عبدالحفيظ سعد يكتب: قيادى إخوانى يستولى على 30 مليون جنيه من أموال إغاثة أسر الإخوان

مقالات الرأي



■ الأموال المنهوبة داخل التنظيم من محمود حسين لمسئول الإغاثة بشرق القاهرة ■ «شقير» هرب برواتب الجماعة الشهرية لأسر مرسى والشاطر وبديع ■ اتهامات بسرقة أعضاء التنظيم وصلت لأعلى القيادات نتيجة غياب القيادات المسيطرة

الحديث لا ينقطع داخل تنظيم الإخوان الآن، عن سرقات أموال الجماعة، بعد قيام العديد من قيادات التنظيم بالاستيلاء على أمواله لصالحهم، ولعل أبرز ما أثير الاتهامات التى وجهت من المجموعة المتصارعة على إدارة التنظيم والمعروفة باسم «المكتب الإدارى» التى اتهمت الأمين العام للتنظيم محمود حسين بالفساد المالى، وأنه استولى على أموال لصالح الجماعة لصالحه وأنه يمنح الأموال لأتباعه فقط سواء الهاربين فى تركيا أو الموجودين فى مصر.

قصص الفساد المالى داخل الإخوان، لم تقتصر فقط على ما وجّه إلى أمين التنظيم محمود حسين فى إطار الصراع الدائر بين قيادات الجماعة، بل امتدت أحاديثه عن قيام عدد من قيادات التنظيم بالاستيلاء على أموال مخصصة للمعونات والرواتب الشهرية التى يمنحها التنظيم لأسر وقيادات الجماعة، ليس داخل مصر فقط، بل الحديث عن الأموال والمصروفات للتنظيم فى تركيا واستحواذ مجموعة على المخصصات لصالحهم، وهو ما تسبب فى أزمة القيادة داخل التنظيم.

ولعل أبرز هذه الوقائع القضية الأخير التى حدثت داخل مصر، والتى تسربت من داخل التنظيم يتهم فيها أحد القيادات البارزة للإخوان فى شرق القاهرة، وهو «خ. أ.ع . شقير» والذى تمكن من الاستيلاء على مبلغ يصل إلى 30 مليون جنيه من الأموال المخصصة من التنظيم كإعانات لأسر المسجونين من أعضاء الجماعة فى شرق القاهرة.

وتدور وقائع قصة نصاب التنظيم «شقير»، وهو من القيادات الوسطى فى التنظيم وله استثمارات فى مجال المقاولات والسيراميك، بالإضافة لامتلاكه محجراً فى منطقة النوبة بأسوان، عندما صدرت له تكليفات أن يتولى عملية توزيع الأموال المخصصة لأسر قيادات التنظيم وكوادره فى منطقة شرق القاهرة، عقب القبض على المسئول عن ملف الإعاشة فى التنظيم.

فى البداية كان يستلم «شقير» عبر زوجته الملقبة بـ«أم عبدالرحمن» مبالغ مالية محدودة، عبر وسيط من زوجة محمود عزت، للصرف الشهرى على الأسر، وكان يستلم الأموال على هيئة ذهب وأموال بالعملات الأجنبية التى كان يقوم بتغييرها، لكن «شقير» طلب من مسئولى الإعاشة فى التنظيم أن يتم منحه مبلغا كبيرا يكفى لعدة أشهر خوفا من أن يكتشف أمره ووجود متابعة أمنية له، بالفعل حصل «شقير» على عدة دفعات حتى وصل إجمالى المبلغ 30 مليون جنيه، فى شكل مصوغات ذهبية وعملات أجنبية.

واختفى القيادى الإخوانى بعد حصوله على الأموال المخصصة كرواتب شهرية تصرف لأسر التنظيم المسجونين أو الهاربين. وعقب ذلك أبلغت أسر السجناء الإخوان فى شرق القاهرة بعدم وصول المخصصات الشهرية لها، خاصة أن منطقة شرق القاهرة التى تضم مناطق المطرية والزيتون ومصر الجديدة ومدينة نصر والقاهرة الجديدة والتى يعيش فيها غالبية أعضاء مكتب الإرشاد، بداية من خيرت الشاطر ومحمد مرسى وغالبية قيادات مكتب الإرشاد، ويفسر ذلك ضخامة المبلغ الذى تم الاستيلاء عليه لضخامة المبالغ المخصص لعائلات كبار التنظيم والتى تصل إلى 30 و40 ألف جنيه فى بعض الأحيان.

وعندما عرفت قيادات الإخوان بأمر اختفاء «شقير»، بدأت عملية البحث عنه لمعرفة سر اختفائه، مع وجود احتمال القبض عليه، لكن اكتشف الإخوان أن القيادى «شقير» لم يقبض عليه واختفى هو وأسرته بالمبلغ الذى حصل عليه، وأشارت مصادر قريبة من الإخوان إلى أن القيادى هرب إلى أسوان لوجود سكن له بالقرب من المحجر الذى يديره فى منطقة النوبة، وهو المحجر الذى حصل عليه عن طريق عضو مجلس شعب إخوانى من وسط القاهرة، وله أصول نوبية وهو الذى ضمن «شقير» ليتولى عملية توزيع الأموال على أسر التنظيم. وطلبت قيادات الإخوان من عضو مجلس الشعب أن يتعقب القيادى الإخوانى الذى نصب على الجماعة والسعى لاستعادة الأموال.

ما حدث فى واقعة «شقير»، بدأ يتكرر بصورة كبيرة داخل الإخوان فى الفترة الأخيرة، خاصة بعد قيام التنظيم باعتماد أسماء حركية للمجموعات التى تتحرك على الأرض، خوفا من الملاحقة الأمنية، لكن ذلك أدى لوقوع عمليات استيلاء على الأموال وودائع الذهب التى لدى التنظيم.

والحديث عن عمليات السرقة داخل التنظيم، لم تقتصر على واقعة القيادى «شقير»، بل امتدت لقيادات أخرى داخل التنظيم، برزت على السطح منها الاتهامات التى لاحقت أمين التنظيم الهارب ما بين قطر وتركيا، محمود حسين والذى يعد المتحكم فى أموال الجماعة حاليا، مع القائم بأعمال المرشد محمود عزت، وبرزت الاتهامات التى وجهت لأمين التنظيم بعد الصراع على إدارة الجماعة بين مجموعة مكتب الإرشاد والمكتب الإدارى الذى يعمل فى تركيا.

كما أن هناك قصة أخرى تتعلق بالسرقات المالية من أموال التنظيم وبطلها جمعة أمين، نائب مرشد الإخوان والذى توفى مؤخرا، وظهرت قصة حصوله على أموال التنظيم، قبل تفجر أحداث ثورة 25 يناير، عندما رفض أن يرد للإخوان ملكية إحدى المدارس التى كان يديرها فى الإسكندرية، وتسبب ذلك فى استقالة عضو مجلس شورى التنظيم خالد داود عام 2010، عندما اتهم قيادات الإخوان بالتستر على الأموال التى حصل عليها جمعة أمين وكانت عبارة عن أصول المدرسة المملوكة للتنظيم.

وسبق أن أثار عبد الستار المليجى عضو مجلس شورى الإخوان الأسبق، قبل ثورة 25 يناير عملية السيطرة على أموال التنظيم من قبل قيادات بعينها، وتحديدا خيرت الشاطر وحسن مالك، المعروف عنهما أنهما يديران أموال تنظيم الإخوان، كما يعتمد الإخوان فى إخفاء أنشطتهم المالية على طريقة تقوم على منح أعضاء بالتنظيم أموال الجماعة ليقوموا بإدارتها لصالح الإخوان، لكن تسبب ذلك فى عدة أزمات للإخوان، تمثلت فى قيام عدد من الأعضاء بالاستيلاء على أموال التنظيم، عندما تواجه الجماعة أزمة سياسية وأمنية، مما يدل أن الاتهامات بالنصب على التنظيم من قبل قيادات وكوادر الجماعة ليست وليدة المرحلة الحالية فقط.

وهناك الواقعة شهيرة التى حدثت فى عام 1996، عندما انشقت مجموعة حزب الوسط عن الإخوان، فظهرت اتهامات إخوانية لقيادات الوسط التى خرجت من التنظيم بأنهم استولوا على أموال الجماعة التى كانت بحوزتهم، وهى الاتهامات التى وجهت لكل من عصام سلطان وأبو العلا ماضى بأنهما حصلا لنفسيهما على شقة كانت ملك الإخوان فى شارع قصر العينى، كما اتهم كل من صلاح عبدالكريم من قبل الإخوان بأنه حصل على شركة مقاولات تابعة للتنظيم وكان يديرها، ونفس الاتهام وجّه أيضا إلى المهندس محمد عبداللطيف، بأن حصل على شركة لأجهزة الكمبيوتر.

الاتهامات الإخوانية لأعضاء التنظيم لم تقتصر فقط على الأعضاء الذين تركوا الجماعة، فسبق أن وجهت اتهامات من الإخوان إلى عاصم شلبى المسئول عن النشر فى التنظيم، بأنه استولى على مبالغ ضخمة تخص الجماعة كانت فى حوزته، خاصة بعملية بيع الكتب التى ينشرها التنظيم.

وترجع زيادة عملية النصب والاستيلاء من قبل أعضاء الإخوان على أموال التنظيم، إلى اعتماد الجماعة فى إخفاء أموالها التى تأتى غالبيتها من مصادر غير شرعية نتيجة عملية التحويلات الخارجية أو غسيل الأموال، بأن تقوم بوضعها بأسماء أشخاص تابعين للتنظيم، أو من أهل الثقة، تودع الأموال بأسمائهم حتى لا تقع تحت الرقابة الأمنية نتيجة وضع التنظيم غير الشرعى. لذلك زادت عملية توزيع الإخوان للأموال بعد 30 يونيو وأصبح غالبية قيادات التنظيم هاربة أو مطلوبة أمنيا، فلجأ الإخوان إلى تسليم أموال التنظيم لعناصر بعيدة عنه وغير مدرجة أمنياً، مما زاد من عملية الاستيلاء على الأعمال، وقيام عدد من الأشخاص بالاستيلاء على الأموال التى تحت حوزتهم، بعد تغيب الجماعة عن المشهد وعدم قدرتهم على ملاحقة أو مطالبة من يستولون على هذه الأموال.