د. رشا سمير تكتب: يوم للمرأة.. وعشرٌ عليها
فى خضم تحول كل المؤتمرات والاتحادات إلى ساحات للظهور والتنافس والتعارف الاجتماعى.. وفى خضم تحول المطالب الإنسانية إلى مكلمة فارغة بلا أى نتائج ملموسة على أرض الواقع..تاهت القضايا الحقيقية تحت أقدام المناسبات الاجتماعية.. وبالمثل تحولت منظمات الدفاع عن المرأة وحقوق الإنسان إلى مجموعة مطالب وأوراق ووقفات تنتهى إلى لاشىء.
وعلى الرغم من وجود مئات المنظمات التى تطالب بحقوق المرأة فى مصر وتدعُمها إلا أن المرأة المصرية فى كثير من الأماكن مازالت تُعانى من اضطهاد مجتمعى وقهر نفسى..
ولأن الحكومة المصرية رئيسا ووزراء لا يمتلكون إرادة التغيير أو الإدارة..هنا تحول الأمر من مسئولية دولة رئيسها مقتنع بمكانة المرأة وحكومتها عاجزة إلى منظمات المجتمع المدنى التى تكاثر عددهم وعظم دورهم..
فمنظمات المجتمع المدنى تعمل جاهدة وبحق من أجل تعليم النساء وتثقيفهن وتوعيتهن بخطورة دورهن..وأنا قد حضرت شخصيا احتفالية قامت فيها سفيرة السويد الحالية شارلوتا سبار وهى سيدة نشيطة فى مجال تمكين المرأة المصرية حيث تقوم بنفسها بجولات ميدانية فى القرى والنجوع للاستماع إلى مشاكل النساء ودعمهن بالاشتراك مع منظمة اليونسكو..وهو مجهود يُحترم وقد شاهدته بنفسى فى مؤتمر قدمت فيه أعمال فنية ولوحات رسمتها فتيات فى عمر الزهور يعبرن فيها عن رأيهن فى الختان ومدى تأثير هذه الظاهرة جسمانيا ونفسيا عليهن من خلال فكرة ترجمنها على الورق..فجاءت اللوحات مدهشة معبرة ومؤلمة فى نفس الوقت.. بحسب إحصائيات المجلس الوطنى للسكان احتلت مصر المكان الـ148 على 148 دولة فى جودة التعليم الابتدائى لعام 2013!.
وعقب ثورة 25 يناير تعثر مشروع تعليم الفتيات بسبب إلغاء دور المجتمع المدنى فى مراقبة الفتيات بالمدارس الصديقة للفتيات..فتم وقف المعونات المالية وبالتالى توقفت ورش العمل وبرامج التدريب التى كانت تهدف لرفع جودة العملية التعليمية للنساء..وأصبح من الواضح بعد الثورة أن الحكومات ليس لديها خطة محددة ولا إرادة حقيقية لتطوير التعليم.. العنف النفسى والبدنى ضد المرأة جعل منها ضحية، وعلى الرغم من أن المرأة المصرية فى المستويات الراقية قد أخذت حقوقها كاملة حين تلقت تعليما قويا فى المدارس الخاصة وأصبح لها كيان انطلقت منه وبقوة إلى سوق العمل فأثبتت كفاءة لدرجة جعلت الرجال يطالبون بالمساواة! إلا أننى هنا لا أتحدث عن المرأة التى تمتلك الوضع الاجتماعى والاكتفاء المالى الذى يسمح لها بالدفاع عن نفسها وخوض معاركها.. أنا أتحدث عن الأماكن التى مازال فيها إنجاب المرأة كسر ظهر لأبيها.. وعن تزويجها ضد إرادتها وهى مازالت طفلة..وعن حرمانها من التعليم لتشارك فى أعباء المنزل بحجة أن البنت مكانها المنزل.. وعن الأماكن داخل وخارج القاهرة التى مازال فيها ختان المرأة واجب شرعى اختلطت فيه كل المفاهيم الدينية والاجتماعية بالإنسانية.. وعن مجتمع مازال التحرش فيه مسئولية المرأة التى ترتدى ملابس تستفز الشباب.. آفة مصر التعليم.. وحيث إن الرئيس لديه الإرادة الحقيقية لتطوير التعليم، وبزيارته لليابان قرر أن يطبق نفس التجربة..أنا هنا أدعوه لإيجاد دعم للأنثى موازٍ واهتمام بشكل أكبر بتعليم الفتيات.. من منطلق أن المرأة نصف المجتمع وهى سبب إستقامة الأسرة كلها، فلو تعلمت تعليمًا محترمًا لأصبحت قادرة على خلق أسرة سوية.
وفى تجربة البرازيل للنهوض بالمجتمع، وضع لولا ما أسماه ببرنامج «بولسا فاميليا» وهو برنامج يقوم على أساس إعطاء معونات مالية للأسر الفقيرة بقصد رفع مستواها وتحسين معيشتها، شريطة أن يتم ربط هذه المعونات بشروط صارمة تشمل التزام الأسرة بإرسال أطفالها للتعليم والالتزام بالحصول على الأمصال واللقاحات للأطفال بشكل منتظم..وهو ما أدعو الحكومة المصرية إلى تبنيه وبدون تردد.. وإجبار الأسر الفقيرة على تعليم بناتهن أسوة بالأولاد فى مقابل الدعم..
كما أتمنى أن تصدر الحكومة قرارا بتجريم ختان الإناث وفرض عقوبة بالسجن على الطبيب أو الشخص الذى يقوم بهذا الفعل الإجرامى، بل توقيع عقوبة مماثلة على الأسرة التى تتعدى بهذا الفعل على حقوق بناتهن.. المرأة فى مصر ليست مؤتمرات واحتفاليات بيوم المرأة.. المرأة بنيان يجب أن نقف بجانبه وندعمه ليرتفع.. المرأة نصف المجتمع وسبب استقامته.. فلا تجعلوا من 8 مارس يومًا لها وباقى الأيام عليها.