محمد مسعود يكتب: «شادى.. ومالك» .. سقوط شابين فى «واقى ذكرى»
أمسك بيده الواقى الذكرى، وفض عذريته بأنفاس جعلته بالونى الشكل، غير أن أنفاسه لم تكن سوى نفخ فى النيران، التى طالته شخصيا.. وامتدت إلى مستقبله.
لم تكن الشهرة هى غرض شادى من الفيديو، وإن كان أصبح شهيرا بالفعل بعد عرضه ومشاهدته مئات الآلاف من المرات، لكنها فى الحقيقة شهرة لا تزيد عن شهرة مغتصب أو قاتل، استمد شهرته من صفحات الحوادث.
لكن الغرض الأساسى للفعلة، ثم تصويرها، هو توجيه الإهانة لجهاز الشرطة، وإن كان قد وجهها بالفعل لمجموعة من العساكر، الذين لا يعلمون خبث نواياه، أو حتى حقيقة ما قدم إليهم، كهدية مسمومة مع ابتسامة صفراء، على وجه شاب أصابته رصاصات مطاطية، أثناء ثورة الخامس والعشرين من يناير، إذن السبب انتقامى بحت، كما أراد المدافعون عنه تصديره، قالوا: «لم يتحدث أحد عندما أصابته الرصاصات المطاطية من جنود حبيب العادلى، بينما تتحدثون الآن».
والحقيقة أنه لا يجوز بأى حال من الأحوال، المقارنة بين الواقعتين، فالأولى كان ثمنها إسقاط نظام كامل والزج برئيس الجمهورية ووزير الداخلية نفسه إلى السجن، أى أنه لو كان له حق، فقد حصل عليه بإسقاط النظام، وإذا ما افترضنا أنه صاحب حق فعلا - وهذا غير صحيح - ولم يحصل عليه.. فهل يتم أخذ الحقوق بهذه الطريقة الساذجة التى إن دلت فإنما تدل على خواء عقلى كامل، لشاب انتهج منهج الاستهتار والبلطجة.
البلطجة؟.. نعم، فلشادى صورة أخرى غير التى يصدرها الموافقون على تصرفه الذى حط من كرامة جنود يدافعون عن أمنه الشخصى، وهو ممسكا بلافتة مكتوبا عليها «ممنوع الاقتراب أو التصوير منطقة عسكرية» وذلك فى زمن الانفلات الأمنى.. إذًا هو لم يقف فى الميدان لينادى بإسقاط نظام سقط بالفعل، وإنما هو ممن تعدوا على مؤسسات الدولة، لذا فمن السهل على من تعدى على الدولة نفسها، أن يتعدى بقلب بارد ودم أبرد على جنود هم فى كل الأحوال «عباد المأمور»، ويبقى سؤال: هل شعر شادى برجولته، بعد أن سخر من الجنود؟.. هل ردت إليه كرامته إن كان إنسانا له عقل وكرامة؟
شادى كان الطرف الأول فى الفيديو، أو بالأحرى الطرف المحرض، إذا ما كانت كلمات الممثل أحمد مالك على جانب من الصدق، بأن الأمر برمته لم يخرج عن إطار السخرية، وأنه لم يكن يعلم أن شادى سيصور الفيديو ويذيعه على مواقع التواصل الاجتماعى.
«مالك» بهذا التصريح، باع شادى، ولم يظهر فى مظهر الثائر الذى أصيب عند دفاعه عن الوطن، فمن قالوا إنه دافع عن الوطن لم يدافع حتى عن شريكه فى جريمة إهانة الشرطة التى شاركه فيها بكامل إرادته، وكونه لا يعلم بأمر تصوير الفيديو فمن المؤكد أنه لن يعفيه من المسئولية، لأن الإهانة إهانة، سواء كانت مصورة، أو غير مصورة.
الحقيقة أننا أمام أفعال صبيانية، يدفع ثمنها فى النهاية، ذووهم، فكانت اللحظات قاسية، مرت على الأب بصعوبة فور مشاهدته لفيديو «الواقى الذكرى» الشهير، الذى كان ابنه أحمد مالك أحد أطرافه، وكتب الوالد الكابتن طيار مالك بيومى، مستشار وزير الطيران، ورئيس الاتحاد العام للنقابات المستقلة على موقع التواصل الاجتماعى الفيس بوك «للأسف اللى عمل الأعمال دى.. شايل اسمى».
بخلاف الوالد، تعرض شادى ومالك لهجوم حاد الأمر الذى دفع الأخير للاعتذار أكثر من مرة ، ودفع الأول لتحويل الأمر على أنه نوعاً من الدعابة، لكن حرصاً على مستقبلهما، علينا أن نضع فى الاعتبار عوامل السن والخبرة وأن يعاقبا بالقدر الذى يتناسب مع أعمارهما كشباب لم ينضج بعد.