"حنين".. "عروس الجنة" التي قتلها الإهمال .. (فيديو)

بوابة الفجر

في منزل اتشح كل من فيه بالسواد، قضى سكانه أسبوعين ما بين القلق بسبب آلام ابنتهم التي عانت من مرض مفاجئ، ودموع الحزن لألم فراقها، حيث تعيش عائلة بسيطة مكونة من زوجين وطفلة لا يتخطى عمرها الخمسة سنوات، ينتظرون القصاص ممن تسببوا في فقدانهم شريكتهم الرابعة في المنزل، "حنين" ابنة الـ 11 عام التي توفت بطريقة الدراما الحزينة والمؤلمة.
التقت "الفجر" أسرة حنين المكلومة، بعد أن فرقهم الموت عن ابنتهم التي كانت تحلم حلمًا طفوليًا بريئًا بأن تكبر وسط أسرتها وتصبح طبيبة تعالج الفقراء وتساعدهم، وعبر والدها عن ندمه الشديد بأنه أدخلها مستشفى خاص ليترك المستشفى الحكومي بسبب لإهمال المتزايد فيها، حيث كان بين أمرين كلاهما مُر، ما بين إهمال المستشفيات الحكومية وجشع المستشفيات الخاصة، ليختار الخيار الأخير، مؤكدًا أنه لا يبخل على ابنته حتى يراها بصحتها أمامه.  
البداية كانت في يوم الإثنين 2 فبراير الماضي، حيث كانت "حنين" تمر بدور قيء شخصه الطبيب الخاص بها بأنها تعاني من دور برد عادي والتهاب في المعدة، ولكن الأمر استمر حتى تدهورت حالتها ووصلت إلى فقدانها الوعي، ووقتها أكد الطبيب أنها أصيبت بجفاف نتيجة القيء المتواصل، وتحتاج إلى الذهاب بها إلى مستشفى.
ولفت، وائل محمود، والد الضحية حنين، أنه اختار أن يذهب بها إلى مستشفى "الجيزة الدولي التطبيقيين"، الكائنة في شارع الهرم، قائلًا إنه اختار هذه المستشفى بدلًا من اللجوء إلى مستشفى حكومية حيث الإهمال الشديد الموجود بها بحسب ما يسمع حوله، مضيفًا أنه حينما دخل بها المستشفى الأطباء قالوا له أنها دخلت في غيبوبة سكر، وتحتاج الدخول إلى غرفة الرعاية لكن المستشفى لا يوجد بها مكان.
وأضاف الأب أنه توسل إليهم حتى يدخلونها الرعاية، إلا أنهم وافقوا شرط أن يدفع مبلغ 10 آلاف جنيه، كمبلغ تحت الحساب، وأنه وافق على هذا الشرط حتى دفع لهم مبلغ 8 آلاف جنيه، ووقع على ايصال أمانة بالمبلغ المتبقي، حتى يستطيع ادخال ابنته غرفة الرعاية.
كما أوضح في روايته أن "حنين" بعد دخولها غرفة الرعاية قام الأطباء والممرضين بوضع محاليل لها، مما تسبب في تدهور حالتها والتي وصلت إلى قيء الدماء، مشيرًا إلى أنه حينما سأل الأطباء جاوبوه بأنها أصيبت بقرحة في المعدة بسبب الترجيع المستمر.
وأكد والد حنين أن حالة ابنته تدهورت للأسوأ في اليوم التالي، حتى باتت تعاني من حالة تبول لا إرادي، واصفًا ذلك بـ: "وجدناها مغرقة السرير وهدومها والتكييف شغال فوقيها في الشتا"، الأمر الذي أدى إلى أنه يفقد أعصابه ويطالب بوجود استشاري للأطفال أو سكر.
ولجأ الأب إلى أن يقوم بالاتصال بصديقته طبيبة في مستشفى أبو الريش ليعرض عليها حالة ابنته، بعد أن انتابه شعور بالقلق لتدهور حالة ابنته، موضحًا: "الدكتورة تحدثت مع الممرضة المسئولة عن حنين ولما عرفت الحاجات والمواد اللي بيدوهالها صرخت وقالت البنت لازم تتنقل من عندهم والا هيموتوها ، وكمان لما شافت التحاليل صرخت من الحالة اللي وصلتلها البنت".
وأضاف أن الطبيبة طلبت منه أن ينقلها إلى مستشفى أبو الريش في أسرع وقت ممكن من خلال سيارة اسعاف، قائلة: "البنت بتموت منهم"، متابعًا بأنه حينما طلب من المستشفى توفير سيارة اسعاف ردوا بأن السيارة متعطلة، إلى أن استعان بأحد مسؤولي الأمن حتى أمرهم بخروج السيارة وبالفعل هذا ما حدث.
وتابع بأنه بعدها تم نقلها إلى مستشفى أبو الريش ورافقها طبيب من مستشفى الجيزة إلى أبو الريش، لافتًا إلى أن طبيبة بالمستشفى عنفته بسبب تدهور حالة "حنين"، وسألته عن المواد التي قاموا بإعطائهم لها وأنكر وقتها أي شيء، مستكملًا بأن حالتها تدهورت حتى توقفت ضربات قلبها أكثر من مرة في يوم الجمعة وتوفت في اليوم التالي.
وقال باكيًا: "آخر مرة شفت حنين كانت على خشبة الغسل وهي ميته.. كنت بحلم تكون دكتورة وتعالج الفقراء بدون مقابل.. وأشوفها عروسة .. كانت كل يوم بتكبر معايا وأشوف فرحتي بيها وبحلم أزفها.. بدل ما أزفها على عريسها زفتها لقبرها وشيلتها بإيديا حطيتها في القبر".
وقال وعينه تملؤها الدموع وعلى وجهه ندم شديد: "غلطتي عشان وديتها مستشفى ودفعت فلوس تتعالج مرضيتش أوديها مستشفى  حكومي عشان متتبهدلش .. حاسس بتأنيب ضمير إني شيلتها على كتفي ودخلتهالهم .. الناس دي عاوزه فلوس ومش في قلبها رحمة".
وفي رسالة وجهها إلى وزير الصحة، قال والد حنين: "دي مسؤولية ربنا ها يحاسبك عليها بنتي أجرمت في ايه؟.. الناس دي لو أذنبت في حق بنتي تتحاسب متكونش مُمتعة وأنا ووالدتها شايفين المرار لفراق بنتنا".
أما عن رسالته إلى الرئيس عبدالفتاح السيسي، فقال متوسلًا: "ربنا يخليك لينا عارف انك تعبان عشانا .. انت مبتنامش بس أنا أب.. بنتي راحت ودفنتها بإيدي علشان قولت تروح مستشفى خاصة تتعالج".
وأكد والد حنين في ختام حديثه أنه سيتوجه إلى قسم العمرانية، صباح غد الأحد لتقديم بلاغ ضد مستشفى الجيزة الدولي التطبيقيين، مشددًا: "هخلي القانون يجيب حق بنتي".