أحمد فايق يكتب: تعديل وزارى يطيح بثلث وزراء شريف إسماعيل

مقالات الرأي



■ الاحتفاظ بالمالية والتخلص من معظم وزراء المجموعة الاقتصادية

■ خروج وزراء التعليم والصحة بدأ من زيارة الرئيس إلى اليابان 

■ رفض اقتراح باختيار وزراء من الأحزاب.. والوزراء الجدد تكنوقراط

■ لا قيادات بعد سن الستين وحسن السوهاجى يخرج على المعاش فى يوليو 

■ مجدى عبد الغفار يعقد اجتماعاً دورياً مع الضباط مرة كل شهر 

■ مساعد الوزير لقطاع السجون يسلم أخطر ملفات فى مصر فى أربعة شهور

اختار الرئيس عبد الفتاح السيسى الرقابة الإدارية أحد الاماكن المهمة التى يزورها فى بداية فترته الرئاسية، إنه يعلم أن هذا المكان سيكون أحد أهم مؤسسات الدولة بعدها، لقد بدأ الرئيس مشروعا أعتقد أنه قومى، فقد اتفق مع الرقابة الإدارية على عمل بنك للقيادات، منذ ثورة 25 يناير حتى الآن ظهرت مشكلة عدم وجود قيادات فى الدولة، فقد ساهمت الـ30 سنة التى حكم فيها مبارك فى القضاء على الجيل الثانى من القيادات فى معظم مؤسسات الدولة، وبدا كثير من المؤسسات عجوزة ثقيلة الحركة فى وسط دولة شبابها يشكل الغالبية العظمى منها.

لقد بدأ المشروع القومى بعمل بنك للقيادات فى كل التخصصات، الهدف منه هو توفير قيادات صف أول وثان فى كل الوزارات، الشروط التى وضعها الرئيس هى نظافة اليد والقدرة على القيادة وبالطبع خلو ملفه من أى علاقة بمنظمات إرهابية.

عمل عشرات من ضباط الرقابة على مدار عام لتوفير بنك القيادات، وتم تأسيس وحدة خاصة داخل هذا الجهاز العريق، كانت توجيهات الرئيس هى ألا ينتظر الضباط الفساد يحدث كى يحصلوا على القضايا، بل إجهاض الفساد من المنبع وعدم الانتظار حتى تقع المصيبة، ثم عدت الرئاسة شروطها فى القيادة الجديدة أن يكون لديها رؤية لمستقبل مصر، وهذه الرؤية تتسق مع السياسة العامة للدولة.

أرسلت الرقابة الإدارية ملفات ببنك القيادات إلى رئاسة الجمهورية، وأصبح لدى الرئاسة قائمة تضم مئات من القيادات فى كل الوزارات والمحافظات صف أول وثان، لذا قدرة الرئيس على التغيير أصبحت أقوى بكثير مما سبق، وهو لن يتمسك بوزير لم يحقق طموح المصريين، استخدم الرئيس أيضا المجالس الاستشارية له كحضانة لإبراز جيل جديد من القيادات.

لقد بدأت مؤشرات التعديل الوزارى المرتقب من زيارة الرئيس إلى اليابان، فهو لم يصطحب معه رئيس الحكومة أو وزراء الصحة والتعليم، رغم أنه وقع على اتفاقيات فى الصحة والتعليم...!

هذا المؤشر يؤكد أن وزيرى الصحة والتعليم لن يكون لهما مكان فى الحكومة الجديدة، فقد فشلا فى التواصل مع الرأى العام، وتسببا فى أزمات كبرى، التعديل القادم ربما يشمل كل حقائب المجموعة الاقتصادية باستثناء هانى قدرى وزير المالية، لأنه وضع الموازنة ويجب أن يتابع تنفيذها بنفسه، إن هناك وزارات مثل الاستثمار أداؤها ضعيف، ولم يستطيعوا تنفيذ خطط الرئيس، وتسبب أداء هذه المجموعة فى إضعاف الاقتصاد أكثر،ربما يشمل التغيير أيضا حقائب مثل الهجرة والتعاون الدولى، وسيحتفظ وزيرا الشباب والتموين بأماكنهما، وبالطبع الوزارات السيادية، من بينها والداخلية، فقد نجح مجدى عبد الغفار فى إعادة السيطرة على الوزارة، وتقليل حجم الخسائر بعد أزمات كبيرة تعرضت لها الوزارة.

إن الداخلية هى الملف الأخطر والرقم الصعب فى مستقبل مصر، لقد كانت تعليمات الرئيس للوزير هى عودة الانضباط إلى الوزارة، وكتبت الأسبوع الماضى مقالا بعنوان الداخلية بين عودة الانضباط والانفجار، فهناك مجموعة من الضباط الشباب يشعرون بأن هناك أزمة فى التواصل مع القيادات، وانفجرت الأزمة حينما استمر اللواء حسن السوهاجى مساعد الوزير لقطاع السجون فى الخدمة لبعد سن الستين، شعر الضباط الشباب بالرعب على مستقبلهم، وخافوا أن يعود عصر حبيب العادلى الذى كان يمد لمعظم القيادات سنوات خدمة بعد المعاش وهذا يصادر فرص الكثير من الشباب فى الترقى والحصول على فرصتهم.

حققت فى الأمر ووصلت إلى مصادره الأصلية وتأكدت أن اللواء حسن السوهاجى لن يستمر لأكثر من أربعة شهور هو موجود فقط هذه الفترة لتسليم ملفات قطاع السجون إلى من سيخلفه، وهو أخطر ملف فى مصر وأكثرها حساسية، وليس من الطبيعى أن يخرج مرة واحدة دون تسليم، وسيخرج اللواء حسن السوهاجى فى حركة الداخلية القادمة.

سرت أيضا شائعة فى الوزارة خلال الأسبوع الماضى بالمد لـ3 من مساعدى الوزير بعد سن المعاش، وهى غير حقيقية فجميعهم لم يتخط سن الستين لكن وفقا للائحة يجب أن تجدد لهم مناصبهم سنويا بقرار حتى لو لم يتخطوا سن الستين.

السياسة فى وزارة الداخلية الآن وفقا لمصادر قوية هى عدم المد للقيادات بعد سن الستين، والاستثناءات لم ولن تحدث بسهولة ولوقت قليل لمجرد تسليم وتسلم الملفات.

لقد استجاب الوزير لطلبات الضباط الشباب ووجه بسياسة عدم المد للقيادات بعد سن الستين إلا فى حالات الطوارئ، واستجاب الوزير أيضا لمطالب الضباط وقرر الجلوس معهم بشكل دورى مرة كل شهر، يتحدث معهم عن استراتيجية الوزارة والدور المطلوب منهم، مثلما يحدث فى الجيش، لكن على مسافات متباعدة، ففى الجيش تجلس القيادات مع الضباط والجنود بشكل يومى أو أسبوعى لأنهم يعيشون معاً فى نفس المعسكر، لكن فى الداخلية الأمر مختلف قليلا فمعظم الضباط موزعون فى الشوارع يعملون، وهذا لن يمنع لقاء دورياً بين الوزير والضباط الشباب.

لدى الرجل رغبة حقيقية فى إصلاح الفجوة بين الأجيال، وهى فجوة موجودة فى كل قطاعات المجتمع، القارئ للأحداث الآن يعرف أن الأزمة الحقيقية فى مصر هى صراع الأجيال، فهنا جيل يريد أن يقود بطريقته وحماسه وجيل آخر يعتقد أن الخبرة تنقص الشباب.

لقد زرت الأسبوع الماضى المركز الإعلامى لوزارة الداخلية وجدته مكانا يعج بالعشرات يشبه صالة التحرير فى أى جريدة، وجدتهم يتابعون كل صفحات الداخلية والشكاوى التى تردهم، إحدى الشكاوى كانت مصحوبة بفيديو لأحد الإرهابيين يهدد بقتل جنود مصر بالطعنات عى طريقة انتفاضة الطعنات فى فلسطين.

ورأيت شكوى أخرى مصحوبة بفيديو من سيدة قالت إنها تعرضت لتحرش من شخص يدعى أنه ضابط شرطة، والفيديو بالفعل يثبت واقعة تحرش، لكن غير واضح أن الشخص المتحرش ضابط شرطة، وبحث المركز الإعلامى عن بيانات قائد السيارة المتحرش فى المرور أمامى وثبت أن السيارة مسجلة باسم مهندس وليس ضابط شرطة، وأرسل المركز الإعلامى ردا على السيدة قال فيه إنه سيتم اتخاذ جميع الإجراءات القانونية تجاه الشخص المتحرش ولو كان ضابط شرطة سيتم إيقافه وتحويله للتحقيق ولو ثبت أنه لا ينتمى للشرطة سيتم محاكمته بتهمة انتحال شخصية ضابط شرطة.

وأرسل المركز الإعلامى بيانات الرجل والسيارة للأمن العام وجار الآن التأكد من هويته والتحقيق فى الواقعة، قلت لهم هذا تصرف رائع منكم لكن الأهم أن يظهر هذا للرأى العام بدلا من أن تكبر كرة الثلج، وطلبت منهم أن ينشروا الفيديو على الصفحة الرسمية للشرطة ومعها الشكوى ورد الفعل الذى اتخذته الوزارة، فالفيديو منتشر بالفعل ولا يستطيع أحد منعه وبدلا من أن تكبر كرة الثلج يمكن إبراز رد فعل الداخلية للمواطنين وإشراكهم، استجابوا للفكرة ولاقت قبولا من الناس، فحينما يشعر المصريون بأن رغباتهم تحترم وإنسانيتهم تصان فإنهم يتقبلون أى شىء.