10 سنوات على تولى الشيخ صباح الأحمد مسئولية الحكم فى الكويت

العدد الأسبوعي

بوابة الفجر

جعل بلاده نموذجا للوحدة الوطنية ومركزاً للدبلوماسية

■ أمير الكويت: الأمن ليس بديلاً للحرية بل هما متلازمان ويمثلان ضمانة أساسية لاستقرار كل مجتمع وتماسكه

■ إنهاء الكارثة الإنسانية فى سوريا وحقن دماء الشعب وحفظ كيان الدولة.. أبرز ملامح السياسة الكويتية تجاه الأزمة السورية

■ وسط إشادات دولية وبصمات مصرية وروح أوروبية.. الدستور الكويتى دعامة الممارسة الديمقراطية وحصن الحريات

■ نصوص الدستور تعزز الطبيعة الخاصة للمجتمع الكويتى وتدفعه للنمو بلا قيود

10 سنوات مرت على تولى الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح مقاليد الحكم فى الكويت، ويرى المتابعون أن هذه السنوات مرت على الكويت وكانت خلالها ومازالت نموذجا للوحدة الوطنية ومركزا للعمل الخيرى والإنسانى المضىء والمستند إلى صميم القيم الإنسانية، وتبلور ذلك بحصوله على لقب أمير الإنسانية من قبل الأمم المتحدة ومساهمته فى اختيار الكويت عاصمة للإنسانية ومركزا للعمل الخيرى على مستوى العالم، فضلا عن مساهمته فى اختيار الكويت عاصمة للثقافة الإسلامية لعام 2016.

ارتبط اسم الشيخ صباح الأحمد فى التاريخ محليا بمصطلحات مثل القائد الحكيم، حامى الدستور، مخطط المستقبل، وعُرف على المستوى العربى والدولى بمصطلحات مثل رجل السلام وزعيم الإنسانية، وقد يكون المرشح الأول فى المدى القريب لنيل جائزة نوبل للسلام، لما قدمه للأمة العربية والإنسانية جمعاء من مبادرات شملت أسمى معانى النبل والعطاء تمت ترجمتها فى تقديم المساعدات للمحتاجين والجمع بين الفرقاء.

ومن خلال المتابعة الحثيثة لأحداث الكويت تجد أن الشيخ صباح الأحمد ينظر إلى الأمور بعين الإنسان قبل أن ينظر إليها بعين السياسى أو القائد وتشهد الأحداث على ذلك، فهو لا يدخر جهدا لأجل نجدة إخوانه المسلمين والعرب وتخفيف محنهم فى أوطان كثيرة على امتداد الدول العربية والإسلامية الصديقة والعالم أجمع.

مفهوم جديد للمواطنة

كما يوصف أمير الكويت بأنه كبير فى مواقفه وحاسم فى رؤيته التى تهدف الى تأسيس مفهوم جديد للمواطنة العربية القائمة على التآخى بين كل الأطياف وعلى أساس أن كل عمل ناجح يقوم على توحد كل المواطنين بكل فئاتهم سواء فى الكويت أو فى كل الوطن العربى، وهو من يرى أن فى التوحد يكمن استمرار السلام الاجتماعى والازدهار، وبسواعد الشباب الذين يحرص دائما أن يوجه لهم قسما كبيرًا من خطاباته سيعمر الوطن ويبقى حصنه قويا عتيدا عصيا ضد العنف والتفرقة.

دولة عصرية حديثة

وفى أولى كلماته بعد مبايعته أميرا وأدائه اليمين الدستورية فى يناير 2006 ، وعد الشعب الكويتى بتحمل الأمانة وتولى المسئولية، ومواصلة العمل من أجل الكويت وأهلها.

وهو يؤكد فى رسائله وكلماته للشعب الكويتى أن القائد لا يمكنه أن ينجح إلا بتعاون شعبه معه تعاوناً حقيقياً، ودائما ما يناشد المواطنين أن يجعلوا مصلحة الوطن قبل مصلحتهم، ويتجاهلوا منافعهم الذاتية فى سبيل منفعة الجميع، وأن يحترموا القانون والنظام ويحرصوا على مصلحة الوطن وممتلكاته وإنجازاته.

عميد الدبلوماسيين

أثبت الشيخ صباح الأحمد جدارته بحمل لقب رجل السياسة الكويتية وعميد الدبلوماسيين فى العالم، حيث نجح خلال قيادته للديبلوماسية الكويتية فى ربط الكويت دبلوماسياً واستراتيجياً بالعالم الخارجى، فاستضافت الكويت على أرضها أكثر من 95 ممثلية ما بين سفارة وقنصلية ومنظمة دولية وإقليمية وتبادلت معها التمثيل الدبلوماسى والقنصلى، ما يعكس النجاح الذى حققته هذه الدبلوماسية.

وكانت له لمساته الواضحة فى بلورة العديد من الاتفاقيات والمعــاهدات بين صفوف دول مجلس التعاون الخليجى، كما كان له دور كبير فى دعم قضايا العالم الإسلامى، ومشاركات حثيثة ومهمة فى التصدى للمحن التى شهدتها مناطق عديدة من العالم، علاوة على دعوة المجتمع الدولى للقيام بمهامـه والحديث دوماً عن معاناة شعوب العالم وخصوصا الدول النامية والفقيرة المثقلة بالديون والأزمات.

ولعل أبرز ما يجسد تحمل أمير الكويت للمسئوليات الجسام قوله «إن المسئولية جسيمة والعبء ثقيل ولكننا بعون الله وتوفيقه قادرون على تحمل مسئوليتنا بثقة وإيمان وعزم وإصرار مسترشدين بتعاليم ديننا متمسكين بقيمنا وثوابتنا نعلى صوت القانون والحق والعدالة.

ويقول: «لن يكون الأمن والاستقرار بديلا للحرية والديمقراطية بل هما صنوان متلازمان يمثلان ضمانة أساسية لأمن كل مجتمع واستقراره ولنا فيما آلت إليه الدول ذات الانظمة الديكتاتورية خير شاهد ودليل» ، كما يشدد فى خطاباته على علو شأن الدستور واحترامه فهو «حامى الدستور»، مذكرا فى خطاب له فى 2012 بمناسبة الاحتفال بالذكرى الخمسين للمصادقة على الدستور «أن الدول التى تنعم بظلال الحرية والدستور والقوانين والمؤسسات والمجالس المنتخبة وتتمتع بإعلام حر وتمتلك جميع الأدوات الدستورية للرقابة والمحاسبة تكون ممارستها محكومة بالروح الوطنية والتمعن بمعانى القسم البرلمانى العظيم ومتطلباته».

وتسلم الشيخ صباح الأحمد قيادة سفينة الحكم، وهو الربان الماهر والمقتدر بعد عقود من الخبرة وتجارب السنين المعجونة بحنكته السياسية والتفوق الدبلوماسى المشهود له عربيا وإقليميا ودوليا.

مركز القرارات والمواقف

وفى عهد الشيخ صباح تحولت الكويت فى فترة وجيزة إلى مصنع للقرارات العربية والمواقف الدولية والتى كانت نتاجا للفعاليات والمؤتمرات التى احتضنتها أرض الكويت وساهمت بشكل فاعل فى إنجاحها على الرغم من التحديات الكبيرة والأزمات المتلاحقة التى تشهدها الدول العربية.

واتبعت الكويت بقيادة الشيخ صباح الأحمد سياسات وطنية وقومية وإنسانية حجزت لها مكانة عالية فى قلوب الكويتيين المفعمة بالمحبة والولاء، وفى قلوب شعوب العالمين العربى والإسلامى، واستحقت الإعجاب والاحترام على المستوى الدولي فى وقت تعانى بلدان كثيرة فى هذا العالم الاضطراب والفوضى.

ودائما ما يدعو أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد إلى الوقوف بحزم فى وجه كل من يحاول الإساءة للوطن بإثارة النعرات الطائفية أو القبلية أو الفئوية، مطالباً بالارتقاء بالإعلام لممارسة دوره فى تكوين ودعم الرأى العام المستنير الذى يعزز الولاء للوطن ويرسخ روح الوحدة الوطنية.

التعاون مع الجميع

ويشدد الشيخ صباح الأحمد دائماً فى كلماته على أهمية تقوية أواصر التعاون مع الدول الشقيقة والصديقة وتجنب كل ما يعكر صفو العلاقات مع هذه الدول أو الإساءة إليها.

ويرى أن العالم الإسلامى يشهد واقعا مؤلما يتطلب من المسلمين كافة الوقوف صفا واحدا لمواجهة تحدياته فى تكاتف وتآزر عملا بقول رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم «مثل المؤمنين فى توادهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى»، مشيدا ومفتخرا بالقيم السامية التى جُبل عليها أهل الكويت منذ القدم حيث كانوا من السباقين دائما لعمل الخير ومد يد العون لإخوانهم المسلمين فى أنحاء المعمورة كافة.

وتبلورت جهوده لإغاثة المحتاجين والمنكوبين العرب والمسلمين وحتى غير المسلمين فى أحداث كثيرة لعل أهمها المبادرة إلى تنظيم مؤتمر مانحى سوريا ثلاث مرات وتقديمه تبرعات متتالية للشعب السورى الشقيق تجاوزت قيمتها 6 ، 1 مليار دولار علما أن الكويت تعد الأكثر حرصا بين المانحين على الالتزام بالوفاء بهذه التبرعات وفقا لتقارير الأمم المتحدة.

ويعد الشيخ صباح الأحمد أحد أبرز الشخصيات السياسية المؤثرة فى العالم العربى، وصاحب المكانة المرموقة ذات التقدير الكبير على الصعيدين الإقليمى والدولى، وذلك لما يتمتع به من رؤية سياسية عميقة وحنكة جعلته رجل مصالحة فى كثير من الدول ولدى العديد من الجهات المتنازعة، الأمر الذى أدى إلى نجاح الكثير من المبادرات التى أطلقها أو الخلافات التى أزالها وأدت إلى مصالحات ناجحة. ومما لا شك فيه أن الدستور الكويتى لعب دوراً رائدأ فى إقامة حياة ديمقراطية ناضجة فى البلاد وذلك عبر ما تضمنه من مواد جاءت متفقة مع التزام المجتمع الدولى بالتوجه نحو المزيد من توفير الديمقراطية والعدالة والحرية للشعوب، فعلى الرغم من صدوره مطلع ستينيات القرن الماضى إلا أنه لم يغفل تلك الجوانب بل وضع المشرع الدستورى لها مواد وأبواباً مستقلة بين جنباته.

وبالإمكان التعرف على المكانة المتميزة التى يحتلها الدستور الكويتى بين دساتير الأمم من خلال التعرف على رؤية العالم الخارجى له والتى قطعاً تستند لمعايير موضوعية بعيدة كل البعد عن أى محاباة، ومن أبرزها: التقرير الدولى لحرية الأديان وهو تقرير أمريكى معنى برصد أوضاع الحريات الدينية على مستوى العالم، والذى أكد على أن الدستور الكويتى قد وفر حرية مطلقة للمعتقدات وحرية مماثلة للممارسات الدينية بما يتوافق مع التقاليد السارية فى المجتمع.

وفى ذات السياق، تبرز إشادة السيناتور «فيليب مارينى» رئيس مجموعة الصداقة الفرنسية - العربية - الخليجية فى مجلس الشيوخ الفرنسى بالتجربة الديمقراطية فى الكويت والتى يرى أنها مثلت عامل استقرار رئيسى فى منطقة الشرق الأوسط ضاربة نموذجاً يحتذى به فى ميدان الديمقراطية فى منطقة الخليج العربى على نحو خاص.

لم تكن الديمقراطية التى تحياها دولة الكويت حاليا بالأمر المستحدث بل كانت لها جذور ممتدة فى تاريخ الأمة الكويتية والتى رأى حكامها المتعاقبون أنها السبيل والطريق الأمثل لقوة الدولة وتلاحم أبنائها وبنائها على أركان ثابتة لا تعصف بها الرياح.

ومع الانفتاح على العالم الخارجى بدأ الاهتمام بالمشاركة الشعبية فى صنع القرار والتى كان من ثمراتها المجلس التشريعى الذى تأسس فى أواخر يونيو من عام 1938 والذى عُد أول برلمان شعبى فى منطقة الخليج العربى يمارس المشاركة فى الحكم، فكانت الكويت كعادتها سباقة فى نشر الديمقراطية عبر ذلك النموذج.

وقد كان لمصر بصمتها الواضحة على الدستور الكويتى حيث شارك فى وضعه الخبير القانونى للحكومة محسن الحافظ والدستورى عثمان خليل عثمان، وكلاهما مصريان تمت الاستعانة بهما من الجمهورية العربية المتحدة فى ذلك الحين، وقد حرص هذا المجلس فى إعداده لوثيقة الدستور على صياغة نظام الحكم مستمدًا من المبادئ الديمقراطية المستوحاة من واقع الكويت آنذاك وأهدافها المستقبلية.

وهو ما قد كان فتم رفع الدستور إلى الأمير وصدق عليه وأصدره فى 11 نوفمبر 1962 ونشر بالجريدة الرسمية فى اليوم التالى.

وقد اقتبس الدستور الكويتى المبادئ النيرة التى قام عليها من الدساتير العالمية التى سبقته كالدساتير الفرنسية والأمريكية والمصرية، كما اقتبس الكثير من المبادئ من الإعلان العالمى لحقوق الإنسان الذى تم إقراره فى العاشر من ديسمبر عام 1948 لذلك فالكثير من نصوصه تتحدث عن صميم مبادئ حقوق الإنسان ووجوب احترامها، وبذلك يعد الدستور منجم ذهب لهذه الحقوق التى أوصى بصونها علاوة على تبنيه الكثير من الحقوق السياسية والاقتصادية والاجتماعية التى تحفظ للمرأة حقها فى المساواة الكاملة مع الرجل دون تمييز، حيث يضم مواد نصت وأقرت حقوق المرأة فى المساواة الكاملة فى الكرامة الإنسانية والحقوق والواجبات، كما ساوت بين جميع المواطنين دون تمييز أو تفرقة، ولإيمانها بذلك انضمت الكويت الى الكثير من اتفاقيات الامم المتحدة الرئيسية التى تحفظ حقوق الإنسان مثل: العهدين الدوليين الخاصين بالحقوق المدنية والسياسية والحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية لعام 1966 واتفاقية مناهضة التعذيب وغيرها من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة لعام 1984 واتفاقية حقوق الطفل لعام 1996 واتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز العنصرى عام 2003 واتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة لعام 2006.