نادية صالح تكتب : مصر والمرأة وجائزة نوبل

مقالات الرأي


وهذا «الكلام إليك يا جارة» لكل من يحاول تهميش دور المرأة.. ونحن عندما نتأمل الأشياء فلابد أننا نبحث عن الحقيقة ونحاول الاقتراب منها وتبرير ما نراه مستندين على - أنها- هذه الحقيقة هى السبب وهى الأصل فيما نراه أو فيما تجرى به المقادير أمامنا.

وعندما سأل بعضنا وتساءل: لماذا دأب الفنانون على رسم مصر أو تشكيل تماثيلها أو مخاطبتها فى أشعار وغنائيات على أنها امرأة؟ وكانت الإجابة دائماً لأن المرأة هى نبع الحنان، وهى الأمومة التى تعطى الكثير وإذا أخذت فهو قليل.. قليل.. يا ولدى، وهذه هى مصر حقاً.. هى الأم، وهى التى تصرخ فينا- الآن- وتقول: «قلبى على ولدى انفطر وقلبى ولدى عليّ حجر» وبالفعل هذا هو الحادث وهو ما يجرى، فأغلبنا ينظر إلى ما تحت أقدامه ليرى مصلحته ومصلحة أبنائه وذويه، ولا يفكر فى الأم، نتشارك فى الثورة، ونزيح الغمة، ولكن يعود كل إلى حاله ولا يرى إلا نفسه.. ولوسألنا لماذا؟!! لا نجد إجابة شافية.

ولكن الأم لا تكف عن الرعاية وسهر الليالى، وانظروا إلى هذا الخبر الجميل، وربما تصلكم كلماتى وصاحبة هذا الخبر تتقلد «جائزة نوبل» وتنضم إلى ثلاثى مصر الفائز من قبل «السادات ومحفوظ وزويل» ولكن سواء كانت هذه السيدة المصرية العظيمة والتى لقبوها بالأم تريز «ماجى جبران» قد حصلت أم لم تحصل على الجائزة هذه المرة، دعونا نتأمل ما أتت لنا به الأخبار عن هذه المصرية إنها «أم» فى عامها الثالث والستين لها من الأبناء اثنان، ورغم أنها متزوجة ولديها أبناء إلا أن حياتها التى وهبتها بعد أداء رسالتها تجاه أسرتها الصغيرة، جعلت المحافل الدولية أو الناس من حولها يرونها «راهبة» فى محراب الخدمة العامة والإنسانية، الصغار والفقراء عالمها، ومعقل «الزبالين» بكل ما فى هذه الكلمة من شجن وكفاح وفقر ومعاناة، بين هؤلاء تعيش ووسط أطفال ظلمتهم الحياة تجد نفسها وتحقق ما أمرها به الله سبحانه وتعالى، وكم أود ألا يتقدم أحدنا ليسأل عن دينها وديانتها، وهل تساعد الأطفال المسيحيين فقط أم تمد حنانها وعطفها إلى المسيحى والمسلم وربما اليهودى أيضاً! ولا تنتظروا الإجابة.. بل أجيبوا أنتم واستفتوا قلوبكم، فلابد أنها تعطف وتساعد المحتاج دون نظر إلى نوعه أو سنه وديانته أو حتى جنسيته، إنها الإنسانية أو على الأصح- وللدقة أيضاً- إنها المرأة يا سادة.. العطاء بلا حدود.. الأمومة التى فطرها الله عليها، وتأملوا معى صمت هذه السيدة «ماجى جبران».. وانزواءها بعيداً عن ساحات المصالحات والوحدة الوطنية والسياسات القمعية والهجرة الجبرية!! إنها الأم.. تهب الحياة وترعى أولادها، وتنظر إلى السماء ولا ترى سواها، لا تطلب مساعدة من أحد، لا تعلن عن فتح باب «التبرع»، لأنها دائماً على يقين أن الله هو المساعد، وأن الناس حولها والأصدقاء وأهل الخير يسارعون لا ينتظرون «كاميرات» ولا يكتبون «إعلانات» فالخدمة مجانية.. والتوصيل إلى المنازل لكل محتاج انظروا كيف تغسل أقدام الصغار يا رب.. أنت تحرس مصر.. أنت تقدم لها يا ربنا - كل يوم- الدليل على أن مصر هى الأم وإذا كانت «ماجى جبران» سيدة واحدة مصرية لكنها شمعة.. وسواء زاد نورها واتقدت بجائزة نوبل وأصبحت رسالة حب وعطاء أمام العالم كله، إلا أنها ستبقى دائماً المرأة المصرية التى لا تعرف إلا مصر والإنسانية الخالصة لوجه الله راعى الناس جميعاً، الذى لا يفرق بينهم إلا بالتقوى، إنه المحبة لكل البشر، وما «نوبل» إلا جائزة لمن يقدم نفسه أو علمه لنفع البشرية.. وفى هذا العام تقف السيدة «ماجى جبران».. امرأة.. مصرية.. لتحصل على جائزة نوبل اليوم أو غداً إن شاء الله.. ولتظل مصر والمرأة فى الصدارة وبعيداً عن التهميش.