«فايزة أحمد».. 81 عامًا ربت 5 أبناء بدخل خمسة جنيهات يوميًا.. أمنيتها شراء الأدوية التي لم تغيرها منذ 3 سنوات

تقارير وحوارات

بوابة الفجر

تقبع على الرصيف المواجه لمنزلها بمنطقة «العتبة»، وأمامها صندوق خشبي موضوعًا عليه عشرات من« المناديل الورقية»، لسد رمق معيشتها، تتطلع المارة بابتسامة صامتة كأنها لا تحمل همًا ولا تبالي ضيقاً دون النطق بكلمات مسموعة أو محفوظة تشكو بها حالها لتنال بها تعاطف الغير، فترسل ببشاشة وجهها شعوراً خفياً كتنويماً مغناطيسياً يجعل المار أمامها يتحرك كإنسانا آلياً بُرمج نظامه على الشراء منها فقط.
تبدء «فايزة محمود أحمد»، ذو الواحد والثمانون عامًا، يوم عملها من الساعة الثامنة صباحاً، حتى الثامنة مساءً، لتقضي كل هذا الوقت في المهنة التي أفنت عمرها فيها منذ25عامًا، بعدما عجزت عن العمل بالبيوت بعدما ضمر جسدها النحيف، وانحنى ظهرها وحفر على وجنتيها تجاعيد عمر غرق بالتعب، وباتت تشكو في آلام مزمنة في فقرات الظهر.
فبعد أن بدأت عاملة بالمستشفيات يعقبها خادمة بالبيوت من ثم بائعة مناديل ورقية، والتي أفنت باقي أيامها فيها، رغم مرضها الشديد فتجلس في لهيب شمس الظهيرة ترجو من الرحمن رزقها بأي حفنة من المال للعودة إلى منزلها لتسد به صريخ فاه ابنتها الجائعة.
خمس جنيهات دخلًا يوميًا لأسرتها
وتحكي «فايزة» بنبرة خانقة عن حالها مستهلة: « أنا عندي خمس أولاد، علمت ثلاث بنات وجوزتهم، والبنتين التانيين جوزتهم ومتعلموش، وقاعدة مع بنتي الأخيرة وجوزها لأن جوزها كان سواق وعمل حادثة وهو رافض يشغلها فأنا اللي بشقى عليهم، وبرجع يوميًا بخمس جنية بس، ولما بيزيدوا بيكونوا تسعة جنيهات بالكتير».
بداية رحلتها الشاقة بعد وفاة الزوج
وتواصل المرأة الثمانينية حديثها: «جوزي متوفي وأنا عندي خمسة وثلاثون سنة، وآخر بنت كانت في اللفة، ومعرفتش أعمل ايه غير إن أنزل أشتغل وأشقى على ولادي، وخاصة إن البنت الصغيرة كانت مريضة وعندها كهربا زيادة في المخ، وعدت سنين وهي على دا الحال لحين تزوجت وفضلت برضوا معها لأن ظروفها نفس حالتي بؤس ».
تنعي حالها
السيدة التي تقطن في غرفة صغيرة بمنطقة «العتبة» في وسط القاهرة، تنعي حالها، لكن «ما باليد حيلة»: «لو كان جوزي معايا، أو ولد يحميني، مكنتش اتبهدلت»، فهي العائل لأسرتها الصغيرة، منذ شبابها، ولن يشعر بها أحد سوى رب العباد».
شراء الدواء أقصى طموحاتها
وبأملاً يشبوه الخجل، عبرت «فايزة»، عن مرضها قائلة، إنها تعاني من ضيقًا شديدًا في التنفس، وألمً في الحلق عند البلع، منذ ثلاث سنوات وذهبت لطبيب المختص آنذاك، وطلب أن تكرر الأدوية شهرًا واحدًا، ولكن لضيق الحال تكرره مع  عدم سريان مفعوله، ناهيك عن آلام ظهرها المزمن والتي لا تستطيع شراء أدويته، راجية الرحمن أن تزور بيته، متمنيةً في عيدها أن تحصل على أدويتها؛ لكي تستطع العمل من أجل ابنتها وزوجها المريض.