مقتطفات من أبرز مقالات كبار كتاب الصحف المصرية
اهتم كبار كتاب الصحف المصرية في مقالاتهم الصادرة، صباح اليوم الاثنين، بالحديث عن قضايا تهم الرأي العام.
فمن جانبه، قال الكاتب فاروق جويدة في مقاله "هوامش حرة" بجريدة الأهرام وتحت عنوان "المستشار الزند والعدالة" "لا أعتقد أن المستشار أحمد الزند وزير العدل كان جادا وهو يعد بإصدار قانون يعاقب أباء وأمهات الأشخاص المتورطين في أعمال إرهابية لأن كل إنسان مسئول أمام القانون وأمام الله عن جرائمه ولا تزر وازرة وزر أخرى ولا ينبغي أن يحاسب الأب على أخطاء ابنه أو يحاسب الابن على أخطاء أبيه .. لكل إنسان ذمة مستقلة ليس في المال فقط ولكن في الجرائم..وإذا كان المستشار الزند يريد أن يضع أسباب الإرهاب في سياقها الصحيح فهناك مؤسسات في الدولة يجب أن تحاسب ابتداء بنظام التعليم الفاسد وانتهاء بعجز المجتمع عن توفير حياة كريمة لأبنائه..لا شيء يمكن أن يبرر جرائم الإرهاب ضد المجتمع ولكن من الظلم أن نلقي بتبعية فساد الأبناء على الآباء فقط ونحاسبهم ونقطع رقابهم بسبب أبناء ضلوا الطريق".
وأضاف "إن المستشار الزند يعرف كيف يتم الآن تجنيد الشباب في المنظمات الإرهابية وكيف يتم اختيار نوعيات من الشباب المحبط أمام ظروف الحياة الصعبة وعدم وجود فرص عمل والخلل الفكري الذي جعل الشباب يقع فريسة أفكار متطرفة .. إن التطرف الفكري مرض خطير وله أسبابه الاجتماعية والاقتصادية والنفسية وإذا أردنا أن نحاسب فسوف نجد أنفسنا أمام سلسلة طويلة من الأخطاء والخطايا التي تقف وراء هذه الظاهرة الخطيرة..أما أن نصدر قانونا لعقاب الآباء والأمهات طبقا لقوانين العقوبات لأن الابن جاء إرهابيا فهذه مخالفة للدين والقوانين وللإنسانية".
واختتم الكاتب مقاله قائلا "الإنسان يحاسب على أفعاله فقط ولا يحاسب على أفعال غيره حتى أبنائه إلا إذا كان محرضا أو شريكا أو متواطئا والقوانين تحدد المسئولية في هذه الحالات..لو أننا فتحنا هذه الأبواب فقد نحاسب الأب الذي دفع رشوة لكي يحصل ابنه على فرصة عمل لا يستحقها وما أكثر هذه الحالات التي غيرت موازين العدل وأهدرت حقوق الناس بسبب النفوذ أو المال أو السلطة هناك آلاف المسئولين الذين وصلوا إلى مناصبهم المرموقة بوسائل غير شرعية بسبب الآباء فلماذا لا نحاسب هؤلاء أيضا..في العهد البائد كانت هناك أموال خيالية يدفعها بعض الآباء لحصول أبنائهم على وظائف حساسة أو دخول كليات معينة هذا باب واسع والاقتراب منه كارثة".
وفي مقاله "كل يوم" بجريدة الأهرام وتحت عنوان "بطرس غالي!"، قال الكاتب مرسي عطا الله "لم أكن من تلاميذه ولكنني أحد المعجبين به كأستاذ أكاديمي نجح في أن يفرض اسمه على المشهد الصحفي كرئيس تحرير لأهم وأعرق مجلة مصرية متخصصة في الشأن السياسي تصدر عن مؤسسة الأهرام وهى "السياسة الدولية".
وقال الكاتب "لابد لي أن أعترف بالفضل للأخ الكبير الأستاذ صلاح منتصر الذي منحني فرصة التعامل المباشر مع الدكتور بطرس غالي عندما كان يوكل لي مسئولية الإشراف على صفحة الرأي خلال إجازته السنوية الطويلة وكان الدكتور غالي أحد أهم كتاب صفحة الرأي بالأهرام قبل أن يصبح وزير الدولة للشئون الخارجية وقبل أن ينتقل صلاح منتصر من الأهرام ليرأس مؤسسة دار المعارف .. والحقيقة أنني منذ اللحظة الأولى التي التقيت فيها بالدكتور غالي عند منتصف سبعينيات القرن الماضي اكتشفت أنني أمام رجل درس التاريخ دراسة عميقة تمكنه من القدرة على دراسة أي قضية بنظرة شاملة ومحايدة تخلو من المشاعر والعواطف والأمنيات الذاتية!".
وأضاف "لعل أفضل ما في هذا الرجل أنه كان يملك رؤية واسعة تمكنه من أن يمد بصره على امتداد الكرة الأرضية كلها ليرى انعكاسات وتداعيات التحرك صوب أي قضية قبل الشروع في اجتهاد الحل بروح الفهم لحقيقة «العولمة» قبل أن يبزغ نورها على الساحة الدولية .. لم يكن بطرس غالي من السياسيين الذين يشغلون أنفسهم بالجزئيات والفرعيات والهوامش المتعلقة بأي قضية مثلما لم يكن من الذين يتشبثون بأرائهم وإنما كان ساعيا إلى الحوار واحترام وجهات النظر الأخرى والثقة في أن التوصل إلى قاعدة للتفاهم يمكن أن يشكل مدخلا للالتقاء والتواصل .. وفي اعتقادي إنه فضلا عن الثقافة الواسعة التي كان يمتلكها فقد كان يمتلك مخزونا هائلا من الصبر المستند إلى الواقعية والموضوعية وعدم الالتفات إلى الماضي باعتبار أن النظر إلى المستقبل هو الأهم والأجدى!".
واختتم الكاتب مقاله قائلا "رحم الله ابنا عظيما من أبناء الأهرام استطاع أن يرتقي إلى أرفع منصب دولي في العالم تاركا بصمة لأحد أهم عناوين القوة الناعمة للفكر وللدبلوماسية المصرية".
وفي مقاله "خواطر" بجريدة الأخبار وتحت عنوان "أين مصر من تجربتي اليابان وكوريا الجنوبية؟"، قال الكاتب جلال دويدار، "لا أحد ينكر حالة الانبهار التي تسيطر علينا وعلى العديد من دول وشعوب العالم تجاه تجربة كل من اليابان وكوريا والتي سارت على دربهما دولة الصين العظيمة. إنها تحتم علينا أن نعود بالتاريخ إلى الوراء حتى نفهم موقفنا مما حققته الدولتان من إنجازات. هذا التقدم الهائل كان وراء قيام الرئيس عبد الفتاح السيسي بزيارة الدولتين بحثا عن فرص مساهمتهما في دفع مسيرة البناء والتنمية التي تشغل فكره وباله واهتمام الشعب المصري".
وقال الكاتب "بداية فإنه وبالنسبة لليابان التي تعد واحدة من أكبر الاقتصاديات في العالم المستندة إلى نهضة تكنولوجية وصناعية واقتصادية هائلة.. فإنه لابد أن يكون معروفا أنها دولة لا تملك أي ثروات طبيعية على الإطلاق. إنها تعتمد على استيراد المواد الخام لسد احتياجات إنتاجها الصناعي المميز الذي يغمر كل أسواق العالم وكذلك احتياجاتها الغذائية .. هذه الدولة التي أدهشت وأبهرت العالم خرجت من الحرب العالمية الثانية وهى في حالة دمار كامل. إنها معروفة تاريخيا بأنها كانت الوحيدة بين دول العالم التي تعرضت للقذف بأول قنبلة ذرية صنعها البشر أسقطتها على مدينتيها هيروشيما ونجازاكي القاذفات الأمريكية، رغم هذا فإنها مثلها مثل ألمانيا المهزومة والمدمرة أيضا في هذه الحرب.. استطاعت أن تعيد بناء نفسها من جديد. إن السر في نهضتها يعود إلى تبنيها سياسة تعليمية دفعت بها إلى مصاف الدول في هذا المجال. يضاف إلى ذلك تقديس المواطن الياباني للعمل والإنتاج والفكر الخلاق وكلها عوامل حققت الطفرة الهائلة في الإنتاج وجودته".
وأشار الكاتب إلى أنه يحسب لهذا الشعب إيمانه وولاؤه بوطنه إلي جانب طبيعته التي تجعله يقبل على العمل بحماس جارف من أجل نهضة هذا الوطن.. هذه الغريزة جعلته على استعداد للتضحية من أجل أداء ما هو مطلوب منه وأكثر. هذا الأمر يدفعه إلى رفض الأجازات والتجاوز بناء على طلبه عن ساعات العمل الإضافية، وقال "علاقة مصر بهذه النهضة اليابانية ترجع إلى أيام محمد علي باشا باعث النهضة المصرية في القرن ال(18) من الألفية الثانية أي منذ حوالي قرنين من الزمن.. في ذلك الوقت وانبهارا بتجربة هذا الحاكم العبقري بعثت اليابان بوفد إلى مصر للاطلاع على كل ما يحيط بالتجربة المصرية للاستفادة منها في جهودها لتحقيق النهوض والتقدم.
ولفت إلى أنه فيما يتعلق بدولة كوريا الجنوبية فإن مسيرتها في التنمية الصناعية لم تبدأ سوى في الثمانينيات بعد حوالي عقدين بعد انتهاء هذه الحرب التي دمرتها وقسمتها إلى بلدين. استطاعت بالتخطيط السليم والانضباط والعزيمة والتطلع إلى مستقبل أفضل أن تخوض تجربتها الصناعية والاقتصادية القائمة على العمل والإنتاج.. طورت نفسها بالإرادة القوية لتحتل المرتبة الرابعة حاليا ضمن الدول المتقدمة صناعيا واقتصاديا. اعتمدت على تدريب العمالة وجندتهم لغزو العالم خاصة السعودية ودول الخليج للعمل في مجالات التعمير والبناء للحصول على العملات الأجنبية اللازمة لمشروعاتها التنموية.
وأضاف الكاتب "أنه في محاولة من جانب مصر للاستفادة من هذه المكانة التي أصبحت تتمتع بها كوريا صناعيا واقتصاديا جاءت تلبية الرئيس السيسي لدعوة زيارتها. لا جدال أنه استهدف استثمار هذه العلاقة القوية التي أصبحت تربط البلدين في دعم جهود التنمية الصناعية والاقتصادية التي تحتاجها كل المجالات".
وفي مقاله "بدون تردد" بجريدة الأخبار وتحت عنوان "البرلمان .. وسيد قراره"، رأى الكاتب محمد بركات أنه لأسباب متعددة ولمدة طويلة قادمة سيظل البرلمان موضع نقاش كثير، ومحط متابعة دقيقة ومستمرة من جانب عموم المواطنين، الذين أصبحوا حاليا وطوال الخمس سنوات الماضية على درجة عالية من الاهتمام والانشغال بالشأن العام وما يستجد فيه من قضايا وموضوعات.
وقال الكاتب "يأتي على رأس هذه الأسباب بالقطع أن هذا البرلمان جاء بعد طول انتظار، وفي ظل ظروف بالغة الدقة والحساسية مرت بها البلاد في أعقاب خلاصها من تسلط وسيطرة حكم الإخوان البائس على مقدرات الدولة والشعب، وهو ما يجعل للمجلس النيابي أهمية وثقلا متزايدا بوصفه المعبر عن إرادة الناس وطموحاتهم وآمالهم.. ومن المتوقع والطبيعي كما في كل البرلمانات بطول وعرض العالم، أن يكون الاختلاف في الرأي والتباين في الرؤى هو القاعدة المعمول بها في النقاش داخل برلماننا المصري، حول الموضوعات والقضايا المطروحة للبحث، وصولا إلى التوافق واتخاذ القرارات المناسبة بشأنها".
وأضاف "في كل الأحوال يجب أن تكون كل القرارات المتخذة بعد التوافق بشأنها محققة للمصلحة العامة ومعبرة عنها في مجملها وتفاصيلها، وتصدر باسم البرلمان بكامل أعضائه، وتكون ملزمة للكل نظرا لكونها صادرة عن المؤسسة المخولة من الشعب بسلطة التشريع في الدولة.. ومن أجل ذلك وبسببه يصبح على البرلمان مسئولية جسيمة، عليه أن يتحملها بكل الجدية والعزم، وأن يكون دائما وأبدا على قدر عظم وجسامة هذه المسئولية، وهى التعبير عن إرادة الشعب".
واختتم الكاتب مقاله قائلا "لتحقيق هذا على البرلمان برئيسه وكل نوابه، توخي الدقة والصواب وأقصى درجات الحكمة، في كل الأحكام والقرارات التي يتخذونها، والابتعاد تماما عن مواطن الزلل أو التسرع في القرارات والأحكام، أو الانسياق وراء أهواء البعض ورؤاهم الضيقة أو الميل ذات اليسار أو اليمين، حتى يكون البرلمان عاملا بحق لمصلحة الوطن وصالح المواطن .. وفي ذلك على الجميع أن يدرك أن سلامة الإجراءات ضرورة لابد منها لصحة القرارات والأحكام، وأن الإجراءات القانونية واللائحية السليمة تغني عن اللجوء لاستخدام ساتر أو مقولة (المجلس سيد قراره)".