بعد 13 عاما من الغزو الأمريكي لـ"العراق".. هل نجحت "أمريكا" في تحقيق أهدافها بالمنطقة؟

تقارير وحوارات

بوابة الفجر



العرابى: غزو للعراق أشعل المنطقة وأنتج "داعش".. ونحن أمام "سايكس بيكو جديدة"
رشوان: الاحتلال الأمريكي للعراق فاقم من الجماعات الإرهابية بالمنطقة

بعد هجمات 11 سبتمبر 2001 الإرهابية، شعرت إدارة الرئيس الأمريكي، جورج بوش، بأن عليها أن تقوم بالمزيد من الإجراءات الانتقامية بحق الجماعات الإرهابية، فشكلت تحالفًا غربيًا قويًا كانت الولايات المتحدة هي رأس حربته إلى جانب المملكة المتحدة.
 قرار الغزو في مثل هذا اليوم من عام 2003
ووجه التحالف أصابع اتهامه نحو العراق، وقد أصدرت الإدارة الأمريكية قرارًا بغزو العراق في مثل هذا اليوم الموافق 20 مارس من عام 2003، خصوصًا بعد أن تمكنت من الحصول على دعم وتأييد من 49 دولة، وبعد تقديم الإدارة الأمريكية عددًا من المبررات لإقناع شعبها والرأي العام لغزو العراق ومنها استمرار رفض حكومة الرئيس العراقي السابق "صدام حسين" تطبيق قرارات الأمم المتحدة المتعلقة بالسماح للجان التفتيش عن الأسلحة المحرمة بمزاولة أعمالها فى العراق، واستمرارها فى تصنيع وتخزين أسلحة دمار شامل.
هذا الصراع كانت آثاره مدمرة فالاحتلال الأمريكي فكك العراق وكبد العراق خسائر فادحة لم يشهدها في تاريخة، وترك الدولة أنقاضًا، فالبلد اليوم يمر بأزمات اقتصادية واجتماعية وسياسية متفاقمة، وظهر صراع بين الشيعة والسنة والأكراد واتسعت فجوته على نحو بات أقرب إلى الحرب الأهلية.
أهداف خفية للغزو
الإدارة الأمريكية بنت قرار العرب استنادًا إلى جملة من المبررات لإقناع الرأي العام الأمريكي والعالمي بشرعية الحرب، وقد ثبت عدم موضوعية هذه المبررات لاحقًا، ولم يحرج كشف هذ الإدعاءات الإدارة الأمريكية، فالرئيس جورج بوش الإبن صرح في أغسطس 2004 بأنه "حتى لو كان يعرف قبل الحرب ما يعرفه الآن من عدم وجود أسلحة محظورة في العراق فإنه كان سيقوم باجتياح العراق"، وهذا ما يثبت أنه كانت هناك أهداف عدة منها الهيمنة على سوق النفط العالمية لضمان عدم حصول أزمة وقود فى الولايات المتحدة بسيطرتها بصورة غير مباشرة على ثاني أكبر احتياطي للنفط فى العالم ودعم الدولار الأمريكى، خصوصا بعد قرار الرئيس العراقي في عام 2000 تغيير العملة المتداولة في سوق النفط العراقي من الدولار إلى اليورو، ما سبب حرجا لأمريكا. 
جميع الادعاءات الأمريكية لغزو العراق كانت كاذبة ومنها: استمرار العراق بتصنيع وامتلاك أسلحة الدمار الشامل، ولكن تبين أن هذا الموقف كان مجحفا وظالمًا، فحتى يومنا هذا لم يعثرعلى أية صناعة أو إنتاج لهذا النوع من الأسلحة المدمرة. 
وضع "العراق" على مسار الانهيار
ولم تتكفل الإدارة الأمريكية بوعدها في بناء نموذج للديموقراطية في العراق استعاضةً عن النظام السلطوي الاستبدادي الذي يترأسه صدام حسين، بل ترك البلاد في مستنقع من الفوضى والصراع الداخلي الذي وضع العراق على مسار الانهيار.
 ولاقت أمريكا مقاومة مستبسلة ليست في الحسبان، حتى قرر الرئيس الأمريكي، باراك أوباما، سحب القوات الأمريكية من الأراضي العراقية بعد ثمان سنوات من الحرب، وخرج آخر جندي أمريكي من الأراضي العراقية في ديسمبر 2011.
وفي 20 مارس 2003، أي بعد انقضاء عدة ساعات على المهلة التي أعطاها جورج  بوش لصدام حسين ونجليه بمغادرة العراق سمعت دوي انفجارات في بغداد، وصرح الرئيس الأمريكي أنه أصدر أوامره لتوجيه "ضربة الفرصة" الذي علم فيما بعد أنها كانت ضربة استهدفت منزلا كان يعتقد أن صدام حسين متواجد فيه. 
وكان الغزو سريعا بالفعل فبعد حوالي ثلاثة أسابيع سقطت الحكومة العراقية وخوفًا من تكرار ماحدث في حرب الخليج الثانية من اشعال للنيران في حقول النفط قامت القوات البريطانية بإحكام سيطرتها على حقول نفط الرميلة وأم قصر والفاو بمساعدة القوات الأسترالية. 
سقوط الجيش العراقي وسيطرة أمريكا على الأراضي
وفي السابع من أبريل، قامت قوة مدرعة أخرى بشن هجوم على القصر الجمهوري واستطاعت من تثبيت موطأ قدم لها في القصر، وبعد ساعات من هذا حدث انهيار كامل لمقاومة الجيش العراقى، وعقب ذلك بيومين أعلنت القوات الأمريكية بسط سيطرتها على معظم المناطق ونقلت وكالات الأنباء مشاهد لحشد صغير يحاولون الأطاحة بتمثال للرئيس العراقي صدام حسين في وسط ساحة أمام فندق الشيراتون، والتي قاموا بها بمساعدة من ناقلة دبابات أمريكية وقام المارينز بوضع العلم الأمريكي على وجه التمثال ليستبدلوه بعلم عراقي فيما بعد أن أدركوا أن للأمر رموزا ومعاني قد تثير المشاكل.
أمريكا خاضت الحرب لأسباب خاطئة    
ويقول السفير محمد العرابي، النائب البرلماني ووزير الخارجية الأسبق، إن الشعب الأمريكي لا يزال متأثرا من نتائج تلك الحرب، فالولايات المتحدة خسرت خلالها 4474 قتيلا و33 ألف جريح حسب الأرقام الرسمية وأنفقت حوالي تريليون دولار، كما تسببت في مقتل نحو مائتي ألف مدني عراقي على أقل تقدير".
وأضاف العرابي، في تصريح خاص لـ"الفجر"، أن القوات الأمريكية خاضت الحرب لأسباب خاطئة، حيث ثبت بالدليل القاطع أن العراق لم يكن يمتلك صواريخ طويلة المدى وأسلحة دمار شامل، كما لم يكن النظام العراقي مرتبطًا بشكل أو بآخر بتنظيم القاعدة، بل كان من أكثر الشعوب العربية لمكافحة الإرهاب بشهادة جهات دولية".
وتابع العرابى قائلاً :"كل ما حققته الغزوة الأمريكية هو تدمير قدرات القوات المسلحة العراقية على ردع إيران دون أن يكون لدى الولايات المتحدة أي خطة واضحة لاستعادة الأمن والنظام من خلال نظام حكم ديمقراطي لا يستهدف عزل وتهميش السّنّة".
 وردًا على سؤال، ما الذى جنته أمريكا بعد 13 عام من الغزو، يقول، إن غزو أمريكا للعراق جعل الشعوب العربية ترتاب من أمريكا وتشعر نحوها بمشاعر عدائية، بعدما تسببت الحرب فى "إشعال المنطقة" على حد قوله.
وأوضح وزير الخارجية الأسبق، أن الحرب دمرت كل المنشآت الحيوية فى العراق وتسببت فى خلخلة البنية الاجتماعية لدرجة أصبح معها العراق دولة فاشلة وخارجة عن القانون، مضيفًا بأن الجماعات الإرهابية كـ"داعش" كانت نتاجًا طبيعيا لهذه الحرب التى تركت الشعب العراقى مدمرًا وغارقًا فى مستنقع الفتنة الطائفية والحروب المذهبية وفق خطة صهيونية تم الكشف عنها لاحقا وهي إعادة تصدير الإرهاب للمنطقة العربية، مما يؤكد المخاوف التى تترد بأننا أمام "سايكس بيكو" جديدة. 
تبرير التواجد الأمريكي في المنطقة
وبدوره قال، ضياء رشوان، مدير مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، إن الولايات المتحدة غزت الشرق الأوسط بمصطلح أسمته محاربة الإرهاب لتبرير تواجدها في المنطقة واعتمدت على الهجمات الاستباقية ضد الدول التي تهدد أمنها القومي، وبالتالي قامت بغزو العراق بعد أن غزت أفغانستان، لافتًا إلى أن الاحتلال الأمريكى للعراق فاقم من الجماعات الإرهابية بالمنطقة، بما يسارع من وتيرة مضيها نحو التقسيم وفق مطامع الدول العظمى.
وأضاف "رشوان"، في تصريح خاص لـ"الفجر"، أن أمريكا استفادت كثيرًا من غزو العراق، فقد نجحت أمريكا من خلاله فى تأمين احتياطياتها من النفط وحماية الدولار، إلى جانب أنها كانت  فى حاجة لتوجيه رسالة قوية إلى أنها ما تزال متربعة على عرش القوى العظمى إبان حكم بوش الإبن المتهور وسياساته العنيفة حيال منطقة الشرق الوسط، مشيرًا  إلى أن الغزو الأمريكى للعراق كان وراء ولادة "داعش" بالعراق وسوريا، وأنه السبب وراء انخفاض أسعار البترول فى المنطقة مما يفتح بابًا جديدًا للصراع الوجودي في المنطقة كما يحدث الآن بين إيران والسعودية وتركيا ، والذي من المتوقع أن يزيد الأوضاع سوءًا إلى سوء ويجر عليها ويلات هى فى غنى عنها.