تاريخ الخدمة العسكرية في مصر.. بدءً من "محمد علي" الذي جند السودانيين.. حتى "السيسي" وأقوى صفقات لتزويد الجيش بالسلاح
"محمد علي" يجند السودانيين بدلاً من مفاجأة المصريين بتجنيدهم
"عباس باشا" وتراجع الجيش إلى الوراء.. أما "سعيد" دعى أبناء أعيان الأقباط إلى حمل السلاح أسوة بـالمسلمين
"إسماعيل" يعيد الجيش لسابق عهده.. و"توفيق" يتخذ إجراءات تعسفية ضده
وفي عهد "فاروق" بريطانيا تحاول إلغاء الجيش الوطني
"نجيب" ينشيء قوات الحرس الوطني.. و"عبد الناصر" يحدث الجيش لمخاوفه من دولة "المشير"
"السادات" يضيف للجيش مهمة حماية الدستور.. وفي عهد "مبارك" أكبر جيش بري في إفريقيا
"مرسي".. وتقدم الجيش للمرتبة الـ 13 عالميًا.. و"السيسي" يبرم صفقات تزويد الجيش بالسلاح
بعد مقترح بعض النواب بإعفاء أبناء الأغنياء من الخدمة العسكرية، الذي قوبل بالاعتراض، وبالرجوع إلى التاريخ، فإن الخدمة العسكرية مرت بمراحل عديدة وتطورات كثيرة، منذ أن عرفتها مصر، حيث بدأها محمد علي بتأسيس قوة عسكرية نظامية من السودانيين وبعدما أخفقت التجربة، اتجه إلى تجنيد المصريين، ومنذ ذلك الحين مر الجيش بأوقات ازدهار، وأخرى انحدار وكان يتم اختيارهم بالطبقات، إلى أن تحول نظام الحكم من ملكي إلى جمهوري، وأصدر قانون رقم 1980 لتنظيم الخدمة العسكرية.
محمد علي.. يبدأ بتجنيد "السودانيين"
بعد أن تولى محمد علي شؤون الحكم في مصر عام 1805، ونجاحه في طرد الفرنسيين، كان لا بد له من تأسيس قوة عسكرية نظامية حديثة.
قبل عهده، كان الجيش مؤلفًا من فرق غير نظامية، معظمها من الأكراد والألبان والشراكسة، فبذل محمد جهده في إنشاء جيش يضارع الجيوش الأجنبية في قتالها، وكانت الصعوبة في بداية الأمر، طريقة اختيار الجنود ومن أي الطبقات.
فلم يشأ أن يفاجئ المصريين بتجنيدهم، لأنهم لم يعتادوا التجنيد من عهد المماليك، ففكر أولا في تجنيد السودانيين من سكان كردفان وسنار، فجاءه منهم نحو عشرين ألفا وأنفذهم إلى بني عدي على يد المماليك الذين تخرجوا من مدرسة أسوان، إلا أن هذه التجربة لم تصادف النجاح المرغوب، فأخذ "محمد علي" يفكر في الالتجاء إلى تجنيد المصريين، وأنشأ ثكنات لتمرين المجندين في أسوان وبني عدي.
ولما اتسعت دائرة التجنيد استدعى محمد، من فرنسا طائفة من كبار الضباط ليعاونوه على تنظيم الجيش المصري، فتكونت طائفة الضباط المصريين على يد المعلمين الأوروبيين، وأرسل طائفة من الشبان إلى أوروبا لإتمام دروسهم الحربية هناك، فعادوا إلى مصر بعد أن حذقوا العلوم والفنون العسكرية، وحلوا في المدارس الحربية محل المعلمين الأجانب، وشرع في بناء المدارس العسكرية والحربية.
عباس باشا.. وتقليص عدد الجيش المصري
ومع بداية عهد عباس باشا" الحكم في عام 1854-1848، بدأ يتراجع الجيش المصري إلى الوراء كثيراً، حيث شهد انحساراً وصف بالرجعي وتقلص عدده وكأنه حُوِّل إلى حرس خاص.
سعيد باشا.. وتحديد مُدة العسكرية
لجأ سعيد باشا إلى تجديد الروح من جديد، للجيش المصري، حيث تم تحديد مدة الخدمة العسكرية وجعلها قصيرة، فجعل متوسط الخدمة سنة واحدة، ونظم التجنيد بحسب السن إجبارياً لجميع الشبان على اختلاف طبقاتهم، وليس وفقا لإرادة العمد والمشايخ الذين كانوا يستثنون أبناءهم وأبناء محاسيبهم، كما زود عدد الجيش إلى زيادة عدد الجنود من 18.000 إلى 30.000 جندي.
أصدر أمراً عالياً يفيد بدعوة أبناء أعيان الأقباط إلى حمل السلاح أسوة بأبناء أعيان المسلمين، وذلك مراعاة لمبدأ المساواة، كما فتح باب الترقي أمام الضباط المصريين.
الخديوي إسماعيل.. وإعادة الجيش لسابق عهد جده
نشط الخديوي إسماعيل، لإعادة الجيش المصري، كما كان في عهد جده محمد علي، وحرص على زيادة عدده، إلى 120 ألف، واهتم بتسليحه ومضاعفة قوته والوصول به إلى مستوى الجيوش الحديثة، كما اهتم بنهضة التعليم الحربي، وأعاد إنشاء المدارس الحربية واستعان ببعض الضباط الأجانب.
الخديوي توفيق.. مواجهات ضد الجيش بعد إجراءاته التعسفية
بدأ الخديوي توفيق باتخاذ إجراءات تعسفية ورجعية ضد الجيش، مما أدى إلى حدوث احتكاك ومواجهات مستمرة بينه وبين الجيش، وقام على أثرها بتخفيض عدد الجيش مرة أخرى إلى 18000 جندي.
ومن ثم تم تنظيم الضباط الأحرار، لمقاومة الاستعمار البريطاني في مصر منذ نشأة التنظيم 1939، وكان محمد أنور السادات أحد أفراد التنظيم، وجمال عبد الناصر رئيساً للجنة التنفيذية للضباط الأحرار.
فاروق.. وإشراف الضباط البريطانيون على تدريبات الجيش
زاد النفوذ البريطاني في عهد الملك فاروق، ولم يرضَ البريطانيون عن العناصر الوطنية النشيطة في الجيش المصري، فقد أشرف ضباط بريطانيون على تدريبه وتسليحه، وبادرت بريطانيا إلى إلغاء الجيش الوطني بعد احتلالها لمصر من خلال مرسوم 19 سبتمبر 1882 ، وكانت بمثابة خطوة سلبية لمحو الصبغة الوطنية والقومية للجيش المصري، وبعد أن تم لها ما أرادت فقد أنشأت بدلاً منه جيشاً ضعيفاً هزيلاً، كما أصدرت تقرير مبدأ البدل النقدي عام 1886 للإعفاء من الخدمة العسكرية التي أصبحت مفروضة على الفقراء فقط.
محمد نجيب.. وإنشاء قوات الحرس الوطني
كانت أولى قرارات نجيب هو إنشاء قوات الحرس الوطني وهي قوة عسكرية قائمة على التطوّع الشعبي كي تكون عونا للجيش النظامي الأساسي في الذود عن استقلال البلاد، كان الخلاف على تعيين عبد الحكيم عامر نقطة تحول بالنسبة لنجيب، حيث وجد أن مقاليد السلطة بدأت تتجمع في يد بعض الشخصيات وأصبحت تتمتع بنفوذ وقوة كبيرة، مما جعله يفكر في إرساء الحياة المدنية مرة أخرى وإنهاء سيطرة الجيش على الحكم.
عبد الناصر.. ومخاوف من دولة "المشير"
بعد انفصال سوريا، تنامت مخاوف الرئيس الراحل جمال عبدالناصر من عدم اهتمام عبد الحكيم عامر بتدريب وتحديث الجيش، ومن الدولة داخل الدولة التي خلقها عامر بإنشاء جهاز القيادة والاستخبارات العسكرية.
وفي أواخر سنة 1961، أصدر عبدالناصر مرسوما يقضي بإعطاء الرئيس سلطة الموافقة على جميع التعيينات العسكرية العليا، بدلاً من ترك هذه المسؤولية فقط لعامر.
وأعطى عبدالناصر التعليمات بأن يكون المعيار الأساسي للترقية هو الجدارة وليس الولاء الشخصي، وفي أوائل 1962 حاول عبدالناصر مرة أخرى انتزاع السيطرة على القيادة العسكرية من عامر، إلا أن رد الأخير من خلال مواجهة مباشرة مع عبدالناصر لأول مرة، وحشد الضباط الموالين له سراً، إلا أن تراجع عبدالناصر.
السادات.. وحماية الجيش للدستور
فقد رأى الرئيس محمد أنور السادات، أن الدور الرئيسي للجيش هو الدفاع عن مصر وحدودها، وأنه ليس له أي دور سياسي، في حين أضاف مهمة جديدة للجيش عام 1976، وهي حماية الدستور والدفاع عنه.
قانون127 لسنة 1980 لتنظيم الخدمة العسكرية
طبقاً لقانون رقم 127 لسنة 1980، الأصل في مدة الخدمة العسكرية والوطنية المقررة قانوناً هي ثلاث سنوات وذلك طبقاً لأحكام المادة (3)، ويتم تخفيض مدة الخدمة العسكرية الإلزامية العاملة كالتالي:
المجند بسنة واحدة لحملة المؤهلات العليا، وكذلك المفصولين من الكليات العسكرية بشرط أن يكونوا قد أمضوا بها وبنجاح سنتين على الأقل – ولا يكون انتهاء علاقتهم بالكلية بالاستقالة أو تعمدهم استنفاذ مرات الرسوب أو بسبب تأديبي، إضافة إلى حفظة القران الكريم بتمامه من غير حملة المؤهلات بشرط أن يتقدم بالتماس لإدارة الشئون المعنوية للقوات المسلحة عن طريق وحدته لاختباره وذلك خلال ثلاث أشهر من تاريخ التجنيد، ناهيك عن محفظوا القرآن الكريم المعينين بالأزهر الشريف دون اختبار.
المجند بسنة ونصف لحملة المؤهلات فوق المتوسط أول المعادلة لها.
المجند بسنتان، لحملة المؤهلات المتوسطة أو المعادلة لها.
المجند بسنتان ونصف وسنتان و (9) أشهر، لأصحاب الحرف والمهن التى تحتاج إليها القوات المسلحة بشرط اجتيازهم الاختبار الذى يحدد لذلك بنجاح بشرط أن يتقدم المجند بالتماس لاختباره خلال ثلاثة أشهر من تاريخ التجنيد.
قواعد تأجيل التجنيد
تطبق قواعد تأجيل التجنيد، لمن تحتم طبيعة دراستهم أداء فترات دراسية أو تمرين بعد الحصـول علـى المؤهـل العالي وكذا الوافدين في بعثات.
يجوز بقرار من وزير الدفاع تأجيل الخدمة الإلزامية التي يراها للأفراد الآتي بيانهم : خريجوا الكليات والمعاهد التي تحتم طبيعة شهادتهم قضاء فترة دراسية أو تمرين بعد الحصول على المؤهل العالي على ألا يكون الفرد متخلفا عن التجنيد دون عذر مقبول ويشترط ألا تزيد سن الفرد خلال فترة التأجيل على 29 سنة.
خريجوا الجامعات والمعاهد العليا الذين توفدهم الدولة في بعثات إلى الخارج أو الداخل وذلك على أن يقدموا أنفسهم إلى مناطق التجنيد المختصة قبل تجاوزهم سن 29 سنة ، وعلى المبعوثين إلى الخارج أن يسجلوا أنفسهم قبل السفر على أن يتم وضعهم تحت الأشراف العلمي.
وعلى المؤجل تجنيدهم في الأحوال السابقة التقدم من تلقاء أنفسهم إلى مناطق التجنيد والتعبئة المختصة عند زوال سبب التأجيل لتسجيل أسمائهم أو تجنيدهم وذلك في المواعيد التي يحددها وزير الدفاع، وعلى مديري الجهات التي يتبعونها ابلاغ منطقة التجنيد والتعبئة المختصة خلال ثلاثين يوما من تاريخ زوال سبب التأجيل أو بلوغهم السن المحددة في البنود السابقة.
الإعفاء النهائـي
هذا وتتلخص مبررات الإعفاء النهائي للشباب من التجنيد، في عدم اللياقة الطبية لأداء الخدمة العسكرية والوطنية، وأكبر المستحقين للتجنيد من أخوة أو أبناء المواطن الذى استشهد أو أصيب بإصابة تعجزه عن الكسب نهائياً بسبب العمليات الحربية، وأكبر المستحقين للتجنيد من أخوة أو أبناء الضابط أو المجند أو المتطوع الذى توفي بسبب الخدمة أو الذى أصيب بمرض أو عاهة بسبب الخدمة وكان من شأنها أن تجعله عاجزاً نهائياً عن الكسب والذى يتجاوز سن الثلاثين وهو مستحق الإعفاء المؤقت.
الإعفاء المؤقت
الأبن الوحيد لأبيه الحي، والعائل الوحيد لأمه إذا كانت أرملة أو إذا كانت مطلقة طلاقا بائنا أو كان زوجها غير قادر علي الكسب، والعائل الوحيد لأخته أو أخوته غير المتزوجات.
أكبر المستحقين للتجنيد من أخوة أو أبناء الضابط أو المتطوع أو المواطن الذي فقد بسبب العمليات الحربية ويزول هذا الإعفاء بمجرد عودته أو ثبوت وجوده علي قيد الحياة ويعامل الغائب في العمليات الحربية معاملة المفقود إلي أن يتضح موقفه، وإذا جند أحد الأخوين أو الأخوة أو استدعي للخدمة في الاحتياط.
يعفي مؤقتاً الأخ الآخر أو أكبر الأخوة الباقين بعد استبعاد غير القادرين منهم علي الكسب، ويشترط ألا يكون من بين الأخوة أي متخلف عن التجنيد أو جاوز الثلاثين عاما أو أخ معفي من التجنيد ويزول الإعفاء بانتهاء خدمة المجند الإلزامية أو فترة استدعائه للخدمة في الاحتياط أو عند فراره أو زوال عدم القدرة علي الكسب، وفى جميع حالات الإعفاء المؤقت السابقة يزول الإعفاء بزوال سببه ويجب على كل من زال عنه سبب الاعفاء تقديم نفسه إلى منطقة التجنيد المختصة خلال ثلاثون يوماً من تاريخ زوال السبب لمعاملته تجنيدياً بما يستحق قانوناً.
مبارك.. وتشكيل مجلس أعلى للقوات المسلحة
حافظ الرئيس الأسبق محمد حسني مبارك على تماسك المؤسسة العسكرية، ولكن مع ضمان ولاء القادة له شخصياً، وتقدر القوات المصرية في عهد مبارك بـ 480.000 ومليون من جنود الاحتياط، حيث يعد أكبر جيش بري في إفريقيا والشرق الأوسط.
كما عمل "مبارك" على خلق دينامية تفاعل جديدة بين الجيش والسياسة، حيث أدت إلى إعادة تنشيط للقوات المسلحة المصرية وعودة ظهور الجيش كطرف فاعل في السياسة الوطنية؛ فعلى النقيض من سياسة السادات التي عمدت إلى اقتطاع وتخفيض ميزانية الجيش وتقييد دوره في الحياة العامة.
كما تم تشكيل المجلس الأعلى للقوات المسلحة في عهد مبارك والتي تندرج تحتها الأفرع الرئيسة للقوات المسلحة مثل القوات الجوية والبحرية و الدفاع الجوي، وكذلك أيضا الأسلحة المتنوعة للقوات البرية مثل المشاة والمدرعات والمهندسين العسكريين والمدفعية.
"مرسي".. وتقدم الجيش للمرتبة الـ 13 عالميًا
وظل القانون رقم 127 لسنة 180، في عهد الرئيس لأسبق محمد مرسي، وينسب له وفقاً للإحصائيات العالمية، ففي بداية عهد مرسي في عام 2012 كان الجيش المصري يحتل المرتبة الرابعة عشر على مستوى العالم، وفي نهاية عامه الأول من الحكم وقبل عزله وصل الجيش المصري إلى المرتبة الثالثة عشر، وذلك بعد تحديد مرسي لسياسته عندما قال في خطاب رسمي له أن مصر تسعى لتصنيع غذائها ودوائها وسلاحها، وبالفعل عندما بدأ في التعاقد مع تركيا والبرازيل لإنتاج أول طائرة مصرية.
"السيسي".. وصفقات قوية لتسليح الجيش
هذا واستمر العمل بقانون رقم 127 لسنة 1980 في عهد الرئيس عبد الفتاح السيسي، إضافة إلى أنه وضع الجيش المصري نصب عينيه، فكانت أول صفقة للأسلحة من حظ موسكو، إضافة إلى أسلحة أخرى، من بينها منظومة الدفاع الجوي الروسية المعروفة "إس 300"، والطائرات "ميج 29" و"سوخوي 30".
وبعدما تم تشكيل مجلس النواب، اقترح البعض إعفاء أبناء الأغنياء من التجنيد، إلا أن هذا الاقتراح قوبل بالانتقاد من البعض.