تاج الدين عبد الحق يكتب: مهام وزير السعادة في حكومة 5 نجوم

مقالات الرأي

أرشيفية
أرشيفية


شغلت وزارة السعادة الإماراتية، الرأي العام العربي والعالمي خلال الفترة الأخيرة، وأوضح تاج الدين عبد الحق مهام الوزارة في مقال بصحيفة إرم نيوز التي يرأس تحريرها جاء نصه كالآتي:_ 



الإمارات بإعلان نيتها إنشاء وزارةٍ للسعادة، لا تبحثُ عن مدينةٍ فاضلةٍ لايجدها البعضُ إلاّ في الخيال، بل تحاول تطوير مقومات السعادة التي وفرتها بالفعل لساكنيها.


لا أدري إذا كانت واجبات ومسؤوليات وزارة السعادة التي أعلن عنها الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، قد تم تحديدها، وتوصيفها لكنني متأكدٌ من أن الوزيرَ المنتظر سيسرق الأضواء، في الداخل، والاهتمام في الخارج. فالمنصب غير مسبوق، وغير معروف في تاريخ الحكومات. كما أنه منصبٌ غريبٌ؛ لأنه يتعامل مع معنى وقيمة إنسانية ليس لها مقياس عملي معروف إلى الآن.

قد لا نملك معلومات كافية عن حيثيات اتخاذ القرار، ولا مبرراته، إلا أن المؤكدّ أنه قرار واعٍ، لقيادة جريئة، تعودنا منها روح الإقدام وعنصر الابتكار.

هو قرار واعٍ، ومدروس؛ لأنه يقدم الإمارات ويسوقها كواحة آمنة في إقليم مضطرب. فالذي يبحث عن السعادة كممارسة يومية لا كقيمة معنوية فقط، هو من قطع شوطًا واسعًا في توفير مقومات السعادة، وتجسيدها كواقع معاش. والأمثلة على ذلك كثيرة وعديدة:

فالأمن الذي تعيشه الإمارات، وينعم به مواطنوها، والمقيمون فيها، والزائرون لها هو وجه من وجوه السعادة، والنظافة التي يلمسها القاصي والداني في كل ركنٍ من أركان الدولة، ومؤسساتها، ومبانيها، وشوارعها هي مظهر من مظاهر السعادة.

الوفرة التي تعكس نفسها في كل شيء، وضمن مستويات راقية من الخدمات الصحية، والتعليمية، والعمرانية هي أيضا مصدر من مصادر السعادة.

بلد يندر فيه الفساد، وتنعدم فيه الرشوة، ويعلو فيه القانون هو بلد سعيد!

بلد تتوفر فيه الفرص، وتحتضن فيه المواهب، وتقدم لها الجوائز، والمحفزات بلد سعيد!

مجتمع يسوده التسامح رغم التنوع في الأعراق، والأجناس، والألوان، والأديان، ومجتمع تتعايش فيه العادات، والتقاليد في إطار من الاحترام المتبادل للخصوصيات هو مجتمع سعيد!

مؤسسات تواكب العصر في كفاءتها وأدائها، وتبتعد عن الروتين هي مبعث سعادة لكل الذين خبروا الوقوف في طوابير لساعات طويلة وفي مراجعات لأيام وشهور عديدة من أجل إنجاز معاملة لا تستغرق من الموظف إلا عدة دقائق.

الشوارع الفسيحة، والجسور، والأنفاق، ووسائل المواصلات الحديثة، والنظيفة، التي توفر اختيارات مرور آمنة، ومريحة هي مبعث للسعادة لا يعرف قيمتها إلا من اكتوى بنار الاختناقات المرورية، وأصيب جهازه التنفسي بالحساسية جراء التلوث، والانبعاثات الكربونية من عوادم السيارات، والباصات.

حرية التعبير النسبية التي نجد لها تجليات في مئات القنوات الفضائية والمؤسسات الإعلامية التي اتخذت من دولة الإمارات مقرات إقليمية لها هي أيضا عنصر هام من العناصر المكونة للسعادة.

عندما يأخذ الاهتمام بالأجيال المقبلة نفس الاهتمام الذي تشعر به الأجيال الحاضرة، فإننا لا نحيا السعادة كلحظة عابرة، بل كقيمةٍ دائمةٍ نتشبث بها، ونحرص عليها.

الإمارات بإعلان نيتها إنشاء وزارة للسعادة، لا تبحث عن مدينة أفلاطون الفاضلة، بل تحاول تطوير مقومات السعادة التي وفرتها بالفعل لساكنيها، بحيث تتحول من بلدٍ يبحث عن السعادة، إلى بلدٍ ينتجها ويصبح أنموذجا لها ومقياسا ينسج الآخرون على منواله.