هذه مواقف "سعود الفيصل" مع أسلحة إيران وروسيا و"صدام"!

السعودية

بوابة الفجر



كشف وكيل وزارة الخارجية للعلاقات المتعددة الأطراف الأمير تركي بن محمد بن سعود الكبير، عن قصص ومواقف في حياة الراحل الأمير سعود الفيصل، فيما يخص الغزو الغاشم من صدام حسين، وأسلحة الدمار الشامل لإيران، وقلبه المنفطر مع فلسطين والشعب السوري الأعزل.

وقبل أن ينطلق وكيل الوزارة في سرد المواقف لحضور الندوة في معرض الرياض الدولي للكتاب، أعلن عن عقد "مؤتمر سعود الفيصل" برعاية خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود -حفظه الله- بتنظيم مركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الإسلامية في مدينة الرياض، والذي ينعقد في 16/ 7/ 1437هـ الموافق 23/ 4/ 2016م، ويشمل جوانب كثيرة عن حياته؛ حيث يشارك في المؤتمر كثيرون ممن عملوا معه وعايشوه وعاصروه؛ إذ لن يكون توثيقاً لحياته فقط، وإنما توثيقاً للسياسة الخارجية السعودية التي مثّلها طوال أكثر من أربعة عقود.

وأكد الأمير "تركي"، سير السياسة الخارجية للمملكة على النهج نفسه، دون تغييرات جذرية، وإنما استجابتها للتطورات التي تمر بها المنطقة، ومنها التدخل العسكري في اليمن، الذي لم يأتِ رغبة في التدخل، وإنما حماية للأمن والاستقرار العربي، مشيراً إلى أن المملكة ليست من دعاة الحرب، ولكن من دعاة السلم، مبيناً أنه في شأن التدخل العسكري في سوريا، فالمملكة مستعدة للمشاركة في محاربة الإرهاب والتطرف، ضمن جهود دولية متكاتفة.

وقال: "الذي عرف الأمير الراحل سعود الفيصل من خلال عمله لأكثر من 30 عاماً، أنه عرف الفقيد "قامة وطنية، عرف فيه حسن المعشر ودماثته، وذكاءه الحاد، ذو عزيمة لا يكنّ ولا يعرف الاستسلام أو اليأس، يعمل بصمت، ولا يقلل من قيمة التفاصيل، تميز في قدرته وحنكته، إذا تحدث يسمعه الجميع، يخاطب العقل والقلب، ذو خبرة واسعة واطّلاع في العمل السياسي والدبلوماسي، عاصر الكثير من الأحداث والأزمات واستطاع التعاطي معها، شديد من غير عنف، لين من غير ضعف، كان نعم المدرسة التي يتعلم منها الجميع، تربى في كنف والده الملك فيصل رحمه الله، ومشى على خطاه، أدركه المرض وهو يتابع قضايا أمته ويألم لحالها، لكن المرض لم يقلل من عزيمته، وقد شببها في حديثه لمجلس الشورى بحال الأمة العربية".

وأضاف: "يحضرني ألم الفقيد وحسرته على العرب والعروبة، وما آلت إليه حالها، ومنها حديثه لوزراء الخارجية العرب في القاهرة عما آلت إليه الأوضاع في سوريا، كان بقول بحرقة: هل من الشيم العربية أن يقتل الحاكم شعبه؟ هل من الحكمة أن تفتك الجيوش بالشعوب بدلاً من أن تحميها؟ هذا الوضع لا يمكن أن يستمر، ونحن لن نقبل بأي حال من الأحوال أن نكون شهود زور، أو أن يستخدمنا أحد لتبرير الجرائم المرتكبة بحق الشعب السوري الشقيق، فالوضع في سوريا الشقيقة بالغ الخطورة، الوضع يتطلب منا جميعاً تحمل مسؤوليتنا التاريخية أمام الله ونحن نرى الدم البريء يُسفك يومياً، مما يضعنا في موضع الاختبار لضمائرنا، وليس هناك أقسى من تأنيب الضمير، خاصة لمن يحرص على جديته ومصداقيته إزاء شعب عربي شقيق ما زال يتعرض -مع الأسف- لأبشع صنوف التنكيل والعذاب.. وممن؟ من الذين يُفترض بهم أن يكونوا أحرص الناس على سلامته وحقوقه وأمنه ومصالحه".

وتحدث عن لقاء الأمير الراحل سعود الفيصل مع الأمريكان قبل غزو العراق؛ حيث كان موقفه واضحاً ومعلناً في رفض هذا الغزو، محذراً من تبعات هذا الاعتداء على هذا البلد العربي الشقيق، ومحذراً من تنامي ظاهرة الإرهاب والتطرف والطائفية وتمزيق النسيج الاجتماعي العراقي، وقد صدق فيما توقعه، فمنطقتنا تمر بكثير من الأزمات والتحديات التي توقعها.

وتطرق إلى موقفه رحمه الله إزاء الغزو العراقي لدولة الكويت، وقال "إن الفقيد كان نعم المدافع عن الكويت عندما احتلها صدام حسين، وقام باعتداء سافر على الأنظمة الدولية والشيم العربية الأصيلة"، مؤكداً إنه كان يرى أن ظاهرة الإرهاب والتطرف ظاهرة دخيلة على مجتمعاتنا وديننا الإسلامي المتسامح، دين السلام، المحافظ على كرامة الإنسان وحقوقه، وكان له دور بارز في عقد مؤتمر مكافحة الإرهاب في الرياض عام 2002م.

أما عن موقفه من الاعتداء الصهيوني على فلسطين، فقال وكيل وزارة الخارجية، إن فلسطين كانت حاضرة دائماً في ذهن الأمير سعود الفيصل، يتحدث دائماً عن حرمان الشعب الفلسطيني من حقوقه المشروعة، يستغل المناسبات دائماً للمطالبة بحقوقه المشروعة، كما لا ننسى دوره في المبادرة العربية التي تبنتها جامعة الدول العربية وتضع حلاً للصراع العربي الإسرائيلي"، مضيفاً: "وفي لبنان أيضاً، كان له جهود ملموسة في إتمام مؤتمر الطائف الذي جمع الفرقاء في الشأن اللبناني، وساهم في إيقاف الحرب الأهلية ورأب الصدع ولم الشمل، وعودة الأمن والاستقرار إلى لبنان، ليعود إلى دوره ومكانه الطبيعي في الأسرة العربية".

وعدد الأمير تركي بن محمد بن سعود الكبير عدداً من مآثر الفقيد ومواقفه، ومنها مواقفه ضد تسليح روسيا للنظام السوري لمحاربة شعبه، ومنها أسلحة منافية للأنظمة الدولية، داعياً إلى النظر إلى روسيا، وإقامة علاقات معها كصديق لا يسعى إلى مساعدة الأشرار، كما كان جل جهده منصباً على إفهام قيادات إيران أن أمن المنطقة مسؤولية مشتركة للجميع، وكان من أشد المعارضين للتدخل الإيراني في الشأن العربي، داعياً إيران وغيرها إلى التخلي عن أسلحة الدمار الشامل.

وقال: "الفقيد تميز بعفوه عند المقدرة، فحين تعرض عام 2003م لاعتداء في القاهرة على هامش الاجتماعات المنعقدة في الجامعة العربية، لولا أن مرافقي الأمير سعود الفيصل تداركوا الأمر، فتم سجنهم، لكن الأمير سعود الفيصل اتصل لاحقاً بالسفير المصري وأخبره بأنه عفا عنهم، وأكد عليه بأن يوصل رسالته للسلطات المصرية".

وأضاف أنه عُرف عن الأمير سعود الفيصل دعابته التي يستخدمها لإيصال الكثير من المعاني، رزيناً متزناً يستشعر دائماً مكانة الوطن الذي يمثله، يبتعد عن الملاسنات والمهاترات السياسية التي يمارسها بعض رجال السياسة، فمدرسة سعود الفيصل هي مدرسة الصبر والجلد والحكمة التي كانت تلهم المسؤولين الذين عاصروه وعملوا معه، كما أن عزيمته وتضحيته بوقته وعلاقته بأسرته كانت أيما مثال للتضحية، ينطبق عليه ما قاله المتنبي: وإذا كانت النفوس كباراً.. تعبت في مُرادها الأجسام.

وتحدث الدكتور عبدالعزيز أبو زنادة عن علاقته بصاحب السمو الملكي الأمير سعود الفيصل، منذ استقباله له لأول مرة عام 1985م، حينما طلب من جامعة الملك سعود إيفاد أستاذين جامعيين من المتخصصين بعلوم الحياة الفطرية هو أحدهما إلى مكتبه في الوزارة، ليفاجأ أن ما كان يريده الأمير المحب للصيد هو الحفاظ على طيور الحبارى، وإنشاء مركز أبحاث الحياة الفطرية؛ بهدف حمايتها وتنميتها، بعد دراسة الأمر مع الأميرين سلطان ونايف -رحمهما الله- ثم موافقة الملك فهد بن عبدالعزيز رحمه الله.

وأضاف "أبو زنادة" أن الأمير سعود كان ممولاً لبرامج حماية البيئة، ويدفع من جيبه الخاص من أجل تحقيق هذا الهدف، كاشفاً عن إعداد الأمير تركي الفيصل كتاباً حول حياة أخيه الأمير سعود الفيصل.