حكم الشرع في «الاجهاض»

إسلاميات

بوابة الفجر



الدورة الشهرية تأخرت عن ميعادها حوالي ستة أيام وأخشى أن أكون حاملا وذلك لأن طفلي الصغير مازال عنده سنتان وكذلك أقوم بإتمام رسالة الماجستير الجزء العملي بها وأخشى أننى لوكنت حاملا أنني أمر بمراحل الحمل من قيء ودوخة وتعب مما يعطلني، فلذلك أرجو إفتائي إن كان يجوز أن أجهض هذا الحمل وهو في بدايته أم لا لأنني أخشى أن يكون الإجهاض في هذه المرحلة حراما ويغضب الله سبحانه وتعالى أرجو إفادتي سريعا ولكم جزيل الشكر
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد: 
فالجنين بعد نفخ الروح فيه لا يجوزإجهاضه بلا خلاف، أما قبل ذلك ففيه خلاف، فجمهور أهل العلم على تحريمه ومنهم من قال بالكراهة، ومنهم من قال بالجواز لعذر، ومنهم من قال بالجواز مطلقا ، ولعل القول بالجواز في الأربعين الأولى إذا كان هناك عذر ومصلحة هو الراحج، وتراجع الفتوى رقم: 8781 ، وإليك تفصيل أقوال أهل العلم من الموسوعة الفقهية قال : في حكم الإجهاض قبل نفخ الروح اتجاهات مختلفة وأقوال متعددة, حتى في المذهب الواحد , فمنهم من قال بالإباحة مطلقا, وهو ما ذكره بعض الحنفية, فقد ذكروا أنه يباح الإسقاط بعد الحمل , ما لم يتخلق شيء منه. والمراد بالتخلق في عبارتهم تلك نفخ الروح. وهو ما انفرد به من المالكية اللخمي فيما قبل الأربعين يوما , وقال به أبو إسحاق المروزي من الشافعية قبل الأربعين أيضا, وقال الرملي: لو كانت النطفة من زنا فقد يتخيل الجواز قبل نفخ الروح . والإباحة قول عند الحنابلة في أول مراحل الحمل, إذ أجازوا للمرأة شرب الدواء المباح لإلقاء نطفة لا علقة , وعن ابن عقيل أن ما لم تحله الروح لا يبعث, فيؤخذ منه أنه لا يحرم إسقاطه. وقال صاحب الفروع: ولكلام ابن عقيل وجه.

 ومنهم من قال بالإباحة لعذر فقط , وهو حقيقة مذهب الحنفية . فقد نقل ابن عابدين عن كراهة الخانية عدم الحل لغير عذر, إذ المحرم لو كسر بيض الصيد ضمن لأنه أصل الصيد . فلما كان يؤاخذ بالجزاء فلا أقل من أن يلحقها - من أجهضت نفسها - إثم هنا إذا أسقطت بغير عذر , ونقل عن ابن وهبان أن من الأعذار أن ينقطع لبنها بعد ظهور الحمل وليس لأبي الصبي ما يستأجر به الظئر ( المرضع ) ويخاف هلاكه, وقال ابن وهبان: إن إباحة الإسقاط محمولة على حالة الضرورة. ومن قال من المالكية والشافعية والحنابلة بالإباحة دون تقييد بالعذر فإنه يبيحه هنا بالأولى , وقد نقل الخطيب الشربيني عن الزركشي: أن المرأة لو دعتها ضرورة لشرب دواء مباح يترتب عليه الإجهاض فينبغي وأنها لا تضمن بسببه.

ومنهم من قال بالكراهة مطلقا . وهو ما قال به علي بن موسى من فقهاء الحنفية. فقد نقل ابن عابدين عنه: أنه يكره الإلقاء قبل مضي زمن تنفخ فيه الروح; لأن الماء بعد ما وقع في الرحم مآله الحياة , فيكون له حكم الحياة , كما في بيضة صيد الحرم. وهو رأي عند المالكية فيما قبل الأربعين يوما , وقول محتمل عند الشافعية. يقول الرملي : لا يقال في الإجهاض قبل نفخ الروح إنه خلاف الأولى , بل محتمل للتنزيه والتحريم , ويقوى التحريم فيما قرب من زمن النفخ لأنه جريمة.

ومنهم من قال بالتحريم , وهو المعتمد عند المالكية. يقول الدردير: لا يجوز إخراج المني المتكون في الرحم ولو قبل الأربعين يوما , وعلق الدسوقي على ذلك بقوله : هذا هو المعتمد. وقيل يكره. مما يفيد أن المقصود بعدم الجواز في عبارة الدردير التحريم. كما نقل ابن رشد أن مالكا قال: كل ما طرحته المرأة جناية, من مضغة أو علقة, مما يعلم أنه ولد , ففيه الغرة وقال: واستحسن مالك الكفارة مع الغرة. والقول بالتحريم هو الأوجه عند الشافعية ; لأن النطفة بعد الاستقرار آيلة إلى التخلق مهيأة لنفخ الروح. وهو مذهب الحنابلة مطلقا كما ذكره ابن الجوزي, وهو ظاهر كلام ابن عقيل, وما يشعر به كلام ابن قدامة وغيره بعد مرحلة النطفة , إذ رتبوا الكفارة والغرة على من ضرب بطن امرأة فألقت جنينا, وعلى الحامل إذا شربت دواء فألقت جنينا. انتهى