريكية الدكتورة مونيكا حنا لوزارة الآثار، وذلك خلفا للدكتور الدماطى. مونيكا لمع نجمها منذ فترة، والدماطى لديه ملف وزارى سيئ. ولكن لا لمعان نجم مونيكا أو سوء أداء الدماطى هو المحرك الرئيسى فى اقتراح التعديل. فالعامل الأساسى هو الإبقاء على عدد الوزراء الأقباط. فبالنسبة للنواب فإن تغيير وزير واحد فى المجموعة الاقتصادية سيكون صادما. خاصة أن الكثير من النواب طالبوا شريف إسماعيل بتعديل واسع فى وزراء المجموعة الاقتصادية. وبحسب تعبير بعض النواب (المجموعة الاقتصادية محتاجة للنسف) و(خربوا البلد). ولكن وزير المالية الذى حصد النصيب الأكبر من الهجوم، رحل بإصابة مباشرة من هذا الهجوم البرلمانى.
2- أزمة تواصل
لم يكن الفشل أو سوء الأداء هو العامل الوحيد لمطالبة بعض النواب برحيل وزراء. فهناك التواصل مع الوزراء. أكثر شكاوى النواب من التأشيرات المضروبة وعدم مقابلة الوزراء لهم، وهو ما جعل النواب يصفون بعض الوزراء بالغرور. وفى هذا الملف الشكوى الأكبر كانت من نصيب وزراء البترول والزراعة والتنمية المحلية. ويعد هجوم النواب على وزير التنمية المحلية الدكتور أحمد زكى بدر من أسباب رحيله من الحكومة. حيث شكى معظم النواب من طريقة تعامله مع النواب. ومن فشله فى السيطرة على المحافظين (بحسب تعبير النواب). ولم يتدخل وزير التنمية المحلية فى أزمات النواب مع المحافظين.
ومن ناحية أخرى، لم يؤثر موقف النواب من وزيرى الزراعة والبترول فى التعديل الوزارى. فوزير البترول المهندس طارق الملا لم يستطع التعامل مع النواب خاصة فيما يتعلق بالتأشيرات، ولكنه يؤدى الخطة المطلوبة منه. أما وزير الزراعة الذى فشل فى التواصل مع النواب، فقد نجا من التعديل الوزارى. وذلك لأن جهات رقابية عليا ترى أن الوزير يؤدى أداء معقولا بالنسبة لمكافحة الفساد.
ولكن رضا النواب عن بعض الوزراء لم ينقذهم من التغيير الوزارى لأن الرضا البرلمانى مجرد عامل فى التعديل. فمن الوزراء الذين نجحوا فى التعامل مع النواب وزيرى الصحة والنقل. ولكن رحيلهما لأسباب أخرى. فالصدام مع الأطباء والنقابة أدى لرحيل وزير الصحة، وتصريحات وزير النقل اللواء سعد الجيوشى جلبت عليه الغضب. خاصة تصريحات الجيوشى عن استيراد قيادات للوزارة والمترو والسكة الحديد من أوروبا.
ولكن أكثر الوزراء نجاحا فى التواصل مع النواب هو وزير الشباب والرياضة خالد عبدالعزيز. وحتى إذا لم يستطع خالد تلبية كل طلبات وتأشيرات النواب، فإنه يخصص لهم ساعات طويلة أسبوعيا للتواصل معهم.
ومن المفاجآت أن وزيرى التعليم والتعليم العالى لم يحصدا غضب النواب خلافا للتوقعات، وربما تكون هذه العلاقة سببا فى استمرارهما.
3- شاهد مشفش حاجة
قد لا يعرف الكثيرون أن مهمة تجميع ومراجعة بيان الحكومة أسندت لوزير التخطيط والتنمية الإدارية الدكتور أشرف العربى. ولذلك لم يجد رئيس الحكومة المهندس شريف إسماعيل أى ضرورة لتعديل بيان الحكومة فى ملفات الوزراء الجدد. فالوزراء الجدد سيتولون شرح وتفسير البيان داخل اللجان البرلمانية، بل الدفاع عن محتويات البيان الذى لم يشاركوه فى صنعه أو تقديم بعض ملفاته. ولذلك ستخصص لهؤلاء الوزراء الجدد جلسات خاصة لشرح إضافى لبيان الحكومة حتى لا يصبحوا «شاهد ما شفش حاجة».
ومن ناحية أخرى، لم يستقر مجلس النواب على طريقة مناقشة البيان. فهناك مجموعة من النواب ترى ضرورة تشكيل لجنة خاصة لمناقشة البيان. بينما يرى فريق آخر إحالة البيان إلى اللجان البرلمانية المتخصصة.
بالنسبة للحكومة فإن تشكيل لجنة خاصة هو الحل أو السيناريو الأفضل. لأن اللجنة الخاصة سيتم تشكيلها من رؤساء الهيئات البرلمانية. فأهم وأفضل لقاءات رئيس الحكومة البرلمانية كان لقاء شريف إسماعيل مع رؤساء الهيئات البرلمانية. ولذلك فإن تشكيل لجنة خاصة من رؤساء الهيئات البرلمانية يسهل من مهمة الحكومة فى الدفاع عنها. أما إحالة البيان للجان فيضع الوزراء فى مهمة شاقة جدا. لأن الوزراء سيكونون فى مهمة إقناع وشرح ملفات بيان الحكومة للنواب فى 25 لجنة برلمانية. وهو الأمر الذى يصعب مهمة الوزراء الجدد. لأنهم لم يشاركوا فى وضع البيان، ولم يدرسوا بعد ملفات وزاراتهم. ولا يعرفون مشاكل الوزارة. ولكن ربما ينجح بعض الوزراء الجدد فى كسب ود النواب من خلال التواصل الجيد معهم.