ما بين "زلة اللسان" و"ازدراء الأديان".. هل يحاكم "الزند" بعد "هحبس النبي"؟
اعتدنا تصريحات وزير العدل المستشار أحمد الزند المثيرة للجدل، لكن تصريحاته الأخيرة بشأن الصحفيين كانت الأشد غرابة وصعوبة على الإطلاق، حيث صرح في برنامج تليفزيوني مع الإعلامي حمدي رزق "أن من يتطاول علي مرة أخرى، هحبسه حتى ولو كان نبي"، قاصداً بكلامه الصحفيين.
وبعدها بدأت البلاغات في التحرك إلى النائب العام ضد وزير العدل، تتهمه بازدراء الأديان، تلك التهمة التي أصبحت تلاحق الكثيرين، فمن قبله الداعية إسلام البحيري، والروائية فاطمة ناعوت.
وتضاربت الآراء واختلفت في أمر القصد من وراء تصريحات المستشار أحمد الزند، وتباينت في تحديد مصير تلك الدعاوى التي تم رفعها ضده، حيث أكد البعض أن تهمة ازدراء الأديان ستلاحقه، فيما رأى البعض الآخر أن هذه التهمة فضفاضة وأن حديثه كان مجرد "زلة لسان".
زلة لسان
من جانبه رأى الدكتور محمد عبد العاطي، رئيس قسم الدراسات الإسلامية بكلية التربية جامعة طنطا، أن ما قاله الزند مجرد "زلة لسان"، موضحا أنه من المؤكد لم يكن يقصد ما قاله، وأنه كان في حالة من الغضب الشديد، ومستبعدًا أن يكون ذلك نوعًا من ازدراء الأديان.
وأضاف "عبد العاطي"، لـ"الفجر"، أن المستشار "الزند" رجل مفوه، مشيرًا إلى أن ما يعرفه عنه هو أنه تعلم تعليماً أزهرياً ويحفظ من القرآن الشيء الكثير، مؤكدًا أنه لم يقصد أن يزدري النبي، وأنه لم يرضى على الإطلاق بهذا الحديث، وعلينا أن نتفكر جميعاً في الكلمة قبل أن تخرج من أفواهنا.
وأوضح أنه لكي تثبت تهمة ازدراء الأديان، يجب أن يكون هناك إصرار على الازدراء، مثل أن يظهر أحدهم على شاشة التلفاز يقرأ من الأوراق ما يقوله، أو أن يظهر أحدهم ويقول أن القرآن كتاب إنساني موضوع، وعلى الجانب الآخر نحن نرفض ازدراء الديانة المسيحية، فلا نسمح لمسلم إهانة المقدسات المسيحية.
ازدراء أديان وتعدي على السلطة القضائية
وصرح المحامي والحقوقي "أمير سالم"، أنه قام بإطلاق دعوى على صفحته الشخصية على موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك بعنوان "أقيلوا الزند"، ليس بسبب التصريحات الأخيرة، لكن بسبب خطابه العنصري والفاشي.
وتابع في تصريحاته الخاصة لـ "الفجر" أن تصريح المستشار "الزند" الأخير فيه ما فيه من ازدراء الأديان، لكن الأخطر هو ما فيه من تعدي على السلطة القضائية، فهو لا يملك حق حبس أي شخص بل هي سلطة قضائية خالصة، مشيرًا إلى أنه يفكر في رفع دعوى يتهمه فيها بإهانة القضاء، ولافتًا إلى أنه رغم معارضته وجود تهمة ازدراء الأديان، لكنه لن يمانع أن تتم محاكمته بسببها.
وقال أن تصريحات "الزند" الأخيرة تزدري الدين بالطبع، قائلا: "أتحداه أن يستطيع استخدام نفس التصريح ويقول (هحبس أي حد حتى لو كان السيسي)"، مؤكدًا أن شخص في منصب الزند ومكانته ليس من المقبول أن تخرج منه زلة لسان مثل تلك إن حسبناها كذلك، وأن ذلك التصريح وإن دل على شيء فيدل على غرور "هذا الزند"- على حد قوله.
تهمة فضفاضة
وقال المستشار محمد حامد الجمل، الرئيس الأسبق لمجلس الدولة، إن تهمة ازدراء الأديان تهمة فضفاضة ليس لها معنى واضح، وأننا أصبحنا نلتزم بظاهر الدين من حجاب ونقاب ولحية ونترك الدين، وقضايا ازدراء الأديان ما هي إلا نوع من أنواع هذا التظاهر بالتدين.
وتابع في تصريحاته لـ "الفجر" أن "الزند" أصلاً كان يتحدث عن إعلاء قيم الحرية واحترام الدستور، مستبعدًا أن يكون قصد ازدراء الأديان بحديثه على الإطلاق.
وعن موقفه من تهمة ازدراء الأديان على وجه العموم أشار إلى أنه ضد هذه التهمة لأنها تهمة فضفاضة، ويجب أن يتوفر فيها القصد العام الجنائي، والقصد الخاص بإهانة الأديان والطعن فيها وتحقيرها. وهو الأمر الذي لا يقبله أي متدين على الإطلاق.