محمد مسعود يكتب: عبده البقال vs الفوز بالدجال

مقالات الرأي



أزمات تفجير مصر

الاحتقان يزيد والكارثة منتظرة


أزمات ساخنة، تتحول مع الوقت إلى قنابل موقوتة.. تتطلب تعاملاً فورياً وعقلانياً من أولى الألباب.. بداية من أزمة الكرة المصرية النابعة من التعصب الذى أودى بحياة 72 من جمهور النادى الأهلى فى بورسعيد.

وهى الأزمة التى بدأت فى الاشتعال من جديد، من خلال مواقع التواصل الاجتماعى، علاوة على الاحتقان بين جماهير ناديى الزمالك والإسماعيلى بقول اللاعب حسنى عبدربه عند أزمته مع أحمد حسام ميدو: "أنا شعب الإسماعيلية ورايا"، ونهاية بالتراشق الذى يحدث باستمرار بين جماهير القطبين الكبيرين الزمالك والأهلى وتبادل الاتهامات حول البطولات "الحرام".

أزمة المدرجات يقابلها أزمات لا تقل سخونة اشتعلت فى نقابات مصر.. بداية من الأطباء، مرورا بالمهندسين، ونهاية بالمحامين.. وهى أزمات إن انفجرت.. ستمثل خطورة كبيرة على الشارع المصرى.

ينذر واقع الكرة المصرية، وأحداثه، بمقدمات، قد تؤدى نتائجها إلى كوارث جديدة.. فى ظل حالة التعصب الأعمى التى أصابت الغالبية العظمى من جماهير الكرة المصرية بمختلف ميولها وانتماءاتها.

فى اللغة العربية، تبدو المسافة شاسعة بين الكرة و"الكُره"، أو بالأحرى الكراهية، لكن فى الحقيقة، هناك ارتباط كبير بين الكرة والـ"كُره"، لأن مشاعر المشجعين، أصبحت مشحونة بالاحتقان والترصد والرغبة فى الانتقام التى تصل إلى درجة القتل.

ولعل مجزرة بورسعيد التى راح ضحيتها 72 من مشجعى النادى الأهلى "الأولتراس"، لا تزال موجعة، لذوى القتلى وأصدقائهم، ولكل من شاهد الموت بعينيه ولم يكن له منه نصيب فى ذلك اليوم المشئوم.

اليوم الذى جعل الجميع يتراجع عن التكبر والتعصب.. واضعين كرة القدم فى حجمها الطبيعى كلعبة.. وصناعة، وقتها وقف الجميع على قلب رجل واحد، يقدمون التبرعات للأهالى ويذرفون الدموع لرحيل أبنائهم ويتقبلون العزاء فى شهداء تورط كل من أشعل الفتن فى دمائهم.

بعدها، استشهد 20 من جمهور الزمالك فى حادث الدفاع الجوى لتعود نغمة الكف عن التعصب.. والتشجيع المثالى.

والآن، بردت دماء القتلى، واشتعلت سخونة المنافسة من جديد، بين الأهلى والزمالك، الوصيف والبطل فى الموسم الماضى.. وبات التراشق بين جماهير الناديين الكبيرين على أشده، بعد تصريح الكابتن الكبير عادل هيكل بأن الراحل "عبده البقال" كان يشترى بعض المباريات الحاسمة لصالح النادى الأهلى، ما دفع جمهور الزمالك لمعايرتهم بأن بطولاتهم "الحرام" كانت صناعة الحكام من ناحية، وعبده البقال من ناحية أخرى، غير أن رموز النادى الأهلى استنكروا كلام الكابتن الكبير، وسربوا بعض الشائعات بأنه يعانى من مرض "الزهايمر" رغم أنه ذكر المباريات بتاريخها.. وكان التاريخ صحيحا غير أن الوقائع لا يمكن إثباتها.

المعايرة انتقلت هذه المرة للطرف الآخر، عندما أجرى أحمد حسام ميدو المدير الفنى "المخلوع"، من الزمالك بقرار مجلس الإدارة بأن هناك أشياء تحدث فى الفريق، يعلمها ويحتفظ بها ولن يبوح بها إلا فى الوقت المناسب، ثم يبدو أنه قرر أن الوقت المناسب قد حان فى نفس المداخلة الهاتفية على قناة "الحياة" مع سيف زاهر فى حلقة كان ضيفها النجم الكبير حازم إمام.

ميدو صرح على الملأ، بأن الزمالك كان يصطحب أحد الشيوخ فى مبارياته، وأن الشيخ كان يركب بالفعل أتوبيس اللاعبين المتجه للمباريات، بينما كان يحصل فى المباراة الواحدة على سبعة آلاف جنيه، وهو الأمر الذى نفاه رئيس الزمالك شكلا ومضمونا، مطالبا ميدو بتقديم الدليل على كلامه، غير أن الأخير الذى كان قد أكد أنه يملك الصور والأدلة على كلامه، لاذ بالصمت، قبل أن يحاول تجميل ما قاله، بأن الزمالك لم يفز بالدورى والكأس عن طريق الدجال، ولكن لأنه كان الأفضل فى الموسم الماضى من جميع الوجوه.

كلام ميدو لم يصحح خطأه، وإن كان الزمالك بالفعل كان الأفضل والأكثر استقرارا على المستويين الفنى والإدارى، لكنه جعل من الزمالك، أضحوكة لجماهير النادى الأهلى التى قالت فى سخرية واضحة إن بطولات الزمالك، لعب الدجال فيها الدور الرئيسى.

لتصبح الكفتان متعادلتين.. كفة الدجال.. وكفة البقال.. وبين البقال والدجال يزيد الاحتقان بين الطرفين.. ما قد يؤدى إلى أعمال عنف جديدة.

والحقيقة أن الدولة لا تحتمل أى أعمال عنف خاصة بكرة القدم، لأن الغالبية العظمى من الجمهور فى سن يصعب السيطرة عليها، ولعل حوادث اقتحام الأهلى وسباب رموز الدولة من قلب مختار التيتش، ومحاولة قتل رئيس الزمالك، كفيلة بأن تدق ناقوس الخطر.

والمخيف، أن الاحتقان المتراكم بين الأهلى والنادى المصرى البورسعيدى، انتقل بدوره– لكن بشكل أقل– بين الزمالك والإسماعيلى، بعد تصريح حسنى عبدربه إبان أزمته مع ميدو أن خلفه شعب الإسماعيلية بأكمله.. وكأنها حرب بين الأندية.. يكون ضحاياها من الأبرياء.

أوقفوا التعصب.. أو أوقفوا الصناعة واجلسوا فى منازلكم.