مى سمير تكتب: «الصندوق الوطنى للديمقراطية» أمريكى يموله الكونجرس ويكشف الأيادى الأمريكية فى مصر

مقالات الرأي



50 ألف دولار لرجال الدين الإسلامى والمسيحى لدعم الديمقراطية

فى الوقت الذى وقفت فيه الحكومة على قدم واحدة ورفضت رفضا قاطعا، تلقى منظمات حقوق الإنسان لأى تمويل خارجى، وقفت نفس الحكومة، فى موقف المشاهد العاجز عن فعل شىء، أمام تمويل «الصندوق الوطنى للديمقراطية»، لتمويل رجال الدين الإسلامى والمسيحى للانخراط فى تعزيز التعددية والتسامح فى مصر.

بشكل عام، القيم الدينية، سواء كانت إسلامية أو مسيحية، قامت فى الأصل على التسامح، وتقبل الآخر، غير أنها ليست فى حاجة إلى تمويل أو لرشوة لتعزيز قيمها وتقبل الآخر، لكن التمويل المخصص لها، وكشف عنه الموقع الخاص للصندوق الأمريكى الوطنى للديمقراطية على موقعه الخاص على الإنترنت، ويبلغ 50 ألف دولار لعام 2014، يكشف حجم تغلغل الصندوق الذى ضخ أموالا طائلة لمصر عبر المنظمات والمؤسسات غير الحكومية.

الموقع الرسمى للصندوق أكد أن المبلغ المخصص لرجال الدين «الإسلامى والمسيحى» فى مصر، إنما هو فى الأساس، لدفعهم فى تعزيز قيم الديمقراطية، والتعددية والتسامح فى المجتمع المصرى، غير أن الصندوق سيقوم بإجراء ورشتى عمل لعدة أيام لرجال الدين حول تعزيز قيم التسامح والتعايش السلمى والإصلاح الديمقرطى فى مجتمعاتهم.. وسيشجع الصندوق من خلال الورشتين، رجال الدين فى مصر على تطبيق 6 مبادرات اجتماعية تتعلق بمشاكل مرتبطة بأفكار التسامح والتعايش والإصلاح الديمقراطى، لكن لم يذكر الموقع صراحة طبيعة هذه المبادرات.


1- صندوق سيئ السمعة!

المدهش أن الصندوق الوطنى للديمقراطية الذى يحمل لواء تعزيز الديمقراطية، يتعرض هو نفسه لانتقادات منذ نشأته بشأن نقص الشفافية حول سياساته المالية، ففى عام 1985 نشرت جريدة نيويورك تايمز تحقيقا موسعا حول الغموض الذى يحيط بنفقات الصندوق.

وفى عام 2005، هاجم بول راين - السيناتور الأمريكى فى ذلك الوقت- الصندوق مؤكدا أنه لا يفعل شيئاً من أجل الديمقراطية بل إنه فى حقيقة الأمر يستخدم أموال دافعى الضرائب الأمريكان من أجل تخريب الديمقراطية.

وبعيدا عن وجهة نظر السيناتور الأمريكى السابق، فالمتابع للميزانية التى رصدها الصندوق، يدرك بسهولة مدى توغل أنشطة الصندوق فى مختلف قطاعات المجتمع المصرى سعيا لتخريبه، بداية من المجتمع المدنى إلى البرلمان مرورا برجال الدين.

ويرفع الصندوق شعارات قائمة على تعزيز الديمقراطية وتمكين الشباب لكنه فى النهاية يعكس تدخلاً أمريكياً فى الشأن المصرى يثير الكثير من علامات الاستفهام.


2- الكونجرس يمول الصندوق

الصندوق الوطنى للديمقراطية (NED)، المفترض أنه منظمة خاصة غير ربحية تأسست فى عام 1983 بدعوى تعزيز الديمقراطية فى مختلفة أنحاء العالم وذلك تحت مظلة برنامج الديمقراطية التابع للكونجرس الأمريكى، وتعتمد هذه المنظمة الخاصة فى تمويلها بشكل أساسى على الكونجرس الأمريكى الذى يقدم لها منحة سنوية تحت رعاية وكالة المعلومات الأمريكية.

واتهم الموقع الخاص بالصندوق، مصر بأنها تتجه نحو الاستبداد، وأن المسئولين الحكوميين ووسائل الإعلام التى ترعاها الدولة يلجأون لتجريح الجهات المانحة الأجنبية والمنظمات غير الحكومية المستقلة، والمعارضة السياسية على حد سواء.

وبالدخول على الصفحة الخاصة بمصر، وبعنوان مركز المشروعات الدولية الخاصة، وهو أحد أربعة مراكز تابعة للصندوق الوطنى للديمقراطية، تم تخصيص 465.686 دولارا من أجل تعزيز الحوار الديمقراطى حول القضايا الاقتصادية.

ويشرح الموقع أن هذه الميزانية مخصصة لمساعدة مجموعة واسعة النطاق من قادة الرأى وأصحاب المصالح على المستوى والوطنى والمحلى لمواصلة الانخراط فى الحوار حول أولويات الإصلاح المؤسسى لتحول مصر إلى دولة ديمقراطية.

3- قادة الرأى والتشريع والميزانيات الحكومية

يشير موقع مركز المشروعات الدولية الخاصة، إلى أنه يعتمد فى مصر على شبكة متنوعة من المنظمات والأفراد التى تكونت على مدار ما يقرب من 20 عاما، وتمثل هذه الشبكة، بحسب الموقع، مجموعة كاملة ومتنوعة من قادة الرأى فى مصر. غير أنه أشار إلى بعض الجهات المتعاونة معه ومن ضمنها شركة المحاماة يونايتد جروب المتخصصة فى قضايا حقوق الإنسان، أيضا اتحاد جمعيات التنمية الاقتصادية (فدا) التى تمثل نحو 30 ألف شركة صغيرة.

وبعنوان تعزيز الصوت المستقل للقطاع الخاص، أشار موقع الصندوق الوطنى للديمقراطية تخصيص ما يعادل 443.507 دولارات من أجل تعزيز الصوت المستقل للقطاع الخاص فى مصر.

وكشف الموقع الخاص بالصندوق الوطنى للديمقراطية المبالغ المخصصة لدعم مختلف أنشطة الصندوق فى مصر.. إذ يتم تخصيص 39 ألف دولار من أجل تعزيز المساءلة والشفافية بشأن الميزانية الحكومة، ويتم تخصيص هذه الميزانية من أجل إصدار تقرير سنوى يحلل المعلومات المتاحة عن اعتمادات الميزانية والنفقات الفعلية، وسيتضمن المشروع أيضا الدعوة إلى مزيد من الشفافية فى الميزانية.

تخصيص 25 الف دولار من أجل توفير منصة لوسائل الإعلام المحلية فى صعيد مصر، وسيهتم المشروع بإطلاق منصة إخبارية على الانترنت واطلاق مبادرة لتركيز الاهتمام على منطقة الصعيد، وتخصيص 30 ألف دولار لحماية حقوق الأرض والسكان وضمان قدر أكبر من الشفافية فى تنفيذ خطط التنمية الحضرية فى ثلاث محافظات فى مصر.

ولتعزيز شفافية العمليات التشريعية فى مصر، رصد الصندوق 43 ألف دولار، الهدف الرئيسى لها مراقبة مجلس الشعب المصرى، وحضور وتوثيق جلسات البرلمان بشأن التشريعات المقترحة، وأضاف الموقع أن المنظمة ستقوم بجمع البيانات من السجلات العامة البرلمانية وإصدار اثنين من التقارير نصف السنوية وتوزيع 500 نسخة من كل تقرير، كما ستعقد 12 ندوة حول التعديلات التشريعية المقبلة.

ولتعزيز قدرة نقابة المعلمين المستقلة، المؤسسة حديثا، رصدت المنظمة 38 ألف دولار من أجل بناء تحالف من جماعات الضغط المجتمعى والدعوة إلى إصلاحات تعليمية أكثر فاعلية.. غير أنها رصدت 25 ألف دولار، لتفعيل مشاركة المواطنين فى الحكم وتعزيز رقابة المواطن لدور الحكومة والبرلمانيين المنتخبين، من خلال ثلاث لجان شعبية، تجهز من خلالها 75 عضوا من أعضاء هذه اللجان بمهارات القيادة، وتدعيم جهودهم فى رصد ومراقبة السلطات والبرلمان، علاوة على 25 ألف دولار لإشراك الشباب فى مراقبة الحكومة المحلية وبناء قدرات الشباب للمشاركة فى مكافحة فساد المؤسسات الحكومية والمحلية.

تعبئة الشباب والتدريب على التغيير

أهداف الصندوق لم تنته عند هذا الحد، ففيما رصد 25 ألف دولار لإشراك المواطنين فى الحكم المحلى، سيقوم الصندوق بتعزيز قدرات أربع منظمات غير حكومية محلية للدفاع عن مزيد من الاستجابة لأولويات المواطنين من جانب السلطات المحلية، وسوف يقوم الصندوق بتدريب 20 من قادة المنظمات غير الحكومية على تنظيم المجتمع، الحقوق المدنية للمواطنين، سبل التأثير على السياسات وصنع القرار على المستوى المحلى، وحقوق المرأة.

27.500 دولار من أجل تمكين المجتمع المدنى فى مكافحة الفساد، علاوة على رصد 24 ألف دولار لتعبئة الشباب ليصبحوا من عوامل التغيير فى المجتمع، ويسعى الصندوق إلى ما وصفه بتعزيز مبادئ الحقوق المدنية داخل المنظمات التى يقودها الشباب فى صعيد مصر.

20 ألف دولار من أجل تعزيز الدور السياسى ومشاركة الشباب المهمش فى صعيد مصر، وبناء قدرات إحدى المنظمات الحكومية التى أنشئت حديثا، غير أنه رصد 20 ألفا أخرى لتعزيز إشراك الشباب فى صنع القرار، ويستهدف الصندوق تشجيع الشباب على ما وصفه الموقع بالدعوة الاجتماعية.

ولم ينس الصندوق النقابات المهنية المستقلة، فرصد لها 31 ألف دولار لتعزيز الحق فى تشكيل الجمعيات المهنية الحرة والمستقلة وبناء شبكة مستقلة من الجمعيات المهنية مع العمل على زيادة قدراتها، علاوة على رصد 28 ألف دولار لتمكين المرأة فى النقابات المهنية وتعزيز الدور القيادى لها ومشاركتها فى عمليات صنع القرار فى الجمعيات المهنية المحلية وعلى المستوى الوطنى، و40 ألف دولار لحرية تكوين الجمعيات فى الريف لبناء قدرات المنظمات غير الحكومية المصرية والنقابات العملية المستقلة التى تعمل من أجل تعزيز حرية تكوين الجمعيات فى المجتمعات الريفية.