مى سمير تكتب: وكر الجواسيس
أمريكا تساند إسرائيل فى العلن و«تتجسس» مع بريطانيا عليها سراً
1
وكر الجواسيس
فى عالم الجواسيس والمخابرات لا يوجد أصدقاء أو حلفاء، وكما تساند أمريكا والغرب الكيان الصهيونى فى العلن، فإن أجهزة الاستخبارات لهذه الدول - كما تتجسس على بعضها البعض- تتعاون أيضا من أجل التجسس على إسرائيل.
وبحسب موقع إنترسبيت الأمريكى، فإن المخابرات الأمريكية والبريطانية سجلت لقطات فيديو للطائرات بدون طيار الإسرائيلية، وتجسست على العمليات العسكرية الإسرائيلية فى غزة وعلى استعدادات إسرائيل لتوجيه ضربة محتملة لإيران، واحتفظت بأشرطة لتكنولوجيا الطائرات بدون طيار الإسرائيلية والتى يتم استيرادها من مختلف أنحاء العالم، وتستخدم فى عمليات التجسس والمراقبة.
الموقع الإخبارى الأمريكى، نشر التفاصيل الكاملة لعملية التجسس الشهيرة التى تم تسريب الوثائق الخاصة بها من قبل إدوارد سنودان ولم يتم الكشف عنها إلا مؤخرا، وبحسب هذه الوثائق، ففى إطار برنامج سرى أطلق عليه اسم «الفوضوى»، استهدف مكتب الاتصالات الحكومية البريطانية (إحدى الوكالات التابعة للمخابرات البريطانية) بالتعاون مع وكالة الأمن القومى الأمريكية بشكل منهجى برنامج الطائرات بدون طيار الإسرائيلية من مقر تابع للمخابرات البريطانية على قمة جبل فى جزيرة قبرص بالبحر الأبيض المتوسط.
وتشمل الملفات التى تم الإفراج عنها فيديوهات عن هذه الطائرات تظهر ملفات البيانات، رسم خرائط لمواقع هذه الطائرات ومسارات رحلاتها الجوية، وعلى الرغم من أن هذه الوثائق قد أشعلت التوتر بين إسرائيل من جهة وأمريكا وبريطانيا من جهة أخرى، إلا أنها فى النهاية تكشف عن واحدة من أهم برامج التجسس على العالم العربى وهو برنامج (الفوضوى) كما أن هذه الوثائق تكشف حجم تكنولوجيا الطائرات بدون طائرات الإسرائيلية والتى تستخدم لأغراض استخباراتية وعسكرية ضد الوطن العربى.
2
وكر الجواسيس فى قبرص
يعمل برنامج «الفوضوى» من قاعدة جوية بريطانية فى جبال ترودوس بالقرب من جبل الأوليمبوس الذى يعد أعلى نقطة فى قبرص، غير أن المقر الاستخباراتى البريطانى القابع فى جبال قبرص يعد منذ فترة طويلة بمثابة جوهرة التاج للأعمال الاستخباراتية المشتركة بين مكتب الاتصالات الحكومية البريطانية ووكالة الأمن القومى الأمريكية فى منطقة شمال إفريقيا، بلاد الشام وتركيا.
ويستهدف هذا المركز فى المقام الأول مراقبة الأنشطة العسكرية للدول فى هذه المنطقة، وبحسب مذكرة ضمن المذكرات المسربة عن أنشطة هذا المقر الاستخباراتى فإنه فى وقت الأزمات يكون الحصول على معلومات دقيقة ومؤكدة السبيل الوحيد لدعم عمليات الولايات المتحدة والدول الحلفاء فى المنطقة.
وكانت جريدة الإندبندنت البريطانية قد نشرت تقريرا أشارت فيه إلى أن وثائق خاصة بالمخابرات البريطانية كشفت أنها - بفروعها المختلفة- كانت حريصة على الحفاظ على ما أسمته محطة التنصت فى قبرص حتى بعد استقلال الجزيرة، ووصف عملاء المخابرات البريطانية الجزيرة التى تقع فى شرق البحر الأبيض المتوسط بالبقعة الاستراتيجية بالغة الأهمية فى منطقة الشرق الأوسط.
3
الطائرات الإسرائيلية
وتظهر بعض هذه الفيديوهات التى تم التقاطها فى عامى 2009 و2010 الطائرات الإسرائيلية بدون طيار وهى تحمل صواريخ، ورغم عدم دقة هذه اللقطات إلا أنها تقدم دليلا بصريا يدعم التحليلات العسكرية التى تشير إلى أن إسرائيل تشن هجمات سرية باستخدام هذه الطائرات وهو الأمر الذى لن تعترف به الحكومة الإسرائيلية.
ووصف المحلل الأمريكى كريس وودز صاحب كتاب (العدل المفاجئ: تاريخ الحروب بدون طيار) أن هذه الوثائق هى أول صورة لطائرات بدون طيار إسرائيلية يتم نشرها بشكل عام وعلنى، كما تضمن تحليلا للاستخبارات البريطانية إشارة إلى قيام إحدى شركات إنتاج الطائرات التى تمتلكها الحكومة الإسرائيلية بإنتاج طائرة بدون طيار عملاقة فى عام 2012.
وبحسب الوثائق، يرجع تاريخ بعض الفيديوهات إلى عام 1998، وترصد نفس الوثائق العمليات العسكرية التى قامت بها إسرائيل للتصدى للضربات بدون طيار من قبل سوريا وحزب الله.
وتشير وثيقة يعود تاريخها إلى عام 2009، عن قيام هذا البرنامج برصد إشارات مرتبطة ببرنامج الطائرات بدون طيار لدى حزب الله، غير أن تقريرا آخر أشار إلى التقاط فيديو لطائرة بدون طيار إيرانية الصنع تنطلق من قاعدة جوية سورية فى مارس 2012، لكن أغلب التقارير الاستخباراتية البريطانية تركز على برنامج الطائرات الإسرائيلية وتسجل التقارير مجموعة من هجماتها على فلسطين، كما تشير إلى احتمال توجيه ضربات ضد إيران.
الوثائق أشارت أيضا إلى العلاقة المعقدة التى تجمع بين الولايات المتحدة وبين إسرائيل، فعلى الرغم من الدعم الأمريكى غير المحدود لإسرائيل، لكن يبدو أن تعاون وكالة الأمن القومى الأمريكية مع المخابرات البريطانية للتجسس على إسرائيل يعكس حقيقة الخوف الأمريكى من إقدام الأولى على أعمال عسكرية من شأنها أن تساهم فى مزيد من الاضطرابات بمنطقة الشرق الأوسط.
وتعد إسرائيل حليفا للولايات المتحدة فى حربها على الإرهاب، وبين الدولتين مذكرة تفاهم يعود تاريخها إلى عام 2009 والتى تسمح لإسرائيل بالاطلاع على جميع المعلومات الاستخباراتية التى تجمعها وكالة الأمن القومى الأمريكية، لكن يبدو أن العلاقات الاستخباراتية بين إسرائيل وأمريكا متوترة وهو الأمر الذى انعكس فى تصريحات مايكل هايدن المدير السابق للمخابرات الأمريكية ووكالة الأمن القومى الذى أشار فى لقاء مع مجلة وول ستريت جورنال إلى أن الرئيس أوباما طلب من المخابرات الأمريكية عدم التجسس على رؤساء الدول الصديقة لأمريكا مع استثناء رئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو وعدد من الوزراء الإسرائيليين.
ومن ضمن العمليات السرية التى رصدتها المخابرات البريطانية بالتعاون مع وكالة الأمن القومى الأمريكية، عملية يعود تاريخها إلى 3 يناير 2008، حينما قامت إسرائيل بشن مجموعة من الضربات العسكرية ضد عدد من التنظيمات العسكرية فى غزة، وتولى قمر صناعى متخصص فى المراقبة تتم إدارته من منطقة مينوز هيل فى بريطانيا وتحت إشراف وكالة الأمن القومى الأمريكية، برصد الهجمات العسكرية الإسرائيلية باستخدام طائرات بدون طيار ضد غزة فى عام 2008، وسجل المركز أكثر من 20 فيديو مختلفا عن الضربات الإسرائيلية.
وفى يوليو 2008، طلب مكتب الاتصالات الحكومية البريطانية من العاملين فى برنامج (الفوضوى) بمراقبة تحركات الطائرات بدون طيار الإسرائيلية فوق مرتفعات الجولان، قطاع غزة، والحدود اللبنانية مع الكيان الصهيونى.
وتمكن برنامج التجسس الفوضوى من رصد أنواع مختلفة من الطائرات بدون طيار الإسرائيلية ومن ضمنها طائرات هيرون تى بى، طائرات عيرميس المصنعة من قبل شركة أنظمة ألبيت الإسرائيلية، والطائرات بدون طيار التكتيكية أيروستار، كما تضمنت لقطات تم التقاطها للطائرات هيرون تى بى وهى تحمل معدات تحت أجنحتها تبدو وكأنها صواريخ، وصور أخرى كانت تحمل فيها الطائرات أجهزة استشعار عن بُعد، وفى عام 2010 تم التقاط صورة واضحة لطائرة إسرائيلية تحمل صاروخا تحت جناحها الأيمن.
وتصف إسرائيل طائرات هيرون تى بى بأنها الطائرات القادرة على الوصول إلى إيران، وتتمتع بأجنحة يصل حجمها إلى 85 قدما وبالتالى تعد أكبر من طائرات الريبر وهى أكبر طائرة بدون طيار يملكها الجيش الأمريكى، ويمكن لها حمل حمولة يصل وزنها إلى طن.
وتصف وثائق برنامج «الفوضوى» عملية التجسس على إسرائيل بأنها ضرورية فى ظل الأعمال العدائية بين إسرائيل وحماس وكذلك التوتر بين إيران وطهران، وأضافت: إن تتبع برنامج الطائرات بدون طيار الإسرائيلية يوفر فرصة جيدة من أجل الكشف الأولى عن أى ضربة محتملة استباقية أو انتقامية قد تقوم بها إسرائيل ضد إيران.
وبحسب مذكرة يعود تاريخها إلى عام 2008، فإن برنامج الطائرات بدون طيار الإسرائيلى متقدم للغاية، وتقوم إسرائيل بتصدير هذه التكنولوجيا للعديد من الدول، كما أنها تعمل على تطوير أسطولها من الطائرات بدون طيار من أجل تنفيذ مهام مختلفة ومتنوعة.